الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أعاني من اختلال الأنية أم الفصام؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب عمري 20 سنة، كنت مصابا باختلال الأنية أو ما شخصه لي الطبيب بداء القلق، ثم شفيت منه.

ولم ألبث حتى عاد لي المرض بصورة أقوى وأكبر، حتى أن أعراضي لم أجدها في أي مكان، وأخشى من أن أكون مصابا بمرض ذهاني!

فقد أصبحت أشعر بأني خارج الإنسانية بكل معنى الكلمة، أي أن أي فعل إنساني أجدني عاجزا عن فعله، وإن فعلته أكون مرعوبا.

كما أحس بأن الدنيا بما فيها كذب، ولا وجود لها، بمعنى أننا لسنا موجودين ولسنا حقيقة، مع إحساس مرعب، وكأني خرجت من جسمي تماما، ومشاعر أخرى لا أستطيع وصفها!

أتساءل لماذا يوجد قبل وبعد؟ وتنتابني نوبات هلع وأفكار صرت أشعر بأنها صحيحة بسبب تقبل عقلي لها، وعدم رفضها، لأنها صحيحة بالنسبة له.

أتمنى أن تشخصوا حالتي، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد المعز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

وصفك لحالتك وصف طيب ودقيق وجميل جداً، وأنا أبشرك يا -أخي الكريم- أن هذه الحالة معروفة لدينا في الطب النفسي، نعم مثل حالتك نادر لكن لدي خبرة مع بعض الحالات، وهذه نسميها وساوس العدم، أي أن الإنسان يشعر أن المتغيرات قد استحوذت عليه للدرجة التي أصبح خارج الإنسانية، ولا يحس بذاته، ولا يحس بنوع، ولا يحس بوجود هكذا.

فهذه وساوس العدم وهي طبعاً وساوس والوساوس أيضاً صادقة ووساوس كاذبة، الوساوس يجب أن تحقر، الوساوس يجب أن تصرف انتباهك عنها تماماً، وهذا النوع من الوساوس يستجيب استجابة ممتازة للعلاج الدوائي، فأنا أنصحك أن تذهب وتقابل طبيبا نفسيا.

وإن لم تستطع فسوف أصف لك الدواء اللازم، الدواء يسمى سيرترالين هذا هو اسمه العلمي، تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة أي 25 مليجراما يومياً في الصباح لمدة 10 أيام، ثم تجعلها 50 مليجراما حبة يومياً لمدة أسبوعين، ثم تجعلها 100 مليجرام يومياً لمدة شهر، ثم 150 مليجراما يومياً وهذه هي الجرعة العلاجية في حالة هذا النوع من الوساوس، لا بد أن نعطي الجرعة الكبيرة نسبياً، لكنها طبعاً سليمة مائة في المائة، تستمر على ثلاث حبات يومياً من السيرترالين، يمكنك أن تتناولها كجرعة واحدة في اليوم، أو تتناول حبة في الصباح وحبتين ليلاً، تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى حبتين أي 100 مليجرام يومياً لمدة ثلاث أشهر أخرى، ثم تجعلها حبة واحدة يومياً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعلها نصف حبة أي 25 مليجراما يومياً لمدة شهر، ثم 25 مليجراما يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول السيرترالين، هذه الوصفة وصفة دقيقة ويجب أن تتبع كما هي حتى تجني الفائدة العلاجية منها، ويتم البناء الكيمائي بصورة صحيحة.

السيرترالين يدعم بعقار آخر يعرف باسم رسبيريادون، تتناوله ليلاً بجرعة 1 مليجرام ليلاً لمد ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عن تناوله.

إذاً هذا هو خط العلاج الرئيسي العلاج الدوائي، وبجانب ذلك ذكرنا لك يجب أن تلجأ إلى التجاهل، يجب أن تلجأ إلى التحقير، ويجب أن تلجأ إلى صرف الانتباه تماماً عن هذه الأفكار، ولا تحاورها، ولا تناقشها، ولا تحللها، بل قل آمنت بالله، آمنت بالله، آمنت بالله، ثم انتهِ، أي حقرها، وهكذا نصحنا الرسول صلى الله عليه وسلم فيما ورد أن الصحابة قد اشتكوا من الوساوس، فنصحهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن لا يخوضوا فيها، أي ينتهوا وأن يقول الإنسان آمنت بالله آمنت بالله آمنت بالله، وعلى النطاق العام أريدك أيضاً أن تحسن إدارة وقتك، أن تتجنب الفراغ الذهني والفراغ الزمني، اجتهد في دراستك، حاول أن تكون شخصا نشطا فيما يتعلق بالأنشطة والقيام بالواجبات الاجتماعية، ممارسة الرياضة، لا بد أن تكون لك آمال وطموحات مستقبلية، وتضع أهدافك وتضع الخطط التي سوف توصلك إلى أهدافك، هذا يبعد عنك تماماً ما نسميه بوساوس العدم، والأمر ليس اضطراب آنية كما تتصوره، بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً