الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استبعدت فكرة الزواج خوفًا من مسؤولياته، فهل فعلي صحيح؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة عمري 24 سنة، وعمري يعتبر مناسباً للزواج، لكن ينتابني شعور الخوف من هذه الفكرة، لما في الزواج من مسؤولية، وحقوق للرجل علي وواجبات، وأخشى أن لا أستطيع أن أمتثل لها، وأعلم عواقب عدم طاعة الزوج في الشرع، فأخشى أن أقع في المحظور والتقصير، بالإضافة إلى أنني شخصية انطوائية، ولا أحب المشاركة، فكيف سأشارك حياتي كلها مع شخص؟ لذلك فكرة الارتباط أصبحت لدي مستبعدة تقريباً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مما حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى أن يزيل همّك، ويُبعد عنك كل مكروه، ويُثبتك على الطريق المستقيم.

أولاً: نذكّرك بالآية الكريمة التي يقول فيها المولى سبحانه وتعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21].

فالتزاوج هو آية من آيات الله تعالى، وقد وضع لذلك الأسباب وهيأ الإنسان لهذه المهمة التي هي من السّنن الكونية لاستمرارية الحياة ولبقاء النسل مستمرًّا إلى نهاية الدنيا، فالله تعالى يعلم هذه المسؤولية التي تخافين منها، ويعلم أنك قادرة عليها، وهو المُعين والمستعان على ذلك، فهناك فتيات أصغر مِنك سِنًّا تزوجنَ وتحملنَ المسؤولية بقدرة الخالق القدير، ومارسنَ حياتهنَّ بكل سهولة ويُسر.

ثانيًا: نريدُك – أيتها الفاضلة – أن تنظري للحياة الزوجية بأنها حياة تشاركيّة وتكاملية بين الزوجين، ونُريدُك أن تنظري لها بأنها مصدر من مصادر السعادة والسكون والمودة والرحمة، وليست مصدر عناء وشقاء.

ثالثًا: بما أنك وصفت نفسك بأنك انطوائية؛ فليس معنى ذلك أنك لا تتحمّلين شخصاً يُشارككِ الحياة، العلاقة الزوجية مختلفة تمامًا عن علاقة الصداقة وعن العلاقة مع الأقرباء، وحتى الوالدين، وقد يُساعد الزواج في كسر هذا الحاجز النفسي، ويجعلُك أكثر اجتماعيّة وتفاعليّة مع الآخرين، وتستمتعين بعلاقاتك الاجتماعية أيّما استمتاع.

رابعًا: نعم، الحياة الزوجية فيها حقوق وواجبات، وإذا وفقك الله في إيجاد الزوج الصالح سيُكرمك ولا يُكلّفك فوق طاقتك، بل يكونُ سندًا وعونًا لك لكل صغيرة وكبيرة، وتكونين أيضًا عونًا له، وبذلك تتحقَّق الألفة والمحبّة.

خامسًا: ليست كل التجارب السيئة في الزواج تعني أنها يمكن أن تنطبق أو تصير عليك، فلكل إنسان تجربته الخاصة وفقاً لسمات شخصيته وظروفه التي مرَّ بها، وكم من أُناسٍ سعدوا في حياتهم الزوجية، وكم من أُناسٍ شقوا، والأمر يرجع كله إلى التعاليم الدينية السمحة، وإلى أن نقتدي بقدوتنا وأسوتنا رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-، وأن نقتدي بزوجاته -رضي الله عنهنَّ-.

فكلما طبّقنا ما جاء في الشرع فلن تكون هناك أية مشاكل، ويسهل حل الخلافات الزوجية، وحتى إذا توقعت أنك ستكونين مُقصّرة فهذا أمر ليس للإنسان إلَّا أن يبذل قصارى جهده لكي يُرضي شريك حياته، وأن يُوفيه حقوقه في ما يستطيع، وإذا صحّت النيّة فالله سبحانه وتعالى سيوفقك في ذلك، ولك الأجر -إن شاء الله- في كل ما تقومين به تجاه زوجك، وأيضًا له الأجر في كل ما يقوم به تجاهك.

إذًا: لا تُغلقي هذا الباب؛ فالله سبحانه وتعالى قادرٌ على أن يجعلك تتحمّلين ما تخافين منه، والله الموفق لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً