الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ماذا علي أن أفعل لأتزوج بشخص أكون مقتنعة به؟

السؤال

مرحبا.

عمري ٢٥ عاما، منذ طفولتي لم ألجأ لطريق الشباب والعلاقات المحرمة، وكنت أدعو الله بالزوج الصالح، وقرئت فاتحتي على شخصين وأنا أنهيت الخطبة؛ لأنهم غير مناسبين لي ولم أستطع قبولهم، واستمريت بالدعاء والقيام إلا أنني لا أستطيع مقاومة غرائزي الجسدية، وبدأت أصاب بالإحباط! ولم أعد أدعو الله، لماذا لا تستجاب دعوتي بالزوج الصالح؟

مؤخرا أعجبت بشخص وجدت فيه المواصفات التي أردتها، وقد بادلني نفس الشعور، لم نتحدث أبدا ولكنه لم يبادر بأي شيء تجاهي، وأصبت بالإحباط! فأنا لا أقاوم غرائزي وفي نفس الوقت لا أستطيع أن أرتبط بأي شخص، بحيث لا أكون مقتنعة به، وبدأت أقوم بالعادة السرية، فما الحل؟ هل للدعاء طريقة معينة؟ ماذا أفعل كي أتزوج بشخص مقتنعة به؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sara حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك بنتنا الفاضلة في الموقع، نسأل الله أن يُعينك على الصبر والاستمرار في طريق الخير، وأن يهديك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلَّا هو.

بدايةً أرجو ألَّا تتوقفي عن الدعاء، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- يُبشِّرُنا أولاً بأنه (ما من مسلم يدعو الله بدعوة إلَّا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إمَّا أن يستجيب الله دعوته، وإمَّا أن يدّخر له من الأجر في الآخرة والثواب عنده، وإمَّا أن يصرف عنه من البلاء النازل مثلها) أو كما قال -صلى الله عليه وسلم-.

وأيضًا نهانا عن الاستعجال في أمر الإجابة، فقال: (يُستجاب لأحدكم ما لم يدعو بإثمٍ أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل) قيل: وما الاستعجال يا رسول الله؟ قال: (يقول: قد دعوتُ وقد دعوتُ فلم أرَ يُستجب لي. فيستحسر عند ذلك ويترك الدعاء)، وهذا ما يُفرح عدوّنا الشيطان.

فاستمري في الدعاء، وتعوذي بالله من يأسٍ يحاول الشيطان أن يُوصلك إليه، واعلمي أننا أُمرنا بالدعاء ولم نُكلّف بالإجابة، والإجابة ولله الحمد تتنوّع، والله تبارك وتعالى ما سخّر لنا ولا سخّرنا للدعاء إلَّا ليستجيب لنا، وكما مضى: مَن تدعوَ ربّها رابحة في كل أحوالها. فادعِ الله بقلبٍ حاضر، وبإلحاح، وبيقين، واختاري الأوقات الطيبة، وأكثري من الدعاء، فإن الله يُحبّ الإلحاح في الدعاء.

أيضًا بالنسبة للمسألة الثانية: ينبغي ألَّا تقبلي إلَّا بمن ترتاحي إليه ويرتاح إليك، هذا مُتفق عليه، ولكن ننصح بأن لا تكون هناك شروط محلِّقة، مثالية، ليست واقعية، وعلينا أن نقف جميعًا مع أنفسنا رجالاً ونساءً، فنحن بشر والنقص يُطاردنا، والشريعة تريد للفتاة وأوليائها أن يقبلوا بصاحب الدين والأخلاق، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه).

وبعد ذلك لا مانع من البحث عن صفات جميلة أخرى، لكن الدين، الإعجاز في الدين والكمال فيه، أن الدين يُصلح كل نقص وكل خلل، فاجعلي الدّين عنوان، واعلمي أننا لا نخلو من النقص، ولكن طُوبى لمن تنغمر سيئاتُه القليلة في حسناته الكثيرة. فكوني واقعية فيما تطلبيه من الصفات، وقدّمي الدّين والأخلاق، وشاوري أهلك، وتواصلي مع موقعك، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

ثالثًا: إذا تأخرت الإجابة فليس هناك عُذر للوقوع في المعصية، والعادة المذكورة ليست فيها مصلحة للفتاة، والتمادي فيها خصمٌ على سعادة الإنسان في مستقبل حياته وعلى استقراره النفسي وصحته الجسدية، فأرجو أن تُوقفي هذا وتعودي إلى ما كنت عليه من الخير، واعلمي أن لذَّة العفاف لا تُعادُلها لذَّة، والشريعة دعت الذين لا يتيسّر لهم أمر الزواج إلى العفاف، قال العظيم: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحًا حتى يُغنيهم الله من فضله}.

نسأل الله أن يُعجّل لك بالخير، وأن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به، وأن يجعل الشاب المناسب في طريقك، وأن يُسعدك، ويُعينك على الخير، ويُعينه على كل أمرٍ يُرضي الله، ونسأل الله أن يُؤلّف القلوب وأن يغفر الذنوب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً