الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي صحة وأشعر بالفراغ، فماذا علي أن أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

اسمحوا لي بسؤال: (الصحة والفراغ) ماذا يفعل من لديه الاثنين؟ كيف يجد الشاب النشاطات الروحانية والعقلية والجسدية والاجتماعية؟ أكرمونا بإرشادكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل-، نسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يجعلنا ممَّن يغتنم فراغه قبل شُغله وشبابه قبل هرمه وغناه قبل فقره، ونسأله تبارك وتعالى أن يُصلح لنا ولكم الأحوال.

سعدنا جدًّا بهذا السؤال، فإن الصحة والفراغ هي رأس مال الإنسان، وإذا ضيَّع الإنسانُ الصحة والعافية فقد أضاع رأس ماله، ولا أصدق من ذلك من قول النبي عليه الصلاة والسلام: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ)، فرغم أن نعم الله علينا لا تُعدُّ ولا تُحصى، إلَّا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اختار هاتين النعمتين (الصحة والفراغ)، فالصحة تاج على رأس الأصحاء، لا يُشاهده إلَّا المرضى، والصحة نعمة لا يعرف الإنسان قيمتها إلَّا إذا فقدها، والفراغ هو أغلى ما يملك الإنسان، فإنما أنت أيام مجموعة، فكلَّما ذهب يومٌ ذهب بعضه، وتضييع الوقت أشد من الموت، كما قال ابن القيم، ثم قال: (لأن الموت يقطعك عن الأحياء، وتضييع الوقت يقطعك عن الله تبارك وتعالى).

سعدنا جدًّا أيضًا لأن السؤال من شاب، ونذكّرُ بقول حفصة بنت سيرين للشباب: (يا معشر الشباب عليكم بالعمل فإني ما رأيتُ العمل إلَّا في الشباب)، فالذي عنده صحة وفراغ يستطيع أن يركع كما يريد، ويسجد كما يُريد، وهو كذلك في صحة وشباب وعافية، لكن الذي فقد هذا تفقد الحياة لونها وطعمها، فلا يستطيع أن يصلي، ولا يستطيع أن يصوم، والعياذ بالله يُشغل عن الطاعات، فهنيئًا لمن وجد صحة وعافية.

ولذلك أرجو أن تغتنم هذه الفرصة، نسأل الله أن يُبلغنا جميعًا رمضان، فإن في رمضان ترتفع قيمة الأوقات أيضًا، بل فيه ليلة هي خيرٌ من ألف شهر، وهذه دعوة إلى اغتنام الصحة واغتنام الفراغ، ومعرفة أن الفراغ نعمة من نعم الله تبارك وتعالى، ليس كما يتصور الناس، ربما تنادى بعضهم (هيَّ نضيِّع الوقت)، وتلك جريمة يتنادى الناس إليها مع سبق الإصرار.

إذًا عليك كأنشطة روحانية أن تُكثر من الذكر والصلاة والسجود لله تبارك وتعالى، أنشطة عقلية: عليك أن تتدبَّر كتاب الله، وتطلب العلم الشرعي، أنشطة جسدية: عليك أن تجتهد في ممارسة الرياضة النافعة. أنشطة اجتماعية: عليك أن تستفيد من فراغك بصلة الأرحام، الأعمام والعمَّات، الأخوال والخالات، أن تغتنم هذه الفرصة وتتقرَّب إلى الله تبارك وتعالى ببر الوالدين، وبالصلاة وبالقيام والصيام، {فإذا فرغت فانصب}، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً