الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية السعي في إنقاذ الأخت المنحرفة حال تصديق الوالدين لكذبها

السؤال

لا أدري من أين أبدأ ولا ماذا أقول، لكني وأملاً فيكم بعد الله عز وجل في تفريج همي وغمي سأطرح ‏أمامكم مشكلتي وأرجو منكم أن تعينوني على حلها.‏
أنا فتاة في الثامنة والعشرين من عمري من أسرة ذات أصل طيب وخلق والحمد لله، لكن مستواها في ‏الالتزام بدين الله لا بأس به حيث العادات والتقاليد أبرز من التدين.‏
المهم: تربينا والحمد لله على الحشمة والأدب، ولي من الأخوات سبع أخوات، وكنا مضرب الأمثال في الأدب، ومرت الأيام وكأننا أصبنا بعينٍ لعينة بعد أن كانت أخوتنا أخوة مثالية وتربيتنا أحسن تربية، زاغت ‏الصغرى وأغواها الشيطان وسارت في طريق الهاوية: حب .. ورسائل .. وعلاقات .. إلخ، لكن الحمد لله ‏ما زلنا في ستر من الله، لم يتماد بنا الأمر إلى أي شيء سيئ، لكن المشكلة تكمن في أنني أنهى أختي عن ‏فعل ذلك، وسن المراهقة عندها عجيب، تظن أني أنا ضدها، وأني لا أحبها، مع أني أخاف من التمادي ‏منها في هذا الطريق المظلم، وأن تجلب لنا الفضيحة والعار، وكلما نصحتها حورت كلامي إلى غير ما ‏أقصد، بل إنها تعمل على إقناع أبي وأمي بأني غلطانة في حقها وأنها بريئة من ذلك كله، مع أني وجدت ‏رسائل وصوراً وأشياء كثيرة تدل على سيرها في طريق الهلاك، بل وصدر منها اعتراف ببعض الأشياء التي ‏ضبطتها عليها.‏
أصبحت المشاكل كثيرة والوالد والوالدة في ضيق من هذه المشاكل وفي ضيق من سوء علاقتنا، حيث ‏جميع أخواتي الباقيات يعملن ما أعمله معها لكن بشكل بسيط أو بنصائح قليلة، صدقوني أني عملت كل ‏طريق النصح بالمعروف والمعاملة بالهدوء لمدة طويلة، وعندما رأيت ذلك لا يجدي اتبعت طريق التهديد ‏ومن ثم الشدة، وهكذا ظللت أتنقل من أسلوب إلى آخر دون جدوى، أخاف على أختي وعلى ما هي ‏عليه ومن أن تسير في طريق الشيطان والسمعة السيئة.‏
كما أخاف من غضب أبي وأمي، وأنني أصبحت أشعر من كلام أمي أنها غير راضية عني، وذلك بسبب ‏المشاكل والاحتكاكات مع أختي هذه، وأني لم أعد أسمع من أمي كلمة طيبة، بل أخاف أن تدعو عليّ ‏لأنها أحياناً تغضب، فهي مصابة بمرض ضغط الدم، ولا أعرف كيف أتصرف، مع العلم أني تكلمت مع ‏أمي وأبي وأخي الأكبر لكن دون جدوى. إنكار البنت وحلفها الكاذب جعل الجميع -أبي وأمي ‏بالذات- يصدقها، وأنا في حيرة من أمري ولا أدري كيف أفعل وكيف أبتعد عن العقوق إذا كان تصرفي ‏هذا يؤدي بي إلى العقوق، كما لا أرضى لهذه الأخت بهذا الطريق السيء. أفيدوني بارك الله فيكم.‏

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ أم عبد الرحمن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله أن يحفظك وأن يلهمك السداد والرشاد.

فحق أن نفخر بفتاة تحرص على الخير وتصبر وتصابر، وتدعو إلى الله وتنصح لشقيقتها وتخاف من عقوق والديها، وبشرى لك بهذه الروح، ولن يضيع أجرك عند الله، وليس من العقوق دعوتك إلى الله، وغداً سوف ينصرك الله، فقدمي رضا الله واعلمي أن العاقبة الحسنى لمن يطيع الله.

ونحن ننصحك بمناقشة والديك على انفراد ووضع الحقائق بين أيديهم وتخويفهم من عواقب السكوت، فكم خرّب التهاون والثقة العمياء من بيوت، وحاولي تغيير طريقة تعاملك مع تلك الشقيقة، واختاري الأوقات المناسبة لنصحها حتى لا تجدي نفسك في مواجهة الجميع.

واعلمي أنه يقع في الشر من لا يعرفه، فبصري أختك بالعواقب وذكريها بأحوال من سرن في طريق الغواية والمثالب، ووضحي لها أن سمعة الفتاة وحياءها هي أغلى ما تملك بعد إيمانها وصلاحها، وعلميها بخطورة الاستمرار في العصيان؛ لأن الله سبحانه يمهل ولا يهمل، مع ضرورة أن تكثري لها من الدعاء الصالح، وتطلبي من والديك الدعاء لها.

واحرصي على كتمان الأمر عن الآخرين، واحترامها أمام الناس، ووعظها في الخفاء بعيداً عن أعين الناس، وركزي على أسلوب الحوار ومخاطبة عقلها، والثناء على صفاتها الجميلة، وإسماعها الكلمات اللطيفة.

واطلبي من والديك أن يوفرا لها جرعات العطف والحنان، حتى لا تطلبها من الخارج، وقدمي بين يدي نصحها صنوفاً من الإحسان والملاطفة، واجتهدي في عزلها عن صديقات السوء، وكوني إلى جوارها، وتجنبي أسلوب التحقيق والمتابعة البوليسية، وحاولي إيجاد برامج بديلة لملء الفراغ.

وإذا كانت الأسرة محافظة فلا داعي للانزعاج وإعطاء الموضوع أكثر مما يستحق؛ لأن ذلك يضر بالفتاة ويكسر عندها حاجز الحياء ويوصلها إلى اليأس، فافتحوا لها أبواب العودة وخطوط الرجعة، وذكروها بأصلها وفصلها ومكانة أسرتها، وحاولي الثناء على كل استجابة ولو كانت قليلة.

ونحن ننصحك بزيادة البر والإحسان لوالديك ومحاولة كسب جانبهما، وكذلك الأمر بالنسبة للأخوات حتى يقمن بدورهن في النصح والتوجيه، وحتى لا تشعر أن المشكلة بينك وبينها شخصية ويتدخل الشيطان فيدفعها للعناد والمكابرة.

ونحن نوصي الجميع بتقوى الله والحرص على طاعته، وتهيئة البيئة التي تعين على الخير والطاعات، ووضع وسائل الإعلام والاتصال في أماكن مكشوفة كالصالات حتى تسهل المتابعة، ونسأل الله لها الصلاح والهداية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً