الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من وسواس الموت، فهل سيفيدني علاج اللوسترال؟

السؤال

السلام عليكم..

كنت أستخدم دواء كالميبام وديبرام 4 سنوات كاملة؛ لأني كنت أعاني من نوبة هلع سابقة ووسواس الموت، وفي هذا العام قررت إيقاف كالميبام واستبدلت الديبرام بريميرون، وبعد 7 أشهر عادت لي نوبة الهلع قوية جدا، وبعد اختفائها سببت لي مشاكل جسدية، منها عدم وضوح الرؤية، ووسواس الموت، قلق زائد، طنين بالأذن، ثقل بالرأس.

حاولت العودة للكالميبام، استخدمته ١٧ يوما ولم أحس بتحسن، ذهبت لعدة أطباء لم أشعر بأي تحسن، آخر طبيب زرته كان طبيب مخ وأعصاب، وطلب مني أشعة رنين على المخ؛ لأني كنت أعاني من ثقل الرأس بعد نوبة الهلع، والأشعة -الحمد لله- سليمة، المهم حكيت كل الأحداث لطبيب المخ والأعصاب، فصرف لي لوسترال قرص صباحا، وبوسبار قرص صباحا ومساء، وسريكويل ٢٥ قرص ليلا، استخدمت اللوسترال منذ ١٩ يوما ولم أحس إلا بأعراضه الجانبية من جفاف الفم، وانعدام الشهية، والدوخة، والخمول، وسبب لي ارتفاع في ضغط الدم بسيط ٩٠/١٣٠.

حالتي مذبذبة، أوقات أحس براحة وأوقات أحس أني سأموت، بالنسبة للسيركويل لم أستخدمه إلا يوما، وقطعته واستبدلته بنصف قرص ريميرون؛ فقد كان عندي أرق وسبب صرف السريكويل لي هو الأرق، لا أستطيع التعايش مع الأفكار الوسواسية كالموت، وأحيانا أشعر أنني في حلم وأشعر بأني خرجت عن الواقع، الطبيب قد طلب مني بعد أسبوعين أن أرفع الجرعة إلى ١٠٠ مليجرام، ولكن متخوف منه بسبب ارتفاع الضغط، وسرعة نبضات القلب التي سببها لي اللوسترال منذ بداية تناوله.

سؤالي لكم: هل سوف يفيدني اللوسترال؟ وهل سأتحسن؟ وهل ستختفي الأعراض الجسدية؟ وما تشخيصكم لحالتي؟

تقبلوا مروري.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأشكرك على الثقة في هذا الموقع والعاملين به.

أخي الكريم: أعراضك واضحة جدًّا، حيث إنك تعاني من قلق المخاوف، ذو الطابع الوسواسي، وتتمركز الوساوس حول الخوف من الموت، وهذا الأمر شائع جدًّا، الناس حقيقة غير مطمئنة في كثير من الأحيان، وهذا قد يكون ناتجًا من صعوبات الحياة، وكثرة الأحداث والحوادث وموت الفجاءة، ضعف التواصل الاجتماعي، وفي بعض الأحيان طبعًا الناس أيضًا قد تهمل واجباتها الدينية خاصة الصلاة والدعاء. قطعًا أخي أنا أتكلم بصفة عامة، ولا أقصدك أبدًا.

أخي الكريم: أنا ألاحظ ممَّا ذكرته أن كل علاجك كان يقوم على الأدوية، نعم الأدوية جيدة، لكن من الناحية الفائدة العلاجية لا تمثل أكثر من ثلاثين بالمائة، لا بد أن تأخذ الجانب الدوائي والجانب النفسي والجانب الاجتماعي والجانب الديني، هذه الأربعة هي المحاور الرئيسية للعلاج الصحيح لنوبات الهلع والقلق والوسوسة والخوف.

أولاً: يجب أن تحقّر هذا الفكر تحقيرًا تامًّا، والخوف من الموت لا يمنع الموت، ولا يأتي بالموت، هذه حقيقة، لأن الموت أمرٌ محسوم، {إنك ميت وإنهم ميتون}، والإنسان يعيش حياته بقوة وبأمل وبرجاء، ويسعى لما بعد الموت. هذه إذًا حقيقة يجب أن نُذكّر بها أنفسنا دائمًا، وألَّا نجعل الوساوس تستدرجنا وتدخلنا في تفكير سلبي ومُحزن.

الأمر الثاني: يجب أن تُحسن إدارة الوقت، هذا أمرٌ مهمٌّ جدًّا، الذي يُحس إدارة وقته ويتجنب الفراغ الذهني والفراغ الزمني قطعًا سوف يعيش حياة طيبة.

الأمر الثالث هو: أن تحرص على النوم الليلي، وتتجنب النوم النهاري، تحرص على تغذيتك، تمارس الرياضة، لا تخلف أبدًا من واجب اجتماعي، الصلاة تكون مع الجماعة، تكون حريصًا على وردك اليومي، حريصًا على أذكار الصباح والمساء، تكون رجلاً مبدعًا في عملك، متفانيًا فيه، توسّع آفاقك ... أخي الكريم: هذا هو المطلوب، وهذا يُمثِّلُ خمسة وسبعين بالمائة من العلاج، وأهمية هذا المنهج الذي يعتمد على نمط الحياة الإيجابي هو أن الإنسان حتى حين يتوقف عن الدواء لن تحدث له انتكاسة، بعض تحسَّنوا كثيرًا على الدواء، يعني مثلاً: في حالتك هذه الوسترال أنا أقول لك أنه دواء رائع، يمكن إن تُضيف إليه مثلاً عقار (زاناكس)، لكنه عقار إدماني وتعوّدي، لكنه مريح جدًّا.

فإذًا – أخي الكريم – الأدوية يجب أن نتناولها إذا وصفها الطبيب، ولكن في ذات الوقت المنهجية الحياتية الإيجابية هي المطلوبة. فأرجو أن تحرص على ذلك.

بالنسبة للدواء: الولسترال قطعًا دواء رائع، وحقيقة الولسترال لا يرفع الضغط – أخي الكريم – الدواء الذي يرفع الضغط هو الـ (إفيكسور/فينلافاكسين) في بعض الأحيان، واللوسترال سليم جدًّا، ولا شك في ذلك، له آثار جانبية بسيطة أنه ربما يفتح الشهية نحو الطعام، بعض الناس أيضًا يحسُّون بشيء من الشراهة نحو الحلويات، وفي هذه الحالة الإنسان يجب أن يحذر حتى لا يزيد وزنه، كما أنه ربما يؤخر القذف المنوي قليلاً عند المعاشرة الزوجية، لكنه لا يؤثر على الصحة الإنجابية أو الذكورية عند الرجل.

أخي الكريم: مائة مليجرام هي جرعتك العلاجية الصحيحة من وجهة نظري، ويمكن أن تُضيف له عقار (ديناكسيت) حبة واحدة من الديناكسيت، ومائة مليجرام من اللوسترال لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر، وبعد ذلك تتوقف من الديناكسيت ويمكن أن تخفض أيضًا اللوسترال وتبدأ الجرعة الوقائية، وهي خمسين مليجرامًا، تتناولها على الأقل لمدة ستة أشهر، هذا يا أخي هو النظام الجيد والفاعل.

بالنسبة لموضوع النوم: أنا أقول لك يمكن أن تطوّر صحتك النومية من خلال تطبيقات سلوكية معينة، وأهمها أن تجنب النوم النهاري، وأن تمارس الرياضة بجدية، على الأقل ثلاثة إلى أربع مرات في الأسبوع، وبمعدل ساعة، وقطعًا الرياضة النهارية أفضل من الرياضة الليلية.

أرجو أيضًا أن تتجنب تتناول الشاي والقهوة وكل محتويات الكافيين - كالبيبسي والكولا والشكولاتة - بعد الساعة السادسة مساءً.

أخي الكريم: احرص على أذكار النوم، الإنسان حقيقة حين يؤدي هذه الأذكار وبتمعُّن وبتدبر ويقين قطعي بأنها مفيدة قطعًا سوف تفيده، وبصفة عامة أرجو أن تكون إيجابيًّا في مشاعرك وأفكارك وكذلك أفعالك.

بالنسبة للريميرون: ليس هنالك ما يمنعك أبدًا من أن تتناوله، فهو دواء بسيط ودواء سليم جدًّا، وتلاحظ أن جرعة سبعة ونصف مليجرام إلى خمسة عشر مليجرام - أي ربع حبة إلى نصف حبة - تُحسّن النوم بصورة ملحوظة جدًّا، فيمكنك أن تتناوله بهذه الجرعة، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأرجو أن تطبق كل التوجيهات التي ذكرناها لك، فهي تشمل الجانب السلوكي والنفسي والإسلامي والاجتماعي، وكذلك الدوائي، وهذه هي المكونات العلاجية العلمية الصحيحة، ويجب أن يأخذها الإنسان في شكل كتلة واحدة أو بوتقة واحدة حتى يجني ثمار العلاج بصورة علمية وصحيحة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً