الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صديقي قال لي ابدأ بالفقه قبل علم السيرة، ما قولكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بدأت في الاستماع للسيرة النبوية وأعجبتني القصص والعبر فيها جداً، فأطلعت صديقي على هذا الأمر، ونصحته للاستماع إليها أيضاً، وكان رده أن هذا ليس من الأولوية، وأن عليك بالتوقف عن سماعها، واللجوء إلى ما هو أولى كعلم الفقه، فما رأيكم في هذا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد النور حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

أولاً: لقد سعدنا بتواصلك معنا، كما سعدنا بحرصك على سماع سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وحرصك على إيصال الخير للآخرين، فنسأل الله تعالى لك مزيدًا من التوفيق والهداية والصلاح.

تعلُّم السيرة النبوية والاستماع إلى أحداثها وأخذ العبر منها علمٌ نافع، فإن الله سبحانه وتعالى أمرنا بالاهتداء والاقتداء بالأنبياء، وخيرُهم وأشرفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قال الله سبحانه وتعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أُسوةٌ حسنةٌ لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا}، وقال سبحانه وتعالى عن الأنبياء: {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده}.

دراسة السيرة النبوية تعود على الإنسان بكثيرٍ من الخير ولا شك في هذا، وينبغي للإنسان أن يتعرَّف على نبيِّه الكريم وعلى حياته وما دار فيها من أحداث، وما فيها من عبر وعظات.

هذا لا يعني الاكتفاء بدراسة السيرة عن تعلُّم ما يحتاجه الإنسان من أمور دينه الأخرى، ولا بد من توازن حتى يقدر الإنسان على تحصيل العلم النافع له في كل مجالات حياته، فالمسلم مأمور أن يتعلَّم دينه، مأمور بأن يتعلّم الفرائض التي تجب عليه، ومأمور أن يتعلَّم أحكام المهنة التي يُزاولُها، وأن يعرف المحرَّمات حتى لا يقع فيها، فهذا القدر من العلم يُسمّيه العلماء (الواجب العيني) أي: يجب على كل إنسان.

هذا القدر من العلم لا بد للإنسان من دراسته وتحصيله، قبل أي نوعٍ آخر من العلوم، والفقه بلا شك من أشرف العلوم؛ لأنه يُعرِّف الإنسان بالحلال والحرام، وما يُطلب منه فعلُه، وما يُطلب منه تركُه، ولا بد لطالب العلم من الاعتناء به والحرص على تحصيله ودراسته.

نصيحتنا لك أن تحاول الجمع بين ما أنت عليه من قراءة السيرة والسماع لها، وبين تحصيل العلم الآخر، كتعلم أصول الإيمان، وشرح أركان الإيمان الستة، وتعلُّم ما تحتاجه من الفقه الشرعي، وهذا التنوّع من شأنه أن يُسهّل عليك تحصيل العلم ويُرغِّبك فيه، فإن النفس دائمًا تحب التغيير، وتميل إلى الانتقال والتجديد، فإذا وزّعت أوقاتك على تعلُّم علوم متعددة فإنك بذلك تُحصّل فوائد من جوانب كثيرة، أولاً: تحصّل العلوم المختلفة التي أنت مأمور بتحصيلها، ثانيًا: تطرد عن نفسك السآمة والملل، ثالثًا: تأمن من الانقطاع بسبب التشبُّع من نوعٍ واحد من العلم والمعرفة.

نصيحتنا لك إذًا أن تستمر في تحصيل العلم ولكن بنوع توازن، وأن تتتلمذ على العلماء المعروفين الثقات في بلدك، وأن تحرص على مجالستهم، فهم خير مَن يدلُّك على الطريق الصحيح في كيفية تحصيل العلوم، وإذا كنت لا تقدر على ذلك لبُعدهم عنك فوثوقك بالمواقع الموثوقة المأمونة سيُسهّل لك تحصيل أنواع مختلفة من العلم.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسّر لك الخير ويتولّى عونك ورعايتك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً