الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعيش في خيال التمثيل منذ سنوات، فكيف أتخلص منه؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا بنت، وعمري 25 سنة، رسالتي طويلة قليلاً، منذ كان عمري 9 سنوات كنت أدخل الغرفة، وأغلق الباب وأمثل فيها ساعات طويلة، وكنت أتابع طيور الجنة وأتخيل نفسي على المسرح، وأبدأ أمثل وأهيم، واستمررت إلى عمر 24 سنة، وكنت أدخل الحمام بهاتفي، وأمثل هناك ساعات طويلة حتى أصبت بالمس، تعالجت منه -الحمد لله-، ولكن أحس أن عقلي فارغ، ولست شخصيتي الأولى.

صرت أرى نفسي من خارج جسمي، وكأن شخصاً آخر يتحكم بي، أستغرب من أشكال الناس والحياة قليلاً، نعم أراهم وأسلم عليهم، لكن هناك شيئاً غريباً جداً لا أستطيع وصفه.

ذهبت إلى طبيب نفسي، فقال: عندك الذهان، لكني استمررت على علاج الراقي، أهلي قالوا: لا تأخذي الدواء، سوف تصابين بالجنون، فتركت الدواء، وتركت أحلام اليقظة والتمثيل والسرحان مدة 3 شهور، ثم عدت إلى ما كنت عليه من أحلام اليقظة والتمثيل، والآن أمثل وكأن الحدث حقيقي.

أرجوكم ساعدوني، كرهت نفسي، تدمرت حياتي بسببها، هل هناك حل بالقرآن؟ كيف أتخلص من أحلام اليقظة والتمثيل والسرحان فيها ساعات طويلة؟ وكيف أرجع للدراسة؟ وكيف لا أستغرب من أشكال الناس والحياة؟ أعرف أن الابتلاء سنة في هذه الحياة، وأسأل الله أن يخلصني مما أنا فيه، وأرجو منكم مساعدتي، كيف أرجع لطبيعتي، وأمارس حياتي مثل الناس؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نونا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هذا الذي يحدث لك من وجهة نظري ليس بالذهان -مع احترامي الشديد للطبيب الذي ذكر لك هذا الأمر-، لكن الذي أراه أن الإسراف في أحلام اليقظة والتمثيل والتماهي مع شخصيات خيالية أدخلك في نوع من القلق والوسوسة واضطراب الأنّية، فأنت افتقدت تعريف ذاتك وتأكيدها، لكنّك مستبصرة بكل ذلك، فهذا ليس بالذهان أبدًا.

يجب أن ترجعي إلى الحقيقة، يجب أن تدركي أن هذا الذي تقومين به هو سلوك مكتسب، سلوك سخيف، كان في مرحلة من مراحل حياتك، لكن أتى الوقت الآن لتتغيّري، وقوّة الآن هي القوة التي يجب أن ترتكزي عليها، الإنسان في حاضره يستطيع أن يتغيّر، لكن الماضي لا يستطيع أن يقوم بأي شيء حياله، لذا نعتبر دائمًا أن الماضي أضعف من الناحية النفسية والسلوكية، والحاضر هو الأقوى، وحتى المستقبل هو بيد الله ويجب ألَّا يتخوّف الناس حوله.

فاجعلي لنفسك برنامجاً يومياً مُلزماً تديرين من خلاله وقتك، وأوّل الخطوات هي أن تنامي مبكّرًا، أن تتجنبي السهر؛ لأن هذا يؤدي إلى تحسُّنٍ كبيرٍ في أداء الموصّلات والنواقل العصبية الدماغية، هذا يتيح لك أن تستيقظي مبكّرًا، أن تؤدي صلاة الفجر في وقتها، أن تقرئي أذكارك، أن تقرئي شيئًا من القرآن، ومن ثم تنطلقين في حياتك بكل قوة وثبات.

ولا بد أن تكون هنالك ركائز لإدارة الوقت، (سوف أقومُ بكذا الساعة كذا) ويكون التزاماً قاطعاً من جانبك، ويجب أن تتشكّل هذه الأنشطة اليومية: الواجبات المنزلية، التواصل مع الأهل، يجب أن تفكّري أيضًا في نوع من الدراسة، حتى وإن لم تكن دراسة أكاديمية منتظمة، اجعلي لنفسك أهدافاً، واسعي لتحقيق هذه الأهداف، ومن أهدافك مثلاً: أن تحفظي بعض الأجزاء من القرآن الكريم في خلال ستة أشهر، ويكون لك أهداف أيضًا على المدى البعيد، وهكذا.

هذا سوف ينتج عنه -إن شاء الله تعالى- إزاحة تامّة لهذا الوضع الخيالي، ووضع التغرُّب عن الذات والتمثيل والإسراف في الفكر الوسواسي الذي يقوم على أحلام اليقظة.

ومن وجهة نظري أيضًا: ممارسة الرياضة ستكون مفيدة جدًّا بالنسبة لك، رياضة المشي، طبقي أيضًا تمارين استرخائية، تمارين التنفس المتدرجة، تمارين شد العضلات وقبضها، هذه كلها -إن شاء الله تعالى- تدخلك في واقع جديد، وللتدرب على تمارين الاسترخاء يمكنك أن تلجئي إلى استشارة إسلام ويب التي رقمها (2136015).

أيتها الفاضلة الكريمة: ابني صداقات جديدة مع الصالحات من البنات، كوني بارّة بوالديك، وكوني جزءًا فعّالاً في أسرتك، مُشاركة في كل ما يؤدي إلى استقرار الأسرة وتطويرها.

من ناحية العلاجات الدوائية: أنا لا أرى حاجة كبيرة لك بها، وإن كان هنالك بعض الدراسات تُشير أن مضادات القلق مثل: الـ (ديانكسيت Deanxit) بجرعة حبة واحدة يوميًا في الصباح لمدة شهرين، سيكون مفيدًا بالنسبة لك.

موضوع العين والحسد والمس نحن نؤمن به تمامًا، لكن لا أعتقد أن حالتك هذه لها علاقة بكل هذا، لكن من الجميل أن تحصّني نفسك من خلال صلواتك وأذكارك وتلاوة القرآن.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً