الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد تسع سنوات من العلاقة يقول إنه يخشى الزواج مني!!

السؤال

السلام عليكم.

أحببت شخصاً، و-للأسف- ظننت أن ضمان استمراره معي هو حديثنا قبل الخطبة والزواج، وكنا على علاقة لمدة تسع سنوات، و-للأسف- الكلام معه أظهر له بعض صفاتي السيئة التي لا يحبها.

والآن هو متخوف أن لا يرتاح معي في الزواج؛ لما وجده من طبعي القاسي، علماً إنه ما زال يحبني، ولكن يخشى الزواج مني، وأنا أحبه.

وهذه العقبات جعلتني في حيرة كبيرة، فصليت الاستخارة كثيراً، ورأيت أحلاماً كثيرة جميلة، والآن تبت وأستغفر من علاقتي معه خلال السنين الماضية، ولكني أخشى أن لا نتزوج، وأعلم أن كل شيء بأمر الله.

والآن مواظبة على صلاة الاستخارة وصلاة قضاء الحاجة مع الدعاء، فكيف لي أن أرتاح وأطمئن، فأنا أريد الزواج به، وأريد تأسيس بيت معه، وأريد أن يرد الله قلبه ويجعله مطمئناً من ناحيتي، وأيضًا لا أريد أن أعصي الله.

وفقني الله كثيراً أن أدعو أن يجمعني به، ولكن لا أعلم سبب هذه المشاكل إن كان الله يعاقبني لأني أخطأت، أم أنه لم يكن خيراً لي؟

مع العلم أني أحبه وأريده زوجاً، وهو شخص طيب، ويعرف الله، ماذا أفعل؟

أرجو الرد سريعاً، فأنا في حالة يرثى لها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا وأختنا- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يتوب علينا وعليكما، وأن يُصلح لنا ولكما الأحوال.

لا يخفى عليك أن العلاقات التي تتمدد قبل الرباط الشرعي هي تحوي على سلبيات كثيرة على الرجل وعلى المرأة؛ ولذلك أنا أدعو بدايةً إلى أن تتوبا إلى الله تبارك وتعالى من تلك العلاقات التي لم يكن لها غطاء شرعي، حتى ولو كانت مجرد مكالمات وتواصل، فإن الإنسان ينبغي أن يبدأ العلاقة بالطريقة الصحيحة، فأوّلى الخطوات التي ينبغي أن تبدأ بها العلاقة هي: أن يطرق الباب، وأن نتأكد من إمكانية الإكمال -إكمال للمشوار- ومعلوم أن طول التواصل وطول الكلام يجلب مثل هذه الإشكالات، وعليه أن يُدرك أنه لن يجد امرأة بلا عيوب، كما أن المرأة لن تجد رجلاً بلا نقائص، فنحن رجالاً ونساءً بشر والنقص يُطاردنا.

وعليه فأنا أدعوك إلى الآتي:
أولاً: التوقف تمامًا عن هذه العلاقة.
ثانيًا: التوبة النصوح لله تبارك وتعالى.
ثالثًا: لا مانع من الاستمرار في الدعاء.
رابعًا: عليه -وقد عرفك خلال هذه السنوات إن أرادك- أن يطرق الباب، فإمَّا أن يتقدّم وإمَّا أن يتأخر.

ونتمنى أيضًا أن يشعر أن الذي فعله هو شريك في هذا الخلل، وأنه لا يصلح أن يجعل بنات الناس لعبة، يتكلَّم سنوات ثم يبتعد، فما ينبغي أن يفعل ما لا يرضاه لأخته أو عمّته أو ابنته، الخطاب موجّه للطرفين.

وكما تمنّينا لو أن أمثال هؤلاء أيضًا يتواصلون معنا حتى يسمعوا النصح، فإن الإنسان ما ينبغي أن يُؤسس علاقة ويُطيل الكلام ويُطيل التعارف، ويعطل الفتاة، ويعطّل نفسه سنوات ثم بعد ذلك يُقرر الانسحاب بهذه السهولة.

عليه نحن نسأل الله أن يجمع بينكما على الخير، وأن يُعينكما على طاعته، ولا مانع من الدعاء واللجوء إلى الله تبارك وتعالى، لكن نتمنّى أن يتوقف التواصل إلى هذه المرحلة؛ حتى تُوضع العلاقة في وضعها الصحيح، حتى يأتي إلى داركم من الباب، ويقابل أهلك الأحباب.

وينبغي أن يُدرك ويتذكّر وصية النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يفرك مؤمنٌ مؤمنة، إن كَرِهَ منها خُلقًا رضي منها آخر)، فالصفات الناقصة موجودة في الطرفين، وما من إنسان إلَّا - كما قلنا - وله نقائص، وإذا بلغ الماء قُلْتين لم يحمل الخبث، وكفى بالمرء نُبلاً أن تُعدّ معايبه.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، وندعوك لكثرة اللجوء إلى الله، والاستغفار والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير، إنْ كان في هذا الرجل أو في غيره خيرٌ لك؛ نسأل الله أن يُقدّر لك الخيرُ حيث كان ثم يُرضيك به.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً