الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طالبة طب، وأخاف الفشل، وثقتي بنفسي معدومة!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالبة أدرس الطب في المرحلة الأولى، لم أباشر حتى الآن الدراسة الجادة بسبب أوضاعي النفسية المبعثرة، دخلت الطب لرغبة أهلي، وأخاف أن تضيع سنوات عمري وأيامي في مكان ليس مكاني، كما أخاف من الفشل في مجال خطر كهذا يحتاج الذكاء والجرأة، والقوة، وصفات ليست موجودة بي، فأنا فتاة ضعيفة الجسم والشخصية، ضعيفة في كل شيء، لا أظن أن هناك أملاً يرتجى مني.

مشكلتي أنني أكره نفسي، وأحقد عليها وعلى أفكاري، وحتى على مشاعري وشكلي، وثقتي بنفسي معدومة، لا أملك الجرأة لأي شيء، مع أنني بهذا العمر، ولكني لا أعرف حتى كيف أتحدث مع البشر، كلما حاولت أن أغير من نفسي تأتيني مشاعر لا أدري أهي مني أم من الشيطان تسحبني للرجوع، وتجعلني أكره نفسي أكثر وأكثر! هذه المشاعر والأفكار لا تفارقني، تحرمني من كل شيء، يكفي أنها تحرمني من الحياة، أشعر بها وأنا لا أريدها، إنها شبيه بشعور الندم بل أسوأ وأحقر منه، سوف يقتلني عقلي بكثرة تفكيره، حتى أنني نسيت معنى أن يكون الإنسان صاف البال.

علاقاتي تكون مع عائلتي وصديقاتي إلكترونية، أكتب لهن كثيراً، ولكن حين أقابلهن أشعر بشيء كالشلل يمنعني من التحدث ويجعلني أحتقر نفسي أمامهن، حتى أنني أشعر أن الله قد طردني من رحمته بسبب مشاعري القذرة؛ لأنني كثيراً ما أدعوه أن يصلح حالي، ولكن لا يستجيب لي، أهي وسواس من الشيطان أم أفكار ينسجها عقلي، أم أنني أعاني من مرض التوحد، أم لدي انفصام في الشخصية؟

أرجوكم ساعدوني، أعلم أنني أكثرت عليكم بمشاكلي وهمومي، ولكن ساعدوني وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نور حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولاً: نقول لك -الحمد لله- أنك أكملت المرحلة الثانوية بنجاح وتفوق، والآن أنت في مرحلة مهمة تعبر بداية لتشكل حياتك المهنية والعملية، وهذا بفضل الله -عز وجل-، ولا شك الكثير من الناس يتمنى ما أنت عليه من النعم.

ثانياً: أرى أنك حملت نفسك هموم ومشاكل مستقبلية لم تأت بعد، فأنت ما زلت طالبة في كلية الطب وليست طبيبة، بمعنى أنك في طور الإعداد والتأهيل والتدريب لكي تصبحي طبيبةً مؤهلةً تؤديين واجبك على الوجه الأكمل، وهذا التدريب قد يأخذ من ( 6-7) سنوات، وهذه الفترة تتيح لك العديد من الفرص لتنمية وتطوير مهاراتك الشخصية والاجتماعية والمهنية، فالمرحلة الجامعية هي مرحلة إعداد للمستقبل، ولذلك لا تحكمي على نفسك الآن بأن قدراتك ومهاراتك ضعيفة ولا تؤهلك لممارسة المهنة.

ولا شك أن الرغبة لدراسة أي تخصص مهمة، وينبغي أن يكون الشخص لديه الاستعداد لذلك، فالقدرات العقلية زائد الميول المهنية هي التي تجعل الشخص ناجحا في مهنته. فمهنة الطب من المهن الإنسانية التي تتطلب الميل لمساعدة وخدمة الآخرين، والشعور بالرضا عند تقديم هذه الخدمة.

فقد يكون لدى الشخص قدرات عقلية تساعده في إكمال دراسة معينة دون أي مشقة، ولكن ليس لديه ميول مهنية لممارسة المهنة فسيصبح العمل بالنسبة له مملاً ومتعباً ولا يستطيع التقدم فيه، وكذلك الرغبة والميول لوحدها غير كافية للنجاح في المهنة ما لم تصحبها قدرات عقلية كافية.

ولا نستطيع أن نحكم أن ما تعانيه سببه عدم رغبتك في دراسة الطب، وإرضاء فقط للأهل، أم أن هناك أسباباً أخرى تتعلق بعدم الثقة بالنفس وتقدير الذات، أم نتيجة الحالة المزاجية التي تعانين منها الآن؟

ربما تحسمين أمرك في هذا المجال بتكرار الاستخارة، واستشارة أساتذتك في الكلية لمعرفة المزيد عن مهنة الطب ومتطلباتها الشخصية، والمخاوف التي تدور في ذهنك، فالجميل في الطب أن لديه تخصصات عديدة بعد الانتهاء من التخصص العام سيكتشف الشخص التخصص الذي يناسبه.

النقطة الأخيرة: وحسب ما أرى ليس لديك انفصام في الشخصية ولا توحد، وإن كانت هناك أعراض فهي تشابه أعراض الخوف الاجتماعي، وهو عبارة عن قلق مرضي يظهر في المواقف الاجتماعية، وعلاجه السلوكي يكمن في المواجهة والتعرض للمواقف الاجتماعية بصورة تدريجية، والدخول في مناقشات مع الأهل والصديقات والزميلات، وأن لا تضعي نفسك دائماً في دور المدافع، وأن تتيقني دائماً بأن كل ابن آدم خطاء وهذا ليس عيباً، والذي لا يخطئ لا يتعلم، ولا تقارني نفسك بمن هم أفضل منك تحدثاً وطلاقةً، بل انظري لمن هم دونك، فهذا يزيد من ثقتك بنفسك، ويحقق الرضا عن الذات -بإذن الله-.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً