الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المخاوف والوساوس أفسدت حياتي وصحتي فهل من نصيحة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الاستاذ الدكتور/ محمد عبد العليم.

آسف على الإطالة، ولكني أعاني وأموت في اليوم أكثر من مرة، و-إن شاء الله- الشفاء علي يدك.

منذ الصغر لدي وساوس قهرية كثيرة، مثل: تخيل أشياء سيئة عن الله عز وجل والأنبياء والأهل، وكل شيء في الدين، وأحيانا أفكار شاذة، لا أستطيع إيقاف رأسي عن التفكير.

ولدي وسواس الطهارة والنظافة، والخوف من الأمراض، وأعاني من قلق شديد جدا.

جسدي يرتعش عند تواجدي في الأماكن العامة، أو عند التحدث لأحد، أو في المحاضرات.

عند زيارة الطبيب للكشف لا يستطيع الكشف علي بسبب ارتعاش جسدي الشديد، لا أحتمل سماع الأصوات العالية، فجسدي ينتفض.

أصبحت أعاني من الأمراض العضوية نتيجة ذلك، مشاكل في المعدة، وبعد المنظار أخبرني الطبيب بأنه لم ير معدة عصبية أكثر مني.

ولدي آلام أسفل الظهر والرقبة شديدة، وبعد الكشف شخصها الطبيب بأنها نفسية.

عند قياس ضغط الدم في المستشفي أو العيادة يكون عالي جدا، مثل 150/100، وفي المنزل يكون طبيعيا وينخفض جدا، أصبت بوسواس الضغط فأعيد قياسه كل يوم، والطبيب أخبرني بأن نبضات القلب غير طبيعية، وظهرت لي أعراض أخرى، مثل: الصداع، عدم التركيز، والهذيان، و الذاكرة أصبحت ضعيفة جدا.

لا أستطيع حفظ جملة واحدة، لدرجة أنني رسبت في امتحانات الجامعة رغم تميزي سابقا.

عند التحدث أنسى الكلمات، اخطيء في نطق الكلمة، أنسى أين وضعت الهاتف والمفاتيح، وكذلك أسماء الأشخاص وهكذا.

ذهبت إلى أكثر من طبيب، وتناولت أدوية كثيرة تؤلم معدتي، أو لا تؤثر فيني.

أفيدوني، وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ali حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

أنا اطلعتُ على رسالتك –أخي الكريم– بكل دقة، وأقول لك أن أعراضك بالفعل في جُلِّها هي أعراض نفسية، ونتج عنها بعض الأعراض الجسدية، كاضطرابات المعدة، وآلام أسفل الظهر والرقبة، هذه نسمّيها بالأعراض النفسوجسدية، وكذلك الصداع، وطبعًا عدم التركيز وتشتت الأفكار هو من صميم ما ينتج عن القلق النفسي، ومن الواضح أنه لديك ما نسميه بـ (قلق المخاوف الوسواسي)، من الدرجة البسيطة إلى المتوسطة، والعلاج سهل جدًا.

يا حبذا لو ذهبت إلى طبيب نفسي ليضع لك البرامج العلاجية السلوكية، والتي في الأصل تقوم على أسس بسيطة جدًّا، أولها تنظيم الوقت، وهذا من الدعائم الرئيسية لعلاج هذه الأعراض، وتنظيم الوقت يعني أن تنام ليلاً مبكّرًا، وأن تتجنب السهر، وأن تبدأ يومك بصلاة الفجر وأنت منتعشًا ونشطًا.

وأن تستفيد من الصباح، بأن تذاكر دروسك، وأن تذهب إلى مرفقك الدراسي وأنت في غاية الطمأنينة والتفاؤل، وأن توزع بقية اليوم على أسس جيدة ومتساوية، وتقوم بممارسة جميع الأنشطة، حتى الترفيه تخصص له وقتًا، العبادة تُخصص لها وقتًا، التواصل الاجتماعي، ممارسة الرياضة، ... هكذا هي الحياة -أيها الفاضل الكريم-، الذين يقومون بأداء أدوار اجتماعية إيجابية وينظمون أوقاتهم، ويعيشون الحاضر بقوة والمستقبل بأملٍ ورجاء، ولا يتأسفون على الماضي هم الذين ينجحون في حياتهم.

فأنا حقيقة أريدك أن تذهب هذه هي منهجيتك، بل هذا علاج أساسي جدًّا بالنسبة لك، أتمنَّى أن تأخذ الأمور بهذه الجدية، وتكون متفائلاً.

أنت تحتاج طبعًا لعلاج دوائي بسيط، دواء أساسي ودواء مساعد سوف يكون ذلك كافيًا جدًّا، كما ذكرت لك لو كان بالإمكان أن تذهب إلى طبيب نفسي هذا أمرٌ جيد، وإن لم تتمكن يمكنك أن تتحصل على عقار يُسمَّى علميًا (سيرترالين)، وله أسماء تجارية كثيرة، منها (موادبكس) و(لوسترال) و(زولفت)، وهو سليم، وغير إدماني، ويُعالج القلق والتوترات والمخاوف والوساوس وكذلك الأعراض النفسوجسدية، لكن الاعتماد يجب ألَّا يكون على الدواء فقط، التطبيقات الاجتماعية والسلوكية التي تحدثت عنها مجملاً سلفًا هي مهمّة وضرورية لتجعلك -إن شاء الله- تعيش حياة صحية إيجابية.

جرعة السيرترالين هي: أن تبدأ بنصف حبة، وبما أن الحبة تحتوي على خمسين مليجرامًا، تناول خمسة وعشرين مليجرامًا يوميًا كجرعة بداية، لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعل الجرعة حبة واحدة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم اجعلها حبتين يوميًا –أي مائة مليجرام– وهذه الجرعة العلاجية تكفي تمامًا في حالتك.

استمر على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعلها نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

وهنالك دواء آخر مساعد، دواء بسيط جدًّا يُسمَّى (ديناكسيت)، تناوله بجرعة حبة واحدة في الصباح يوميًا لمدة شهرين، وإن لم تجد الديناكسيت يمكنك أن تستبدله بعقار يُسمَّى تجاريًا (دوجماتيل)، واسمه العلمي (سولبرايد)، تتناوله بجرعة كبسولة واحدة، أي خمسين مليجرامًا يوميًا في الصباح لمدة شهرين.

كل هذه الأدوية أدوية بسيطة وسليمة وغير إدمانية.

وأسأل الله تعالى أن ينفعك بها، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب، وأبارك لك قدوم شهر رمضان المبارك، نسأل الله تعالى أن يتقبّل طاعاتكم.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً