الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل ما يعاني منه أخي كذب مرضي أم فصام؟

السؤال

أخي يكذب حتى في أبسط الأشياء وبدون سبب واضح، يتعامل مع كل الناس بخبث، يظهر لهم محبتهم والعكس تماما وراء ظهورهم ويتوهم أنهم أعداء ولا يريدون له الخير، يبتسم في وجه الجميع ويغتاب الجميع في نفس الوقت!

يتعاطى المخدرات والكحول ويسرق أموال الناس بالنصب والاحتيال وكل هذا بدون أي داع.

مؤخرا بدأنا نشك أن ما يعاني منه ممكن فصام أو شيء من هذا القبيل؛ لأنه تعدى الكذب وله عدة شخصيات إن صحّ القول، أقسم لكم أن حكاياته التي يزعم مثلا أنه مسحور ومحسود وعانى في الحياة لم تحدث أبدا، لا أدري لم يفعل هذا، هل لكسب شفقة الناس أم ماذا! هل من المعقول أن يكون هذا مجرد عادة الكذب أم أن شكوكنا بأنه يعاني فصام صحيحة؟

أعتذر عن الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نريمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونشكرك على اهتمامك بأمر شقيقك هذا، ونسأل الله له العافية والشفاء.

لا شك أن المرتكز الأساسي لأعراض هذا الأخ هو تناول المخدرات، وربما يكون الأمر كله مرده أنه لديه اضطرابات في الشخصية، بمعنى أن شخصيته تحمل سمات مضطربة، ونتج عن هذا كل ما ذكرتِه من اضطراب مسلك وسلوك، وقطعًا المخدرات –خاصة الحشيش والأنفتامينا – تؤدّي إلى اضطرابات ذُهانية تشبه مرض الفصام، بمعنى أنه تكون هنالك ظنانيات، وتكون هنالك شكوك وسوء تأويل، واضطرابٍ في الأفكار، وهذا قطعًا كله نشاهده لدى بعض مرضى الفصام.

فإذًا قد تكون لديه أعراض فصامية مُسبَّبة ناشئة من تعاطي المخدرات. كل السمات الأخرى –وهي التحايل والنصب والكذب– هي اضطرابات مسلك وسلوك في ذات الوقت، وهذه كلها مرتبطة مع بعضها البعض.

هذا الأخ –عافاه الله– يحتاج حقيقة لتدخُّلٍ طبي محترف، وأقصد بذلك أن تعرضوه على الطبيب النفسي المختص في طب الإدمان، والآليات العلاجية والتأهيلية الحمد لله الآن متوفرة، والأمر قطعًا يتطلب جُهدًا من الجميع، جهدًا من الطبيب والفريق المعالِج، وجُهدًا من جانبكم كأسرة، لأن مُعظم هؤلاء الأشخاص لا تكون لديهم الدافعية نحو قبول العلاج في بداية الأمر، لكن إذا كان المعالِج على درجة عالية من الاحترافية والمهنية والمعرفة، وكانت الأسرة متعاونة؛ سوف تتحسَّن الدافعية لديه، وإن شاء الله يقبل على العلاج السلوكي المعرفي، هنالك برامج تُسمّى (برامج التعافي من الإدمان ومن التعاطي)، سوف يحتاج أيضًا لعلاج دوائي، ويحتاج أيضًا لإرشاد إسلامي واجتماعي.

إذًا هو يحتاج لفريق علاجي متكامل، وهذا الآن متوفر الحمد لله تعالى في معظم المستشفيات النفسية المتقدّمة.

إذًا الأمر ليس عادة، الأمر حقيقة اضطراب مسلك كامل وخلل في السلوك، وربما لديه شيء من الذُّهانيات التي تشبه الفصام.

أشكرك كثيرًا على اهتمامك بأمره، وأعتقد أننا قد أوضحنا لك ما هو ضروري ومهم، وعليك الآن أن تتشاوري مع الأهل في الخطة العلاجية، وكيفية إقناعه بالذهاب إلى المختصين.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً