الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج الشعور بالإحباط والقلق والتوتر

السؤال

منذ ثلاث سنوات أصبت بحالة غريبة، أصبت بارتفاع في ضغط الدم، وعدم الرغبة في النوم؛ بسبب جرعة مخدرات، ويعلم الله أنها المرة الوحيدة االتي جاءت نتيجة مزح زوجي معي، فأحسست أني سأموت، ثم تطورت الحالة سريعاً، وأصبحت لا أحس بوجهي، ولا نظرة العين نفسها، وحرقان في الرأس، وعدم إحساسي بجسمي، مع شعوري بفوران الدم، وألم في العظام.

وأحس بأن عندي سرطاناً في العظام من شدة التعب، وأحس بعدم الرغبة في الحياة، وأبكي شديداً، وإلى الآن لا أنام بعد الفجر إلا بعد تعب، وأصحو من النوم متأخرة، مزاجي متعب، لا أقدر على عمل أي شيء، وأتحمل وأضغط على نفسي لأجل أولادي الثلاثة، الذي أكبرهم ثمان سنوات، وأصغرهم ثلاث سنوات، ينتابني إحساس هل سأربي أطفالي بشكل صحيح أم خاطئ؟

غير أن إحساسي بعدم الإحساس بوجهي وعيني والذي أحس أني سأموت بسببه، وخصوصاً عندما أنظر في المرآة أحس أن وجهي مقسوم اثنين، وأكره نفسي، وأريد الصراخ.

للعلم زوجي يسافر كثيراً بسبب عمله، وأخذني من بلدي بعد أن أمضينا 6 سنوات بعد الزواج، لأجل أن أقعد في البيت مع أهله في شقة بناها، ومن ساعتها وأنا لا أخرج إلا للضرورة، حتى طعام أولادي أتكاسل فيه، وأنا أعرف أن ربنا سيحاسبني، لكن ماذا أعمل فمزاجي مضطرب، وأتمنى الموت.

حتى وأنا أصلي أحس أني تائهة، والسجائر هي مشكلتي الثانية، بقيت مسيطرة علي، أصبحت أخاف أن أقعد مع أي أحد فيعرف أني أشرب الدخان، حتى أولادي أخاف أن يروني، زوجي يعرف أني مدخنة، لكن عندما يمنعني عنها أغضب! وطلب مني مائة مرة أن أتركها لأجل أولادي، وحاولت لكني لقيت نفسي أبكي فأرجع ثانية.

الله يكرمكم أريد حلاً نفسياً كي أشفى وأرجع كما كنت، الناس كلها تحبني وتحترمني، وأريد أحس بعيني ووجهي، ومع أنني ذهبت لأطباء إلا أنني لا أستمر على العلاج؛ من حالة البكاء المستمرة أثناء العلاج، وآخر حاجة تذكرتها (بروزاك).

أرجوكم اهتموا بي لأني أتعذب بعدم إحساسي بالدنيا وكأني ميتة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Nada حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله الذي عافاك من جرعة المخدرات، وهي بالطبع أمر محزن، ولكن المفرح أيضاً أنك -الحمد لله- قد أقلعت عن هذا الأمر، ونسأل الله لك الثبات على هذه التوبة، والمغفرة فيما جرى .

الحالة التي وصفتيها بالتأكيد فيها الكثير من الشعور بالإحباط والقلق والتوتر، وأيضاً لديك الميول الوسواسية، وهذه ربما تكون جزءاً من شخصيتك.

لابد لك من أن تكوني أكثر إيجابية في تفكيرك، أنت -والحمد لله بالرغم من الصعوبات- لديك أسرة، ولديك زوج، وقد أكرمك الله تعالى بذرية، وهو شيء قد حُرم منه الكثير.

أرجو أن تقدري هذه الإيجابيات العظيمة في حياتك، وتحاولي أن تستفيدي منها لتحسين مزاجك، وأن تسيري على المسار الصحيح في الحياة.

التفكير السلبي هو من أكبر العلل التي تضر بالصحة النفسية للإنسان، لابد للإنسان أن يكون إيجابياً في تفكيره مهما كثرت على الصعوبات والمشاكل، لابد أن يكون فعالاً، لابد أني كون متفائلاً، ولابد أن يكون واقعياً، ومن الضروري جداً أن لا يساوم الإنسان نفسه، خاصةً في الأمور الإيجابية والأمور الجادة، والتي تتطلب التنفيذ، يجب أن لا أساوم نفسي، إنما أقوم وأنفذ.

بجانب ذلك قطعاً أنت في حاجة للعلاج الدوائي، والعلاج الدوائي -والحمد لله- الآن متوفر، ولكنه يتطلب الالتزام القاطع؛ لأن معظم هذه الأدوية تعتمد على البناء الكيمائي، والبناء الكيمائي لا يمكن أن يتم إذا لم تتواصل الجرعة مع الجرعة الأخرى، هذا أمر منطقي وأمر بسيط، ومن فضل الله تعالى أنه توجد الآن أدوية لا تتطلب أن يأخذها الإنسان عدة مرات، كما كان يحدث في السابق، حبة واحدة أو حبتين بالكثير في اليوم.

أضف إلى ذلك أن الأدوية الحديثة هي سليمة جداً، وقليلة الآثار الجانبية، والدواء الذي أراه سيكون مفيداً جداً في حالتك هو العقار الذي يعرف باسم (زولفت)، والجرعة هي 50 مليجرام في اليوم، حبة واحدة في اليوم، أرجو أن تتناوليها ليلاً بعد الأكل لمدة ستة أشهر متواصلة.
بعد ذلك تناوليها حبة يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عنها.
هذا من الأدوية الجميلة والفعالة، خاصةً لعلاج القلق والتوتر والإحباط والاكتئاب والوساوس.

بالنسبة للتدخين، لا شك أنه ضارٌ بالصحة، وقد أفتى بعض العلماء الأفاضل بحرمته؛ لأنه يجلب الكثير من الضرر للإنسان، وهو بلا شك لا يناسبك أبداً، كسيدة مسلمة محترمة، وأم لثلاثة أطفال، وزوجة صالحة -بإذن الله- لا يناسبك أبداً هذا، وأنا دائماً أرى أن التدخين يحقر من شخصية المرأة، ويقلل من قيمتها الذاتية، ويؤدي إلى إحباطات داخلية، ويقلل هيبتها في المجتمع، وكثير من النساء المدخنات يعتقدن أن لا أحداً يعرف أو قد اطلع على أنهن يقمن بالتدخين، لا، فالمجتمع ذكي ونبيه، ويستطيع أن يعرف .

أرجو -أيتها الأخت المباركة- أن تقرري من الآن أن تكون آخر سيجارة لك هي السيجارة التي سوف تتناوليها قبل سماع هذه الرسالة، وصدقيني هذا ليس بالأمر المستحيل، كثير من الأشخاص الذين وقعوا في عادات الإدمان والتعود يعتقدون أنه من المستحيل أن يغيروا سلوكهم، لا، يمكن للإنسان أن يغير سلوكه، فأرجو أن تتوقفي عن التدخين، فأنت أفضل من ذلك، أنت أفضل من السيجارة، ولا أريد أن أدخل في مضار التدخين فهي معروفة لديك.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً