الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف .. بين الحالات الطبيعية والمرضية

السؤال

السلام عليكم.

إخواني الأعزاء في الله: أنا أعاني من هذا المرض (الخوف اللاإرادي) ما يقارب ثلاثة أشهر، لا أدري ماذا أفعل؟ أهلي لم يقصروا معي، ولكنهم لا يؤمنون بالعلاج النفسي، ولا بالسلوكي، ولا بالعقاقير، وأتمنى منكم أن توضحوا لهم أهميته.
يقولون لي: اجعلي إيمانك بالله قوياً، وأجيبهم بأني مؤمنة، ولكن ما فهمته من شرح المعلمة هو أن على الإنسان أن يتوكل على الله ولا يدع العمل بالأسباب، فما هو الحل؟ أتمنى أن تكونوا دائماً على الاتصال معي، حتى يتم الشفاء إن شاء الله.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ الحياة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الخوف من المشاعر الإنسانية، والخوف يوجد لدى كثير من الناس، وكل إنسان يحتاج لدرجة ما من الخوف؛ حتى يستطيع أن يتصرف التصرف الصحيح في المواقف التي تأخذ أو تتطلب الحذر، وأخذ الحذر واجب (( وَخُذُوا حِذْرَكُمْ ))[النساء:102].

أرجو أن يتفهم أهلك أن مثل هذه المشاعر هي نوع من الظواهر النفسية، ولا علاقة لها بالإيمان، نعم، الإنسان المؤمن والقوي في إيمانه يستطيع أن يواجه هذه الصعوبات بصورةٍ أفضل، لكن المرض أياً كان نوعه فهو ابتلاءً، وأرجو أن أؤكد لك أيتها الابنة الفاضلة أن هذه المخاوف ليست دليلاً على ضعف قلة إيمانك أو ضعف شخصيتك، لا تدل مطلقاً على قلة الإيمان أو ضعف الشخصية، إنما هي مرض أو حالة أو ظاهرة مثلها مثل الظواهر الموجودة في الدنيا.

أرجو أن تتكلمي إلى أهلك بكل أناة، وأن تشرحي لهم أن الطب النفسي الحديث أصبح من العلوم المعتبرة، وهو يُساعد كثيراً في مثل هذه الحالات، وفي مثل عمرك الذي هو عمر التكوين النفسي والعاطفي والوجداني والجسدي تكثر مثل هذه الحالات، وكثيراً ما تكون حالات عرضية وتختفي، وأرجو أن يكون ذلك منطبقاً عليك.

الذي نوده منك هو أن تثقي في نفسك ثقةً قوية، وأن تتأكدي أن هذه الحالة إن شاء الله سوف تزول عنك، وأن تواجهي مصادر المخاوف أياً كانت، ويجب أن تكون لديك القوة الذاتية، وأن تقتنعي في أن ما يقوم به الآخرون يمكنك أن تقومي به أيضاً؛ حيث أنك لا تنقصين عنهم في أي شيء، فيجب ألا تنتقصي من قدراتك الذاتية، فأقدمي واقتحمي مواقف الخوف.

ويمكن أن تساعدي نفسك بأن يكون هذا الإقدام وهذا الاقتحام في الخيال، بمعنى أنك أن تتصوري أنك في موقف شديد وصعب وتخافين فيه، ولكنك لا تهربي من هذا الموقف.
أرجو أن تعرضي نفسك لهذه المواقف وهذه الطريقة من التفكير، فذلك سوف يساعدك إن شاء الله كثيراً.
هذا حتى ولو لم يقتنع الأهل بضرورة العلاج النفسي، فيمكن أن تُعالجي نفسك بمثل هذه الطرق، ويا حبذا لو تحصلت على علاج دوائي.

أرجو أن تتحدثي إلى أحد أفراد الأسرة الذي تعتقدين أنه أكثر تفهماً من الآخرين، وأنا على ثقة أنه سوف يقتنع بفكرة العلاج، وهنالك أدوية جيدة جدّاً تُعالج المخاوف، مثل الفافرين والسبراليكس والزيروكسات، فهذه كلها أدوية سليمة وفعَّالة وممتازة، وربما يكون العلاج الأنسب في عمرك هو فافرين، والجرعة هي 50 مليجرام ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم ترفع هذه الجرعة إلى 100 مليجرام ليلاً وتستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم تخفّضي الجرعة بعد ذلك إلى 50 مليجرام لمدة ثلاثة أشهر، ثم يمكنك التوقف عنها.

أرجو أن تكوني أكثر ثقة في نفسك، وأتمنى أن تكون هذه الحالة حالة مؤقتة، وهذا هو الذي أظنه وأعتقده، ولذا سوف تزول عنك إن شاء الله.

وبالله التوفيق.



مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً