الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أم زوجي تدعو علي وأنا مظلومة.. كيف أتعامل معها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الل وبركاته.

أنا زوجة ولي طفلة، المشكلة أنه كان هناك موت خالة الوالدة وأردت الذهاب للعزاء فأخذت الإذن من زوجي، فقال خذي الإذن من أمي، فأخذت الإذن منها، ومن ابنتها، فسمحت لي وأخذت أخاه الصغير معي؛ ولأن البيت بعيد تأخرت في العودة، وقبل فترة طلبت من أمي شراء خلاط عصير لي من مالي الخاص، لكن عند العودة ومعي الخلاط بدأت أم زوجي ترفع صوتها علي، وأني ألعب بالمال؛ لأني اشتريت الخلاط من فلوس ابنها الذي هو زوجي، وأني لم أطبخ لها طعاما، مع أني طبخت لها أكلا حسب طلب زوجي، وكلمتها أن الخلاط من مالي الخاص، لكنها عصبت ولعنت ودعت علي أن لا أرزق بأطفال بعد البنت، هل دعوتها مستجابة؟

أرجو الرد؛ لأن المشاكل ازدادت بسبب أم زوجي، وإلى الآن أنا في بيت أهلي، لي 7 أشهر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم صديقة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك أختنا الكريمة، وردا على استشارتك أقول:
فإن كان الأمر كما ذكرت، فلست مخطئة في تصرفك ودعوة حماتك ليست في محلها، ولا يستجاب لها كونها دعوة ظلم ولعلها صدرت من غيرة.

ما تعانين منه ناتج عن عدم استقلالية كثير من الأزواج في سكن خاص له ولزوجته، وخاصة إن صادف أن الأم متسلطة على أبنائها، مع أنهم في النهاية عند كثرة الأبناء سيستقلون عنهم، لكن بعد أن تكون قد حصلت مشاكل كثيرة أفسدت الود بين زوجة الولد وأمه.

الذي أنصحك به هو أن تصبري، وتحسني معاملتك مع أم زوجك، وأن تجعليها بمقام أمك، وتحسني إليها، وتعتذري مما حصل مع الوعد بعدم تكرار ما حصل؛ لأن استمرار توتر العلاقة قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه.

ينبغي أن تكسبي رضى حماتك بجميع الوسائل والسبل ليس من أجلها، ولكن من أجل أن تحافظي على زوجك، ومن أجل ألا ينعدم بيتك، وعليك أن تكوني رفيقة باتخاذ الوسائل والسبل من أجل أن تستقلي ببيت خاص بك وبأسرتك.

في بعض المجتمعات عادات اجتماعية تورث المشاكل ومنها سكن الأبناء مع زوجاتهم مع أسرهم، وربما اجتمعت ثلاث أو أربع أسر في بيت واحدة، ومن هنا تحصل المماحكات وكل واحدة من النساء ترمي بالمسئولية على لأخرى وتخلد للراحة وهكذا.

قدمي ما بين الحين والآخر بعض الهدايا الرمزية لحماتك، فالهدية تعمل عملها في القلوب كما قال عليه الصلاة والسلام: (تهادوا تحابوا)، وعليك أن تقتربي من حماتك وتتفاني بخدمتها وإعانتها في أعمال البيت، فذلك سيعينك كثيرا، وسوف تتغير نظرتها لك وربما وقفت في صفك فيم بعد.

أنت الآن تحت الأمر الواقع، وبما أن زوجك يعيد الأمور إلى والدته، فهذا يعني أنك لو بقيت شهورا فوق الشهور في بيت أهلك فلن يأتي ليراجعك ويعيدك إلى بيتك، والسبب في ذلك سيطرة أمه عليه، وهو يظن أن ذلك من البر، والحقيقة أنه ليس من البر فهو بهذه الطريقة يضيع أسرته، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول)، ولا منافاة بين بر أمه والقيام بحقوق أسرته، فيعطي الأم حقها الواجب، ويعطي أسرته حقوقها الواجبة.

الأصل أن خدمة الزوجة لأم الزوج ليست واجبة عليها، ولكن ذلك من باب حسن عشرتها لزوجها، ومن أجل كسب قلبه وحبه، ويكن راضيا عنها محسنا إليها.

أوصيك أن تجتهدي في تقوية إيمانك من خلال كثرة الأعمال الصالحة، فذلك من أسباب جلب الحياة الطيبة المستقرة كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

الزمي الاستغفار، وأكثري من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وسلي الله تعالى أن يلهم زوجك الرشد، وأن يؤلف بين قلبك وقلب حماتك، وأكثري من دعاء ذي النون (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ)، فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).

يجب أن يكون هنالك حوارات هادئة وهادفة بينك وبين زوجك من أجل الاستقلالية في سكن خاص، هذا إن تأكدت من أن زوجك لن ينقل الكلام إلى أمه؛ لأنه لو نقله لأمه فسوف تفسد الحياة مرة أخرى.

حماتك لا تريد أن تخسر ما يقوم به زوجك من مساعدة أسرته بالمال، ولذلك فهي تركز على كل شيء جديد تحصلين عليه، وتعتبر ذلك تبذيرا بأموال ولدها، ومن هنا تنشأ المشاكل، بل مثل هذا الصنف من الأمهات تبقى مركزة على كل شيء يدخل حياة زوجات أبنائها وتتساءل من أين لها ذلك.

استرشدي بنصح والديك في هذه المسألة، فلن تجدي أحدا يحرص على سعادتك مثلهما ولديهما من الخبرة في الحياة الشيء الكثير، ويمكن أن يستدعيا زوجك للتفاهم معه.

يمكن لولي أمرك إن رفض زوجك المجيء للتفاهم أن يوسط عليهم من يستحيون منه، ويقبلون نصحه والصلح دوما فيه خير كما قال ربنا في محكم التنزيل.

احرصي كل الحرص على لم الشمل، ولو أدى ذلك إلى أن تقدمي بعض التنازلات في هذه المرحلة خاصة؛ لأن الشيطان ينفخ في الصدور ويكبر المشكلة وهي سهلة، لكنه يود هدم الأسر.

لا تجعلي المشكلة تكبر ولعلك تدركين أن البعد بينك وبين زوجك يولد الجفوة، فالبعيد عن العين بعيد عن القلب كما يقال، وربما تسببت أمه في حصول الطلاق وتكلفت من أجل تزويجه بأخرى فالشيطان حريص، ولا بد أن تقطعوا عليه الطريق، والمشكلة لا تستلزم الطلاق، وأكبر المتضررين من الطلاق هو طفلك الصغير.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لنا ولكم التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً