الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نوبة هلع أفقدتني تركيزي وأحلامي، ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم

أنا منذ فترة أصبت بنوبة هلع وخوف شديد، فقد كانت المرة الأولى التي أصاب بها، والتحاليل كلها سليمة، وبعدها أصبحت أخاف من الجنون، لا أعلم كيف أتصرف معها؟ فأنا أريد الخروج من هذه الحالة، كنت دائماً أفكر وخائفاً وقلقاً ومتوتراً، حتى أصبح عقلي كأنه فارغاً من الأفكار.

فقدت تركيزي في الحياة، وفقدت أحلامي التي كنت أريد أن أنجزها، وأصبحت لا أركز على حياتي ودراستي كالسابق، لا أعلم كيف أتخلص منها؟ ما هذه الحالة التي أصبت بها؟ فأنا أريد المساعدة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رمزي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في موقع استشارات إسلام ويب.
كثيرًا ما تكون نوبات الهلع أو الفزع مختلطة بالقلق والوسوسة، وهذا هو الذي تعاني منه. إذًا حالتك نسمّيها بـ (قلق المخاوف الوسواسي) مع وجود نوبة هلع أو هرع، وبالفعل من خلال هذه الحالات يحسّ الإنسان أن أفكاره متداخلة ومتطايرة، وأن هنالك توتر، ويكون هنالك تشويشاً في الأفكار، وضعفاً في التركيز، وطبعًا كل هذا يكون مصحوبًا بعسْرٍ في المزاج، وهو نوع من الاكتئاب البسيط.

أيها الفاضل الكريم: هذه الحالات حالات عابرة في معظم الأحيان، وتجاهل الأعراض من أهم وسائل العلاج، والمنحى العلاجي الآخر هو: تنظيم نمط الحياة، وأن تجعله أكثر إيجابيًّا، بأن تتبع الخطوات التالية:

أولاً: يجب أن تتجنب السهر تمامًا، وتُركّز على النوم الليلي المبكّر، حيث أن ذلك يعطي الجسم والدماغ الفرصة ليحدث الاستقرار وترميم كامل للأعصاب وللمسارات الهرمونية والبيولوجية الدماغية الخاصة بالناقلات العصبية، ويستيقظ الإنسان مبكّرًا، ويُصلي صلاة الفجر، وهنا تنزل على الإنسان الطمأنينة والرحمة، وتؤدي تمارين صباحية بسيطة، تمارين إحماء، بعد ذلك الاستحمام وشرب شاي من القهوة أو الشاي، وترديد أذكار الصباح، وتلاوة شيء من القرآن، وتدرس في هذه الفترة لمدة نصف ساعة إلى ساعة قبل أن تذهب إلى مرفقك الدراسي.

إذا طبقت هذا - أيها الفاضل الكريم - فهو تعديل الحياة الجوهري الذي من خلاله سوف تعالج حالتك؛ لأن الإنجازات الصباحية والنوم الليلي المبكّر حقيقة يحسّن الدافعية عند الإنسان جدًّا، وحين تتحسّن الدافعية تجد أن بقية اليوم قد سار سلسًا جدًّا، يتحسّن التركيز في أثناء متابعة الدراسة، ترجع بمعنويات جيدة إلى المنزل، تتناول وجبة الغداء، تأخذ قسطًاً من الراحة، ترفّه عن نفسك بما هو طيب وجميل، تؤدي صلاتك في وقتها، تجالس أسرتك، تتواصل مع أصدقائك.

لاحظ أن هذه المهام الحياتية هي البديل للخوف والوسوسة والقلق وعُسر المزاج، ونحن نحتّم على هذا؛ لأن الإنسان الله تعالى حباه بالطاقات من أجل التغيير، وهذا هو التغيير الذي ننشده.

في حالتك أيضًا الرياضة مهمّة جدًّا، أي نوع من الرياضة متاحة يجب أن تمارسها، وهنالك تمارين نسميها بتمارين الاسترخاء، أرجو أن تُطبقها، وإسلام ويب أعدت استشارة رقمها (2136015)، يمكنك الرجوع إلى هذه الاستشارة والاستفادة ممَّا ورد فيها من إرشاد.

أريدك أيضًا - أيها الفاضل الكريم - أن تستعمل دواءً بسيطاً مضاداً للهرع والفزع، ومُحسِّنٌاً للمزاج، ويزيل الخوف والوسوسة، الدواء يُعرف باسم (سيبرالكس Cipralex) واسمه العلمي (اسيتالوبرام Escitalopram)، ابدأ في تناوله بجرعة خمسة مليجراماً - أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجراماً - تناولها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة - أي عشرة مليجراماً - يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، وهذه جرعة صغيرة جدًّاً.

بعد ذلك خفض الجرعة إلى خمسة مليجراماً يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجراماً يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

سيكون أيضًا من الجميل أن تجري فحوصات طبية عامّة، للتأكد من السلامة الجسدية، تتأكد من مستوى الفيتامينات، مستوى فيتامين (د)، ومستوى فيتامين (ب12)، وفحص الغدة الدرقية، وفحص الكلى والكبد، ومستوى اليهموجلوبين.

هذه هي الرزمة الإرشادية المتكاملة التي أرجو أن تأخذ بها، بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً