الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أنتظرها أم أبحث عن فتاة غيرها؟

السؤال

السلام عليكم..

أنا طالب جامعة، بقي لي سنتان وأتخرج، وكنت على علاقة بفتاة في سني، كنا ننوي الزواج بعلم أهلنا، لكن حصلت خلافات جعلتها تقرر تنهي الموضوع، وأنا أدرك أن ما حدث قدر وحكمة من الله وإن جهلت بها، وقد سبب هذا لي صلاح الحال، وانتظام الصلوات والنوافل وقيام الليل، عسى أن أنال بهذا مكانًا قريبًا يستجاب به دعائي، بأن يصلح الله لي قلبها حتى نتم ما كنا بدأناه.

كل من علم بالأمر قال بأن الموضوع انتهى لا رجعة فيه، ويكون ردي: لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا، وقد تقطعت الأسباب والسبل، ولكني لا أزال أدعو ولا أملّ من الدعاء، وبقلبي يقين بأن الله سيعيدها ويصلح حالنا، فهل هذه الثقة بالله بعد أن انقطعت كل الأسباب هي شيء حميد؟ أحسب نفسي به ممن وثقوا بخالق الأسباب؟ أم أنه ليس صوابا أن أخالف الآراء المبنية على ما حدث وأوهم نفسي بشيء ليس له رجعة؟

الأمر الآخر: هو أني نذرت لربي أن أختم كتابه حتى يعيدها لي، وقد مر على هذا شهر، وقد قاربت على الختمة الثانية، فهل هذا نذر برقبتي أوفيه إذا لم تعد؟

أعلم أن للدعاء ثلاث صور للاستجابة، ولكن هل من بشرى أو علامة يطمئن بها قلبي؟ وهل الدعاء يؤلف بين القلوب؟ وهل يمكن أن الحكمة فيما حدث هي إصلاح نفسي والتقرب إلى الله، والاجتهاد في عبادته فيعيد إلي النعمة التي كانت معي، أم أن الله إذا أخذ شيئا لا يعيده؟ وما العمل الآن؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم- في موقعنا، ونسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يؤلف بينك وبين الفتاة التي ترغب بالزواج منها، وأما الجواب على ما ذكرت:

- إذا كانت هذه الفتاة متدينة وتمتاز بالصلاح وحسن الخلق، فلك أن تبذل كل الأسباب حتى تكون من نصيبك بالدعاء والمحاولة في أن تعود عن رفضها لك، ولا تلتفت لكلام الناس وأن الأمر قد انتهى، وليس هناك دعاء محدد لتأليف القلوب وادع بما شئت من أدعية.

- لقد وفيت بنذرك في ختم القرآن الكريم، ولم يبق في ذمتك شيء، ولا أنصحك أن تنذر مرة أخرى؛ لأن الأصل في النذر الكراهة، ولا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث المتفق عليه، والأولى أن تكتفي بالدعاء ومحاولة التواصل مع الفتاة حتى تعدل عن قرار رفضها لك.

- أخي الكريم: أحيي فيك إصرارك على الاقتران بهذه الفتاة، وهذا أمر ممكن وليس مستحيلا، ولكن ضع حدا زمنيا تراه مناسبا، فإن لم تقبل الفتاة بك زوجا، فيمكن أن تبحث عن غيرها، والفتيات الصالحات كثير بحمد الله تعالى، ولا ينبغي أن تتعلق بها مع إصرارها على الرفض، وارضَ بما قدر الله لك، وفي ذلك خير في الدنيا والآخرة.

- وأما سؤالك هل الاجتهاد في عبادته يعيد إلي النعمة التي كانت معي، أم أن الله إذا أخذ شئيا لا يعيده؟ والجواب عن هذا أن الله لطيف بعباده، وأعلم بما يصلح خلقه، فأنت الآن في نعمة عظيمة بكونك أكثر قربا من الله وأكثر إقبالا عليه، ولكن ينبغي أن ترضى بما يقدره الله لك، فإن تيسر عودة هذه الفتاة فالحمد لله، وإن لم تتيسر فاعلم أن هذا خير لك، فلعلها لا ترغب بالزواج منك، ويبقى اجتهادك في العبادة لك فيها أجور عظيمة، ولا تجعل الاجتهاد فيها من شرطه أن تعود الفتاة إليك.

- إذا دعوت الله بأمر، فإما أن يستجيب ويعجل الله دعوتك، أو يدخر لك أجرا عنده، أو يصرف عنك من السوء مثلها، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، والإكثار من الدعاء فيه خير، ولكن وطن نفسك بأنه قد لا يستجيب الله دعاءك لحكمة يعلمها سبحانه، والخيرة فيما اختاره الله، فكن راضيا مؤمنا بقضاء الله وقدره.

وفقك الله لمرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً