الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي خلعت النقاب لأخذ صورة في مكان عام، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا متزوج منذ تسعة أشهر، زوجتي -ولله الحمد- أحبها وتحبني، وفيها من الصفات الجيدة الكثير، بعد فترة من بداية زواجنا كان هناك يوم لتصوير الطلاب المتخرجين، وزوجتي تلبس النقاب وتميل إلى أنّه سنة، وأنا أقول إنه فرض، وألحت علي بأن تذهب ولم أكن موافقًا، فقالت إنّها تريد أن تتسلى مع صديقاتها دون أن تتصور، علمًا أنّهنّ فتيات فقط، فذهبت ثمّ عندما عادت سألتها عن المصور، فقالت هو رجل، فسألتها هل نزعت النقاب؟ قالت نعم، فقط في آخر صورة، فكان ذلك بداية المشكلة، ثمّ بعد فترة أتى يوم التخرج ولم أقبل أن تذهب بأي شكل من الأشكال، حتى تدخلت والدتي وألحّت علي أن أقبل، فقبلت ونبهت زوجتي كثيرًا، ثمّ تفاجأت على هاتفها -وكنت أساعدها في نقل ملفاتها إلى هاتف جديد- أنّها أخذت صورًا دون نقابها مع مدرسين ذكوراً كانوا يدرسونها، وهذا شيء لا تستطيع تجنبه في بلدي، فواجهتها بذلك، فقالت إنّها لم تدرِ ماذا فعلت، هي فقط أخذت الصور دون تفكير، وتعهدت لي أنّها لن تفعل شيئًا دون أن تسألني، أو تفكر في الأمر.

بعد شهرين تقريبًا ذهبت هي وأخواتها إلى مركز تسوق، وكان هناك افتتاح لأحد المحلات من مشاهير التواصل الاجتماعي، فذهبت إلى هناك ونزعت أخواتها النقاب فنزعته هي أيضًا، والتقطن الصور مع المشهورة ثمّ أعادته، ولكن هذه المشهورة كان هناك من يصور لها هذه اللقطات، فنزل الفيديو على الانستغرام وعلى اليوتيوب ويظهر فيه وجه زوجتي، وهذا الموقف الأخير كان أكثر موقف شعرت فيه بندمها، وأنّها أدركت خطأها على عكس باقي المواقف، هل الفراق هو الحل، أم أنّ الاستمرار ممكن؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك في عمرك، وأن يحفظك من كل مكروه وسوء، وأن يصلح حال زوجتك، وأن يديم الألفة والمحبة بينكما، إنه جواد كريم.

أخي الكريم: زوجتك امرأة مطيعة، وهي في ذات الوقت صادقة، وقد أنعم الله عليك بأن مشاكلها مع أهلك قد تكون قليلة أو معدومة، لاحظنا هذا من تدخل والدتك لأجل أن ترسلها إلى الاحتفال، وهذا يعني أن موقفهم منها ليس سلبياً.

زوجتك لا تميل لوجوب النقاب، وتراه سنة، وهي مع ذلك استجابت لقولك، ورضيته، والتزمت به، وصارحتك عن وجود ما يجب المصارحة فيه، وهذا يدل على أن الخير فيها أكثر، والرجاء منها أكبر.

أخي الكريم: الحياة الزوجية لا تقوم على التطابق، كما لا تصلح بالتنازع، إنما المشاركة وتحمل كل طرف للآخر هو ما يقيم بنيان الحياة الاجتماعية، والخطأ متى ما وضع في إطاره الصحيح بلا تضخيم ولا تهويل ولا تهور كذلك، أضحى مقدوراً على الاحتواء، ومن ثم معالجته معالجة صحيحة.

نأتي بعد ذلك إلى سؤالك مباشرة: هل فراقها هو الحل؟
الجواب: بالطبع لا، لعدة أسباب:
1- الزوجة لم تأت بما يوجب فراقها.
2- النقاب عندها سنة، وبناء عليه فلم تفعل محرماً غير أنها خالفتك، وهذا وإن كانت الشريعة لا تقره إلا أنه ليس مما يوجب الفراق.
3- الزوجة نادمة، والندم كما علمنا الدين توبة، فإذا ندمت المرأة على فعل هي لا تراه محرماً، فإن الدافع إلى ذلك محبتك ورغبتها في البقاء معك.

أخي الكريم: إننا ننصحك بما يلي:
أولاً: احتواء الزوجة والحديث معها عن الحكم الشرعي، والاستعانة بأقوال أهل العلم سيما من تثق هي في دينهم.
ثانياً: لا تتوقع أن تتغير المرأة فجأة، فعليك أخي بالموازنة والنظر إلى مجموع حسناتها، فإن هذا أدعى إلى الإنصاف.
ثالثاً: أحسن إليها جهد طاقتك، فإن المرأة أسيرة الإحسان.
رابعاً: اجعل لها محيطاً آمناً من الأخوات الصالحات، فالمرء بأصحابه وإخوانه، والذئب يأكل من الغنم القاصية.
خامساً: أكثر من الدعاء لها بأن يصلحها الله عز وجل، فالدعاء أخي سهم صائب.
سادساً: احذر خطوات الشيطان، واعلم أنه متربص بكل أسرة صالحة، وأن أقصى أمانيه هو تقويض أمرها وهدم عشها، هذه مهمته وهذا دأبه، قال الله تعالى: "إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ"، وقد بينت السنة الصحيحة حرصه على التفريق بين الأحبة، ولا سيما الزوجين، فعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:« إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة. يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا. فيقول: ما صنعت شيئاً. قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، - قال: - فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت » رواه مسلم.

وختاماً: الحوار والمصاحبة بالمعروف هو الطريق الآمن لكل أسرة تريد السلامة في الدنيا والنجاة في الآخرة، فلا تضخم المشكلة، واجتهد أن تحتوي زوجتك.

وإنا نسأل الله أن يبارك فيكما، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً