الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خروج الفتاة مع خطيبها من غير محرم

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا محمد شاب من تونس أبلغ من العمر 26 سنة، أسأل الله العظيم أن يغفر لي ذنوبي، وأن يرحمني وأن يرزقني حسن الخاتمة، نويت الزواج وتوجهت إلى الله بالدعاء بأن يرزقني الزوجة الصالحة، والحمد لله قد استجاب لي في اختياري، مع العلم أن المحيطين بي يقولون لي أن الزواج صعب ومسؤولياته كبيرة وأن لي المزيد من الوقت، لكني متوكل على الله فغايتي والله هي إرضاؤه والتقرب منه إلى جانب تطهير قلبي وتحصين فرجي.

هذه الأخت اخترتها بحسب ما أمرنا به الرسول صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لجمالها...) فهي والحمد لله ملتزمة بارتدائها للحجاب وهذا ما ركزت عليه، وحتى طريقة التعارف تمت على أسس دينية، أنا ما زلت في أول حياتي العملية، والحمد لله أعمل في القطاع الخاص.

أحياناً ينتابني خوف من أن هذه الخطوة ليست سهلة كما أظنها وأني سوف أظلم نفسي وأظلم الأخت، قد قمت بالخطوة الأولى واصطحبت عائلتي وتقدمت إليهم وقد أبدو موافقتهم.

السؤال الأول: نظراً لعدم قدرتي على تحصيل مستلزمات الزواج، فإني غير قادر على القيام بالزفاف خلال هذا الصيف، وإنما في صيف 2007، كل هذه المدة (شهرين) نخرج مع بعضنا من غير محرم مرة في الأسبوعين أو الثلاث، وأشهد الله أنني وهي نحاول أن نتق الله وأننا لا نتحدث إلا في مواضيع دينية، نحاول من خلالها التعرف على بعضنا، قد اقترحت عليها منذ يومين فكرة الصداق (كتب الكتاب) نقوم به الآن لكي تصبح محلة لي فأستطيع أن أخرج معها من غير أن ينتابني شعور أني ما أقوم به هو يغضب الله ويظل كل واحد منا في منزله إلى صيف 2007، هناك أقوم بحفلة تكون بمثابة الإشهار لكن حتى هذه الخطوة لا تلاقي موافقة كلية من عائلتي، وأخاف أن يكون نفس هذا الرأي لعائلتها، فأرشدني أيها الشيخ كيف أتصرف لكي أرضي الله؟

السؤال الثاني: أحاول قدر المستطاع في عبادتي أن أكثر منها (الصلاة، الصيام، الصدقة...) وفي معاملاتي مع الخلق أن أرضي الله، فأحاول أن أغرس في كل ما يقربني إليه، لكن في بعض الأحيان ينتابني هم وهو أنني أشعر أني لا أقدم شيئاً إلى الله، فكل ما أقوم به هو قليل ولا يرضيه مقارنة بإخواني المسلمين، وأن ذنوبي كثيرة، غايتي من هذا السؤال هو: لماذا هذا الشعور؟

السؤال الثالث: أرشدني من فضلك إلى بعض الكتب التي تقوي إيماني وتوحيدي (التوكل، اليقين، علو الهمة...) من جهة وإلى الكتب التي ترشدني أنا والأخت إلى أمور الزواج (الحقوق، الواجبات....).
وجازاك الله عنا كل خير.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ Amine حفظه الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

نسأل الله أن يستجيب دعوتك، وأن يحقق أمنيتك، وأن يصلحك وخطيبتك، وأن يسهل أمرك، وأن يعفر لك ذنبك .

فإن الشعور بالتقصير رغم عمل الطاعات هو سلوك الأخيار الذين وصفهم الله فقال سبحانه: (( وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ))[المؤمنون:60] وهكذا المؤمن يجمع إحساناً وخوفاً، والمنافق يجمع تقصيراً وأمناً، ومن خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزلة، والمسلم يشعر بتقصيره فيجتهد، ويشعر بقلة عمله فيستغفر.

ابني المبارك: لقد أعجبني حرصك على العفاف، وسرتني رغبتك في عمل ما يُرضي الله، وأسعدني خوفك من الوقوع في الأمور التي تجلب غضب الله، وأرجو أن تواصل حرصك على رعاية الضوابط الشرعية، واحذر من خطورة الخروج معها من غير محرم، فإنها لا تزال أجنبية، والخطبة ما هي إلا وعد بالزواج، وتذكر أن الشيطان يستدرج الإنسان حتى يوقعه في العصيان، وما أكثر الذين بدؤوا مشوارهم بعلاقات بريئة بل بنصائح وتوجيهات شرعية، ثم كان الانحدار عندما فرطوا في رعاية أحكام الشريعة (( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ))[النور:63] والشيطان قد يشجع أشياء من الخير ثم يوقع الإنسان عن طريقها في الشر، والسعيد من وُعظ بغيره.

ولا شك أن الزواج من الأمور التي يُصاحبها توفيقٌ وتيسير من الله، ويؤسفنا أن نقول إن الناس يضعون العراقيل أمام طالب الحلال في زمانٍ يجتهد فيه أهل الشر في تيسير سبل الحرام، وأرجو أن نعرف أن المجتمع المسلم لم يعرف التأخير في أمر الزواج إلا بعد فترة الاستعمار التي أنتجت أجيالاً تتشبه بأعداء الله، وإذا كان الأعداء قد فتحوا أبواب واسعة للفحشاء فإنهم يجنون الآن ثمار تلك الغفلات والشهوات أمراضاً وآفات واضطراباً وأزمات .

وليت كل من يتقدم للزواج يتذكر أن المرأة تأتي برزقها! وأن طعام الاثنين يكفى الثلاثة ويكفي الأربعة، وليس من مصلحة الفتاة ولا الفتى المبالغة في تكاليف الزواج، ولو كان ذلك مكرمة لسبقنا إليه سلفنا الأبرار وصحابة نبينا الأخيار.

وحتى يتيسر لك إتمام مراسيم الزواج أرجو أن تتقيدوا بأحكام هذا الدين، وكم نتمنى أن لا تطول فترة الخطوبة، وأن تكون خالية من المخالفات الشرعية، فإن طول فترة الخطوبة مما يُزعج أهل الفتاة ويزيد من خوفهم على مستقبل فتاتهم، وليس في التوسع في العلاقات في هذه الفترة مصلحة لأحد؛ لأنها فترة مليئة بالمجاملات، وهي خصمٌ على السعادة الزوجية الحقيقية، ونحن نتمنى أن تجدوا من يعاونكم على إتمام مراسيم الزواج من العقلاء والفضلاء، وحتى يحصل ذلك أرجو أن تتجنب الخلوة بالفتاة، وتحذر من عواقب الخروج معها من غير محرم، واعلموا أن ما عند الله من التوفيق والخير لا يُنال إلا بطاعته، فاجتهدا في شغل النفس بالذكر والقرآن وكل عمل يرضي الرحمن، واجتهد في إعداد ما تستطيع من الجهاز حتى تتمكن من الدخول على زوجتك .
ونسأل الله أن يزيدك حرصاً وتوفيقاً.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً