الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا أستطيع النوم وأتعبني القلق، أفيدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولاً: كتب الله أجركم وكل العاملين في هذا الموقع المتميز.

أنا أعاني من حالة قلق وتوتر واكتئاب، وخاصة عند النوم، أشعر بقلق ووسواس وتوتر شديد عندما أنام متأخرا، وأفكر كم تبقي من الوقت حتى أستيقظ للذهاب للعمل، مما يسبب لي فقدان النوم، وأبقى طول الليل في قلق وتوتر وأرق، وفي أيام العطل يخف القلق والتوتر وأنام، ولكن بعد ساعة أو ساعتين أذكر الله وأستغفر وأسبح إلى أن أنام.

أشعر بضيق التنفس بشكل مفاجئ، مع تعب وإرهاق، في العمل وفي وسيلة المواصلات، أو في البيت مرتين إلى ثلاث مرات يوميا، ويستمر هذا الضيق لمدة نصف ساعة وأقل، وعند حدوث الضيق أشعر بالخوف، مع العلم بأني قد عملت فحوصات للقلب، وتبين بأني سليم.

أعلم بأن المشكلة حالة نفسية فقط، وأيضًا عند صعود السلالم أو الصعود من طابق إلى آخر، أو تحمل شيء خفيف أو ثقيل، أشعر بضربات قلبي تتزايد، وأشعر بضيق نفس شديد، وإرهاق وتعب، وأيضا عندما أنام وينقطع نفسي، وخاصة عند النوم مباشرة على جانبي الأيمن، أشعر بالشهقة في بلاعيمي، وينقطع نفسي، وأصحو مذعورًا وأكون مختنقا من ريقي، وإذا نمت على جانبي الأيسر، أشعر بكتمة نفس خفيفة، وأيضا لا أستطيع النوم إلا بحالة الإرهاق الشديد من العمل.

مع العلم بأنني كنت أعاني من هذه الحالات كلها منذ عام 2013، وتعالجت لدي دكتور نفسي، وأعطاني عدة أدوية وتعافيت بعدها لمدة سنة، ولكن بسبب ضغوط الحياة ومشاكل العمل يرجع لي المرض، وأعاني من حموضة وحرقة بالمعدة وارتجاع وعسر.

شكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على مشاركاتك في الشبكة الإسلامية، وأحسب أنها كلها مفيدة إن شاء الله.

الآن لديك مجموعة من الأعراض كلها تدلُّ على أنك تعاني من قلق نفسي مصحوب بمخاوف بسيطة، ويتميّز القلق الذي تعاني منه أنه نوع من القلق التوقعي، يعني أنت تتوقّع في مواقف معينة سوف لن تكون مرتاحًا، أو سوف لن تستطيع أن تُنجز ما يمكن إنجازه، مثلاً حين تصعد السلالم تشعر بضيق في النفس بالرغم من أنك لم تبذل الجُهد البدني الشديد، لكن توقعك للتفاعل الفسيولوجي الذي ينتج عن الجُهد هو الذي يُؤدّي إلى الشعور بضيق التنفس، وحتى ضربات القلب تكون نتيجة لذلك.

القلق التوقعي واضح جدًّا فيما يتعلق بموضوع النوم، وعدم الدخول في النوم، خاصَّة حين تسهر.

فيا أخي الكريم: القلق طاقة إنسانية مطلوبة، ويمكن أن يُوظَّف توظيفًا سليمًا، ولابد أن تحاور نفسك على مستوى الفكر، ما الذي يجعلك تقلق بهذه الكيفية، أنت بخير وعلى خير، ويجب أن تعيش قوة الآن، قوة اللحظة، ولا تُفكّر في ما سوف يأتي بعد ذلك، توكّل على الله، ونظّم حياتك ونظِّم وقتك.

الأعراض النفسوجسدية التي تحدثت عنها من الشعور بالحموضة والحرقة بالمعدة: هذه أيضًا مرتبطة بالتفكير وبالقلق وبالتوترات، فأنت محتاج أن تكون على مستوى التفكير في حالة من الاسترخاء الفكري وعدم تعجُّل الأمور، وألَّا تكون نظرتك تشاؤمية نحو أي شيء تريد أن تنجزه، وأن تعرف أن الله تعالى قد حباك بالطاقات والمقدرات التي متى ما وُظّفت توظيفًا صحيحًا سوف تُنجز ما تريد أن تُنجزه، وتصل إلى مبتغاك إن شاء الله تعالى.

تنظيم الوقت سوف يُعطيك القدرة على الاستفادة من القلق بصورة صحيحة، فحاول – يا أخي – أن تتجنّب السهر، النوم الليلي المبكِّر دائمًا مفيد، يُؤدّي إلى راحة جسدية ونفسية، وشعور استرخائي، ويستيقظ الإنسان نشطًا، ويُؤدّي صلاة الفجر، ويمكن بعد ذلك أن تبدأ يومك بصورة سلسة وممتازة. أكثر – يا أخي – من التواصل الاجتماعي ولا تتخلف عن الواجبات الاجتماعية، هذا أيضًا مهم. القراءة، الاطلاع من الأشياء الضرورية جدًّا في حياتنا. الصلاة على وقتها، والدعاء، والذِّكر، وتلاوة القرآن؛ دعائم عظيمة للإنسان ليُطوّر من صحته النفسية وحتى الجسدية والاجتماعية.

سيكون – يا أخي – من المفيد لك أن تتدرَّب على تمارين الاسترخاء، فهي تمارين مفيدة جدًّا، وإسلام ويب أعدت استشارة رقمها (2136015) أرجو أن تطّلع عليها، وسوف تجد فيها إرشاد جيد جدًّا، فأرجو أن تُطبّقه.

بالنسبة للدواء: نعم أنا أريدك أن تستعمل دواء يُسمّى (دوجماتيل) واسمه العلمي (سولبرايد) تناوله بجرعة خمسين مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرين، ثم خمسين مليجرامًا صباحًا لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناوله. أعتقد أن ذلك سوف يكون كافيًا جدًّا، وأرجو أن تتواصل معي بعد شهرين أو ثلاثة من الآن.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً