الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تغير وضعي الدراسي والنفسي فجأة، فهل للعين علاقة بالأمر؟

السؤال

السلام عليكم.

أقوم بدراسة الماجستير في الخارج، كنت متفوقة ومميزة، وأتقنت لغتين -بالإضافة للعربية-، وكنت أعمل في مختبر الجامعة إلى جانب دراستي، والكل يشهد لي بالنجاح والنشاط والإيجابية، حتى أساتذتي الأجانب.

منذ سنة، فجأة وبلا سبب، تراجع مستواي العلمي، انعزلت عن الجميع رغم أني اجتماعية، وبدأت معي أعراض لم يستطع أي طبيب في الخارج تشخيصها، أشعر بألم شديد، وحرقان في القدمين واليدين والظهر، وثقل في الرأس، ونسيان، وعدم تحمل الدراسة، وتراجع قدراتي العقلية في الدراسة، وكأني لم أدرس يوماً حرفاً! حتى بدأت أنسى اللغتين اللتين تعلمتهما، وأستخدمها كل يوم! شعرت وكأني سأفقد عقلي، وأجلت تقديم رسالة الماجستير أكثر من ثلاث مرات.

بدأت أكره أهلي، وأشعر أنهم ثقل على قلبي رغم مساندتهم لي وإحسانهم، وأكره نفسي، كنت محافظة على الصلاة والقرب من الله، فأصبحت لا أستطيع أن أصلي كل الصلوات، ولم أستطع صيام رمضان، بسبب الأعراض الجسدية الشديدة، أشعر دائماً أني مخنوقة، وصدري ثقيل.

ذهبت لمعالج نفسي، وأخبرني أنها مشكلة نفسية، والأطباء لم يستطيعوا تشخيص حالتي، فكل الفحوصات سليمة.

أدعو على نفسي بالموت، فلم أعد أتحمل الوضع، هل من الممكن أن تكون عيناً أو سحراً؟ هل حقاً يوجد عين؟ ولمَ يبتلينا الله بها؟ وكيف السبيل للشفاء؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يَمُنَّ عليك بالشفاء، ويُعجّل لك بالعافية، نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك.

وقد أحسنت -ابنتنا الكريمة- حين أخذت بأسباب التداوي، ومن هذه الأسباب عرض حالتك على الأطباء، وبقي من الأسباب أيضًا استعمال الرقية الشرعية، فإنها شفاء -بإذن الله-، وقد سمَّى الله تعالى كتابه (شفاءً) فقال: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظةٌ من ربكم وشفاءٌ لما في الصدور}، وقال: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة}، وقال سبحانه: {قل هو للذين آمنوا هدىً وشفاء}.

والرسول -صلى الله عليه وسلم- قد علَّمنا أنواعًا من الأدعية بالشفاء، وأخبرنا -عليه الصلاة والسلام- في أحاديث كثيرة بأن العين حق، -يعني أنه شيءٌ ثابتٌ وليس مجرد وهم-، وهي أمورٌ خفيّة من حيث كيفية التأثير، ولكننا لا نُحيط علمًا بكل شيء في هذا الوجود، وعقولنا قد لا تستطيع أن تتصور كل شيءٍ لم تَرَه، فلهذا نحن نؤمن بما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- من تأثير العين، فقد قال: (العين حق، ولو كان شيءٌ سابق القدر لسبقته العين)، والأحاديث الواردة في إثبات وجود العين كثيرة.

والعين كيفية نفسيّة، يعني نظرةٌ بالعين ولكنها مصحوبة بكيفيةٍ نفسيَّةٍ، يجعل الله تعالى بهذه النظرة مع هذه الكيفية أثرًا في المنظور، والله على كل شيءٍ قدير، ولكن على الإنسان المسلم أن يعتقد اعتقادًا جازمًا أنه لا يقدر أحدٌ على أن يضرّه إلَّا بعد أن يكون الله تعالى قد قدّر ذلك وأذن به، وإلَّا فلا يستطيع أحدٌ أن يضرَّ أحدًا، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يصف فعل الناس ومحاولة الإضرار بواحدٍ من الناس فيقول: (واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيءٍ لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضرُّوك بشيءٍ لن يضرُّوك إلَّا بشيءٍ قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجفَّت الصحف).

فعلى الإنسان المسلم أن يعتقد اعتقادًا جازمًا أن الخلق لا يستطيعون أن ينفعوه أو يضرُّوه، ولكن إذا أذن الله تعالى جعلهم سببًا للنفع أو سببًا للضرر.

والعلاج من هذه العين والشفاء منها الرقية الشرعية، والرقية الشرعية عبارة عن قراءة القرآن الكريم، وخاصةً الآيات التي فيها ذِكْر الشفاء -كما ذكرتُ قبل قليل- وآية الكرسي، وأوائل سورة البقرة، والآيتان الأخيرتان من سورة البقرة، و(قل هو الله أحد)، و(قل أعوذ برب الفلق)، و(قل أعوذ برب الناس)، ومن الأدعية قولُه صلى الله عليه وسلم: (أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطانٍ وهامَّة ومن كل عينٍ لامَّة)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم رب الناس أذهب البأس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلَّا شفاؤك، شفاءً لا يُغادر سقمًا).

فينبغي للإنسان المريض أن يُكثر من استعمال هذه الرقية، يقرأها في ماء ويغتسل به، ويشرب منه، ويُكرر هذا، فإن الرقية تنفع الإنسان ممَّا نزل به وممَّا لم ينزل به.

ولو استعان بالصالحين من الناس وأهل الخير الذين يُعرف عنهم التمسُّك بدينهم وصلاح أحوالهم؛ فلا حرج عليه في الاستعانة بمن يرقيه، وليحذر من الوقوع في مصيدة الدجّالين والكذّابين والمشعوذين، فإنهم لا يزيدونه إلا مرضًا إلى مرض.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يَمنَّ عليك بعاجل العافية والشفاء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً