الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرغبة في التعدد بحجة إحياء السنة

السؤال

السلام عليكم.

كنت أرسلت منذ سنة رسالة، أريد أن أعرف ماذا أفعل مع زوجي؟ دائم التردد (أحبك أكرهك)، أسافر إليه مع ابنتي، وبعد أيام يقول عودي مع البنات، ويقول اعتبري نفسك طالق، وبعد أيام يريد الحياة معي.

والمهم بعد آخر مشكلة وبعد أن أرسلت لكم بها صليت الاستخارة، ورأيي أننا نعيش سوياً في سعادة، والحمد لله تحقق ذلك في صورة تكاد تكون حلماً لولا أنها إرادة الله، وعاد زوجي بعد أيام قلائل يردد نغمة (أريد الزواج لا للزواج، ولكن لإحياء السنة المهجورة في بلدنا، وليكون لنا السبق في أهالينا ومعارفنا).

وفي البداية قلت إنني أكاد أبدأ الحياة معه بسعادة، ولكن الحوار في هذا الموضوع يستمر في اليوم أكثر من 12ساعة، إلى أن هداني ربي بعد كثرة الدعاء أنني أحتسب الأجر عند الله، ولن أعاني أكثر مما عانيت مع زوجي، وبعد أن قلت أنني موافقة كاد يطير من السعادة، وقال أنه لن يفعل ذلك لأنه لن يجد امرأة في هذا العالم تعوضه عني، أو تحتمله كما احتملته، ولكنه يريد الأجر على انتمائه للتعدد حتى وإن لم يفعل، لكن هيهات أن يستقر حال زوجي لمدة يوم دون أن يقول لأي طلب يطلبه: (شفتي بقه أنت والثانية يقسم بينكم العمل والطلبات) إلى أن يخرجني داخلياً عن الموافقة، وأقول أنه يضايقني قبل أن يتزوج، فما بالي بعد الزواج، وهكذا إلى أن أكره استفزازه، وخوفي من عدم حصولي على الثواب، وهذا هو المحور الذي يلعب زوجي دائماً عليه، وهو إحساسي الدائم بالخوف من سخط ربي علي.

كل ما أخشاه أن زوجي دائماً غير عادل معي وأنا بمفردي، فدائماً طلباتي غير مهمة، ولكن أي شيء بالفعل غير ضروري له أو لأي من معارفه هو ضرورة ملحة، بالإضافة أنه لم يقم بفرش شقة لي، ولكنني وأمي قمنا بتجهيز الشقة التي نعيش فيها حالياً، وعندما أقول أن لي حقوقاً عليه لأنني غير مسؤولة من أمي يعترف، لكنني لابد أن ألح في طلباتي، وهذا يؤذيني نفسياً جداً.

والأكثر من ذلك أن زوجي عندما أريد أزور أمي يقول: إنني لا أستطيع أن أتخيل أنك مشغولة بشيء غيري أنا وبناتي، لدرجة أنه منذ حوالي شهرين يكاد لا يخرج من البيت بدوني للزيارات، ويمنع البنات أن يذهبن للحضانة، إلى أن جعلنا مقصرين في صلة رحمنا، وتركت بالتالي الدار التي أحفظ فيها القرآن والمعهد الذي أدرس فيه العلوم الشرعية، ويقول: إنك لا تحتاجين ذلك، المهم رضائي عنك، وبعد أن نعتاد ذلك يتركنا حوالي 18 ساعة في اليوم لأعمال طارئة بدون تليفون، وأعاتبه فيقول: جلست معكم كثيراً، أخرج شوية، وعندما أستعيد أي مجال لنشاطنا يعود للعودة للمنزل حتى ننهي كل الأنشطة، ويقول: (وقرن في بيوتكن).

وعندما أقول: إن من شروط التعدد معرفة كيف تقوم بالتزامات أسرتين، واحتياجات نفسية قبل المادية، يقول: إنني جدير بذلك، ويعينني أنك زوجتي حبيبتي التي تحتميلني، ولن تحملني أي أعباء، بل تضحي من أجل أختها الجديدة (ضرتي).

ماذا أفعل؟ إنني بالفعل أشعر بالإحباط، هل تحملت كل ما سبق ليكافئني زوجي بهذه المكافأة؟ مع العلم أن فكرة الزواج لم تكن تراود زوجي إلا بعد أن كان في جلسة وقال إنسان دين وخلوق: ((إنه لم يتمم اعقد الثاني اثنتي دة زوجتة واولادة)) ولم يستطع المقاومة، وهو نادم، فأخذ زوجي دور الفارس المغوار مع سنة التعدد كما يدعي، فهل هذا مبرر مقنع للتعدد؟ وهل التعدد يصلح لأمثالنا؟ وجزاكم الله خيراً، وأعتذر عن الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رانيا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فنحن نسأل الله أن يعينك على هذا الرجل، ونقترح عليك أن تقولي له: افعل ما ترى فيه رضا الله، مع ضرورة الاهتمام به وإشباعه عاطفياً، والاهتمام بمظهرك وبيتك، ولا أظنه يتزوج، ولكنه يبحث عن مكانته عندك، ويريد أن تُعبري له عن حبك وشوقك إليه.

فأرجو الانتباه لذلك، فإن بعض الأزواج يتكلم عن التعدد ليكتشف حب زوجته؛ لأن بعض الزوجات لا تجيد التعبير عن مشاعرها لزوجها، وإن كانت في الحقيقة تحب زوجها وأبو أولادها، والذي اختارها من بين النساء أجمعين، وليس من الصواب أن يكون هدف الإنسان في الزواج هو مجرد التحدي للرفاق أو الظهور بمظهر معين، كما أنه ما ينبغي لمن يريد الزواج بالثانية أو الثالثة أو الرابعة أن يجعل ذلك وسيلة لمضايقة زوجته وإدخال الحزن عليها وتهديدها بذلك.

ولا شك أن التعدد من شريعة الله التي أنزلها على رسله، وفيه العديد من المصالح، ومن واجب الرجل أن يكون على قدر المسئولية، وأن يحرص على العدل بين زوجاته في كل صغيرة وكبيرة، وقد كان معاذ بن جبل رضي الله عنه لا يشرب الماء في بيت زوجته الأولى إذا كان اليوم للثانية، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعدل بين زوجاته حتى أنه كان ينتقل في مرضه حتى أذنَّ له أن يمرض في بيت الصديقة رضي الله عنها.

وأرجو أن تعرفي أن الزوجة الثانية ليست عقوبة للأولى كما تفهم الجاهلات، ويخطئ من يظن أن كل من يتزوج بثانية أو ثالثة ينكر فضل زوجاته، وهذا كلام لا يصدر إلا من إنسان يحتكم لما يقوله الناس بدلاً عن شريعة الله، وهل كان الصحابة، ومعظمهم كانت له عدد من الزوجات كانوا يفعلون ذلك عقوبة لزوجاتهم؟ وليتنا عرفنا أن نساء السلف كنا يباركن للزوج صبيحة بنائه بزوجته الجديدة التي هي أخت لهنَّ في الإسلام والعقيدة، ورغم ما يحدث من الغيرة والمناوشات إلا أن أخوة الإسلام كانت أعلى وأغلى، وكان واجب الأزواج هو التذكير بالله عند حدوث الخلافات، وإقامة العدل بين الزوجات، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع حفصة رضي الله عنها عندما قالت لصفية رضي الله عنها: يا ابنة اليهودي، فطيب النبي صلى الله عليه وسلم خاطر صفية، ثم قال لحفصة رضي الله عنها: (اتق الله يا حفصة).

ولا شك أن التعدد من شريعة الله الصالحة لكل زمان ومكان، وأرجو أن يسعنا ما وسع سلفنا، وإذا تزوج الرجل بثانية فلن تأكل إلا رزقها الذي قدره لها ربها، ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً