الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الله يختبر صبري لأتوسل إليه أم ماذا؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة، معجبة بشخص عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولا أعرف شعوره تجاهي، مؤخرا حدثت مشكلة بيننا ولا يريد مسامحتي بسرعة، وفي كل صلاتي أتوسل إلى الله بالدعاء بأن يجمع بيننا في الحلال.

أنا لا أرى عيبا في ذلك الشاب، نعم الأخلاق والتربية، ولا أدري لماذا كلما دعوت الله أن يقربه لي يحدث عكس ذلك؟ لا أعرف هل الله يختبر صبري لأتوسل إليه وأتقرب منه أم ماذا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فيروز حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك ابنتنا العزيزة في استشارات إسلام ويب.

أولاً: لقد سرَّنا جدًّا – أيتها البنت الكريمة – حين أدركت بأن الأمور كلها بيد الله، وأن الخير يُنتظر منه سبحانه وتعالى، وكان هذا الإدراك منك دافعًا لك نحو التوسُّل إلى الله تعالى، ودعائه بتحقيق ما ترغبين فيه وتتمنّينه، وهذا شعور صحيح وتصرُّف صائب، فإن الخير كله بيد الله، وينبغي أن تُعلّقي قلبك بالله وتُحسني ظنك به، وتسأليه أن يُقدّر لك الخير.

ولكن ينبغي أن تُدركي تمام الإدراك أيضًا – أيتها البنت العزيزة – أن الخير الذي يُرجى من الله والرزق الحسن الذين يُنتظر منه أعظم أسبابه العمل بطاعة الله تعالى واجتناب ما يُسخطه، فإن الله تعالى يقول: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}، ومعصيةُ الله والوقوع فيما نهى عنه من أعظم الأسباب التي تحول بين الإنسان وبين رزقه الحلال الطيب، فقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (إن العبد ليُحْرَم الرزق بالذنب يُصيبه).

فمعاصينا وذنوبنا كثيرًا ما تكون حائلة ومانعة بيننا وبين أرزاقنا، فمن أراد أن يَمُنَّ الله تعالى عليه بالرزق الحسن ويكتب له السعادة فينبغي أن يُلازم طاعة الله، فيحذر الوقوع في معصيته، ويُؤدّي فرائضه.

ونحن على ثقة تامّة من أنك إذا سلكت هذا الطريق ببصيرة وعلم وإدراك حقيقي لما يُحبُّه الله ويُبغضه فإنك ستصلين إلى السعادة العاجلة والآجلة.

ومن هذا المنطق – أيتها البنت العزيزة – نحب أن نؤكد لك بأن التعلُّق برجل أجنبي قد يكون فيه مضرَّة عليك، لا سيما مع سهولة التواصل به، ومن أجل تفادي هذه الأضرار التي قد لا تحسبين لها حسابًا، من أجل تفادي وقوعها أرشدك الله تعالى وأرشدك رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم إلى جُملة من الآداب والحدود الشرعية، التي بالتزامك لها ستحفظين نفسك من كثير من الحسرات والآلام والأوجاع.

فنحن ندعوك - دعاء مَن يتمنّى لك الخير ويرجو لك السعادة – أن تلتزمي بهذه الآداب والتوجيهات، وأوّل هذه الآداب: ألَّا تتواصلي مع هذا الرجل بأي كلام فيه لين وخضوع وما يُسمَّى بالحب، ونحو ذلك من الكلام، فإن الله سبحانه وتعالى يقول: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض}.

الوصية الثانية: أن تلتزمي الحجاب الشرعي كما أمرك الله تعالى.

والوصية الثالثة: أن تحذري من الاختلاء به، أو أن يجرّك الشيطان إلى مراسلته بإبداء ما لا يُستحسن إبداؤه من جسمك، ونحو ذلك من الأخطاء التي تقع فيه الكثير من الفتيات، ثم يندمنَ حين لا ينفع الندم.

فهذه الحدود الشرعية يجب عليك أن تقفي عندها، وإذا سألتِ الله تعالى أن يرزقك هذا الرجل لو كان فيه خيرًا لك؛ فهذا شيءٌ حسن، ولكن نصيحتنا لك أن تفوضي الأمور إلى الله تعالى، وتجعلي اختياره لك هو الخير، فإنه يعلم وأنت لا تعلمين، وكم يحرص الواحد مِنَّا على شيءٍ يظنّه خيرًا له ثم يصرفه الله تعالى عنه لعلمه سبحانه بأن ليس فيه خير، وقد قال الله سبحانه في كتابه: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تُحبوا شيئًا وهو شرٌّ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يُقدّر لك الخير حيث كان ويرزقك الزوج الصالح.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً