الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وسواس التأكد من إقفال الأبواب لدي.. ما علاجه؟

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من وسواس قهري يتعلق بالتأكد من إقفال الأبواب منذ سنة، بعض الأوقات أستمر 5 دقائق أتأكد، وبعض الأوقات أقفل وأفتح الباب 3 مرات لأتأكد أنه مقفل، وبعض الأوقات أطول ربع ساعة لنصف ساعة، لدرجة أن أصبعي تتشقق من كثرة الضغط عليه، وأيضا قبل النوم أتأكد 3 أو 4 مرات، أعلم أنه مقفل لكن مخي يقول فرضا لو لم تقفله؟ فرضا لو زوجتي فتحته بالغلط، أو نسيت أن تقفله؟ لدرجة أني ذهبت للسيارة ورجعت لأقفل الباب مرة أخرى، ومع ذلك استمررت قلقا طول الوقت، ربما نسيت الباب مفتوحا، وأحد الجيران يتجسس عليها وهي لا تدري، سألت زوجتي أكثر من مرة هل دخل أحد عليك، أو رأيت أحدًا؟ تقول الله يشفيك لا تجعلني أوسوس.

أحاول أن أطرد الفكرة لكن لا أستطيع، لم أذهب لطبيب نفسي، مع العلم أن عندي تأمينا يغطي العلاج، وأنا أصبت بالوسواس القهري في الصغر، ووالدي أخذني لطبيب نفسي، ووصف لي علاجا، وذهب الوسواس، وتعالجت، ثم بعدها أصبت بالاكتئاب، وأصبت مرة بالتشنج بسبب الأدوية النفسية، لذلك أخاف من العلاج النفسي، لأن العلاج يطول، وأخاف الأعراض السلبية.

هل أستطيع التخلص من الوسواس القهري من دون أدوية من خلال طرد الفكرة، أم الأدوية النفسية هي الحل؟ مع العلم أني أعاني من الضغط المرتفع، وأتناول حبوب الضغط amaldopine 5mg، وأعاني من زيادة في الوزن.

شكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في موقع استشارات الشبكة الإسلامية.

وساوس التردُّد والتشكك والتأكيد وساوس معروفة، وهي وساوس أفعال، لكنّها تقوم طبعًا على الأفكار.

العلاج أيها الفاضل الكريم: يجب أن تصل لقناعة شخصية أن هذه وساوس، وأنك يجب ألَّا تتعايش مع الوساوس. والمبدأ الأساسي هو: تحقير الوسواس، وتجاهل الوسواس، وعدم تحليله، وعدم إيجاد مبررات له كما تفعل أنت الآن.

وهنالك ثلاثة تمارين يمكنك أن تُطبقها على هذه الأفكار الوسواسية:

التمرين الأول هو ما يُعرف بـ (إيقاف الفكرة): تستجلب فكرة التأكد من قفل الباب، وفي نفس الوقت تقول للفكرة: (أقف، أقف، أقف، أنت فكرة حقيرة، أنا لن أهتمّ بك) تُكرّر هذا لمدة دقيقتين.

ثم بعد ذلك تطبق التمرين الثاني وهو ما يُعرف بـ (صرف الانتباه): فكّر في الباب هل هو مغلق أو غير مغلق، ثم تنتقل فجأة لفكرةٍ تكون أكثر فائدة وسُموًّا، مثلاً: تتأمّل في التنفُّس لديك، تعدّ التنفس لمدة دقيقتين، ثم كيف الهواء يدخل على الرئتين، وكيف ينتشر الأكسجين في الجسم، وما هي فوائد الأكسجين ... وهكذا. أو تأتي بأي فكرة أخرى مشابهة لذلك، المهم هو أن تأتي بفكرة تعلو على الفكرة الوسواسية.

التمرين الثالث هو ما نسميه بـ (التنفير)، وتمرين التنفير يتطلب أن تأتي بشيءٍ مخالف تمامًا للوسواس. فكّر في موضوع قفل الباب ثم قم بالضرب على يدك بقوة وشدة على جسم صلب – كسطح طاولة – حتى تحس بالألم. أن تربط ما بين الألم والفكرة الوسواسية أو الفعل الوسواسي – وتُكرر ذلك عشرين مرة متتالية – هذا يُضعف الوسواس، ولا شك في ذلك.

إذًا هذه ثلاث تمارين سلوكية قيمة جدًّا، مفيدة جدًّا، يجب أن تُطبّقها بالتزام، وذلك بجانب تحقير الفكرة أصلاً، وتجاهلها، وعدم إيجاد المبرّرات لها.

وهنالك تمرين بسيط، تمرين إضافي، أريدك أن تُطبّقه، وهو: حين تُغلق الباب قل لنفسك: (أنا قمتُ بإغلاق الباب) كأنك تُذكّر نفسك، وفي المرة الثانية تقول: (أنا قمتُ بإغلاق الباب ولن أعود لأغلقه مرة أخرى) كأنك تُؤكد على نفسك بأنك قمت بإغلاق الباب. هذا تمرين جيد جدًّا.

وهنالك تمرين آخر وهو: أن تترك الباب مفتوحًا دون أن تغلقه، وتكون متأكدًا من ذلك، وتخرج مثلاً لمسافة قريبة، مثلاً أن تذهب إلى المسجد تصلي وتأتي تفتح الباب، سوف تجده مفتوحًا. هذا أيضًا نوع من التمارين الجيدة جدًّا.

وأنصحك أيضًا أن تملأ فراغك، وأن تُدير وقتك بصورة جيدة، لأن الفراغ الذهني والزمني كثيرًا ما يستجلب الوساوس.

بالنسبة للدواء: أنا أعتقد أن الدواء أيضًا سوف يُساعدك، هنالك أدوية مفيدة جدًّا، العقار الذي يُسمَّى (فافرين Faverin) واسمه العلمي (فلوفوكسامين Fluvoxamine) سيكون هو الدواء المطلوب في حالتك، تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة أسبوعين، ثم تجعل الجرعة مائة مليجرام ليلاً، ومن وجهة نظري هذه جرعة كافية جدًّا في حالتك، علمًا بأنها الجرعة الصغرى، لأن الجرعة الكلية هي ثلاثمائة مليجرام في اليوم، لكنّك لست بحاجة إليها.

استعمل جرعة المائة مليجرام من الفافرين ليلاً لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة أسبوعين، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول هذا الدواء.

أخي الكريم: الفلوفوكسامين لا يتعارض أبدًا مع الـ (amaldopine) الذي تستعمله لعلاج الضغط، وطبعًا جرعة الخمسة مليجرام هي جرعة صغيرة، وهذا يعني أن الضغط بفضلٍ من الله تعالى عندك ليس مرتفعًا بشدة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً