الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أستطيع التحدث أمام الناس خوفا من الرجفة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

جزاكم الله خيرا، وأصلح بالكم وأطال بعمركم وأحسن في عملكم، على ما تقدمونه من خدمة للعباد.

أنا شاب، عمري ٢٣ سنة، ما أعاني منه لا اسميه رهابا اجتماعيا، فأنا كل يوم أرى أشخاصا جددا، وأتفاعل معهم، وكل شيء طبيعي، ولكن في بعض المواقف بين أصدقائي، أو مع مجموعة من الناس أتعرض لشيء من المواقف المحرجة، أو رهبة قليلة فقط في بداية اللقاء تسبب لي رجفة حول الشفاه والوجه، ولا أستطيع إكمال حديثي أبدًا، لا أتحدث أمام مجموعة خوفا من هذه الظاهرة حتى أنني أضطر للسكوت، ولا أدافع عن نفسي.

تناولت علاج زولف بدون وصفة طبية سببت لي خجلا وانطواءً أكثر، وكآبة عالية، سمعت بعلاج اندرال، وإمكانية هذا العلاج لكبح الرجفة وخفقان القلب في بعض المواقف، فهل يجدي نفعا معي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Yusuf حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأشكرك على كلماتك الطيبة ودعواتك الطيبة، ونسأل الله تعالى لك بمثل ما دعوت، فجزاك الله خيرًا.

مشكلتك -إن شاء الله- مشكلة بسيطة، فأنت منتظم في عملك، وتستطيع أن تتفاعل اجتماعيًّا، ولكن لا بأس بالفعل من أن تطوّر صحتك النفسية إلى وضع أفضل.

اللقاءات الاجتماعية مع الأصدقاء أو مع مجموعة من الناس، ذكرتَ أنها تُسبب لك شيئًا من الرهبة، وتظهر لديك بعض الأعراض الجسدية كالرجفة حول الشفاه أو الوجه، وتجد صعوبة أيضًا في إكمال الحديث.

أولاً: موضوع الرجفة هذه أؤكد لك أن شعورك حولها مبالغ فيها، ربما يكون منها شيئًا، لكن ليس بالضخامة والشدة التي تراها، كما أن أدائك في الكلام في الغالب يكون جيدًا جدًّا، لكن نسبةً لشعورك بالرهبة – وهذا نسميه بقلق الأداء عند المواجهات – يحدثُ لبعض الناس، يأتيك هذا الشعور العام بأنك تتلعثم وأنك لن تُكمل الكلام، أو تجد صعوبة في إخراج الكلام.

أخي الكريم: كل الذي تحتاجه هو المزيد من التفاعل الاجتماعي، حاول أن تستفيد من عملك، أن تُحسن مقابلة الزبائن طبعًا، تدخل معهم في حوارات جيدة، ودائمًا في أثناء الكلام يجب أن تُراعي تعابير وجهك، وكما نعلم أن الإنسان يجب أن يكون مستقبلاً جيدًا لمن يُخاطبه، ونتذكّر دائمًا أن (تبسُّمك في وجه أخيك صدقة)، تعابير اليدين أيضًا – أو لغة الجسد – يجب أن تكون متوازنة، وكذلك نبرة الصوت لا عالية ولا منخفضة.

أريدك أيضًا أن تدخل فيما نسمّيه بالتعرُّض في الخيال، تقوم بتمارين خيالية، تتصور أنك أمام مجموعة من الناس، وأنك قرأت أمامهم قصيدة، أو تلوت أمامهم شيئًا من القرآن، أو دخلت في حديثٍ، حيث طُلبَ منك أن تُقدِّم موضوعًا مُعيَّنًا، ويجب أن يستغرق هذا التعرُّض في الخيال على الأقل ربع ساعة، ويكون الموضوع مفيدًا جدًّا إذا مارسته بصورة جيدة.

نصيحتي لك أيضًا هي: أن تمارس رياضة جماعية مع أصدقائك، إذا أتيحت لك فرصة مرة أو مرتين في الأسبوع مثلاً أن تلعب كرة قدم مع أصدقاء، فيها تفاعل وجداني اجتماعي ممتاز جدًّا.

أيضًا الحرص على الصلاة في المسجد مع الجماعة، أيضًا وجدناها تُعالج هذا النوع من الرهبة، وأنا أريدك أن تتنقَّل بين الصفوف حتى تصل إلى الصف الأول، بل أريدك أن تكون خلف الإمام، وتصوّر أنك ربما في يوم من الأيام تُنيب عن الإمام إذا طرأ عليه طارئ في أثناء الصلاة أو تخلَّف من الحضور للصلاة، هذا أمرٌ قد يحدث أخي الكريم، فإذًا هذه كلها تدريبات وتمرينات سلوكية ممتازة جدًّا.

على محيط أسرتك كن شخصًا فعّالاً مشاركًا مبادرًا في الكلام، ويا أخي أريدك أن تكثر من القراءة والاطلاع؛ لأن التزود بالمعرفة في حد ذاته يُحسِّنُ من طلاقة اللسان وانبعاث الفكر بصورة إيجابية، تجعل الإنسان يحس بالفعل أن لديه مقدرات، وهذا يُسهل علينا كثيرًا التواصل الخطابي والتواصل الاجتماعي.

بالنسبة للدواء أيها الفاضل الكريم: بالفعل عقار (إندرال) وهو من كوابح البيتا، دواء جيد لعلاج الأعراض الجسدية للمخاوف وللتوترات، يمكن أن تتناوله إذًا بجرعة عشرة مليجرام صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم بعد ذلك اجعلها عشرة مليجرام فقط صباحًا لمدة شهرٍ، ثم يمكن أن تستعمله عند اللزوم، هو دواء بسيط جدًّا.

وأريدك أيضًا أن تتناول مع الإندرال دواء آخر يُسمَّى (ديناكسيت)، هذا مضاد جيد للقلق، أرجو أن تتناوله بجرعة حبة واحدة في الصباح لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله، هذا دواء أيضًا بسيط وسليم وفاعل، ولا أعتقد أن حالتك تحتاج للزولفت الذي أصلاً لم يُناسبك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً