الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من فكرة الخوف من الموت، وأحقق أحلامي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولًا: عانيت قبل شهرين من نوبة هلع، ومن حينها لدي خوف شديد وتفكير مبالغ فيه حول الموت والحساب، خصوصًا وأنني ارتكبت ذنوبًا كثيرة وما زلت للأسف.

أصبحت المخاوف تزداد عند سماع خبر وفاة أشخاص في مثل عمري، أو أشخاص ماتوا قبل حفل تخرجهم، أو قبل زواجهم بأيام بحوادث المرور، أو بالسكتة القلبية، كل شيء بالنسبة لي بلا معنى، من دراسة وعمل وغير ذلك.

رغم أنني حقًا أريد التخرج والعمل طبيبًا، حتى أساعد الناس لوجه الله تعالى، وحمدًا وشكرًا لنعمه، وأريد أن أتزوج وأكون أسرة، وأسعى إلى تربية أبنائي تربية صالحة، ولكن تراودني فكرة أنه ما الفائدة من ذلك وهناك أناس توفوا قبل أن تحين الفرصة لفعل ذلك بوقت قصير؟

حاولت أن أتخلص من هذا التفكير ولم أستطع، ولا أعرف كيف أتخلص منه؟!

شكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يُبعد عنك كل شرٍّ ويوفقك لما يُحبه ويرضاه.

أولاً نقول لك: إن الخوف من الموت خوفٌ مشروع، إذا كان يُبعد الشخص عن ارتكاب المعاصي، ويحثُّه على فعل الخيرات، ويُذكّره بيوم الحساب الذي ينبغي الاستعداد له، ولكن إذا كان خوفًا مرضيًا، بحيث يُعطّل نشاطات الشخص، ويُكبّله، ويُهدم طموحاته وآماله، فهذا بالطبع خوفٌ غير محمود، ولا بد للإنسان أن يتخلص منه، حتى يعيش هنيئًا مستمتعًا بحياته وصحته التي وهبها الله له.

ثانيًا: تذكّر دائمًا أن رحمة الله سبحانه وتعالى سبقت غضبه، وأنه هو الغفور الرحيم، إذ قال في كتابه الكريم: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم}، [سورة الزمر: 53].

فأنت -ابننا العزيز- مهما ارتكبت من معاصي وذنوب؛ ما دمت نادمًا على ذلك، واستغفرتَ الله تعالى، وتبت إليه، ورجعت إليه؛ فلا تخف، فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والتائب حبيب الرحمن.

ثالثًا: حاول التخلص من الأفكار السلبية الكارثية، التي هي أساس نوبات الهلع، فهي المُحرّك للأعراض والأحاسيس الجسدية التي تشعر بها، فحاول دائمًا تشتيت الفكرة، وعدم محاورتها، وعدم الانشغال بها، بل اشغل نفسك بما هو مفيد، وبالوسائل التي تُحقق أهدافك وطموحاتك، فأنت لديك طموحات مستقبلية ممتازة، فلا تيأس، بل واظب وثابر، وستصل -إن شاء الله- لتحقيق ذلك، وكلّ مَن سار على الدّرب وصل بحول الله وقوته، وإنما الأعمال بالنيّات، ولكل امرئٍ ما نوى.

فالأمر يتطلب أن الإنسان يدعو الله سبحانه وتعالى أن يُبارك له في عمره، فالبركة في العمر هي الأساس، كم من أُناسٍ عاشوا سنين عديدة ولكن إنجازاتهم في الحياة كانت ضعيفة، وكم من أُناسٍ عاشوا فترات أو سنين قليلة ولكن إنجازاتهم كانت ضخمة، وصارتْ أسماؤهم تُذكر، رغم أنهم ماتوا منذ زمنٍ بعيدٍ، وهذا كثير في تاريخنا الإسلامي.

فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يُحقق لك آمالك وطموحاتك، وسِرْ، ولا تتبع خطوات الشيطان؛ فإنها تُعوقُ مسارك، ولكن استعذ بالله، واستعن به ولا تعجز، وواصل مسيرتك، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً