الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف والوسواس من السفر والشعور بدوخة الرأس

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.

أرجو العون والاهتمام والرد على كل نقطة أتكلم فيها في هذه الرسالة، ولكم جزيل الشكر وأطال الله في عمر القائمين على هذا الموقع.

أعاني من عدة حالات لست أدري أسبابها: حيث أعاني من مشاكل صحية، وتتلخص في ما يحدث لي كل يوم، وبالأخص في فترة ما بعد العصر، أي: قبل الغروب بوقت بسيط، من ضعف في النظر يزداد عندما أركز نظري على شيء قريب مني مثل القراءة، وعندما أرفع عيني من الكتاب، يرجع إلى حالته الأولى وهو الضعف البسيط.

وبعض الإحساس يشبه دوخة في الرأس، وتأتي خفيفة ويصاحبها ثقل في العين، وأحياناً الرغبة في النوم، وأحس بها أيضاً عندما أتكلم بصوت عال، أو أنفعل أو يحدث شيء مفاجئ، كصوت عال أو عند الضحك، ولكن تلزمني طوال الوقت، وأحس بالغياب عن الوعي، ورأسي كأنه يدور.

وأخاف أن تزداد إلى دوخة وحالة إغماء، فيحدث لي نوع من أنواع التوتر بسب ذلك؛ فأرجع إلى المنزل وأخاف الذهاب إلى أي مكان بعيد! وأيضاً أعاني من رعشة خفيفة في أصابع يدي، هذه هي الأسباب العضوية.

أما الأسباب النفسية، فمنها: أنني أخاف من السفر أو البعد عن المسكن، وعندما أحاول البعد عن المسكن -أي: خارج النقطة التي أعيش فيها - أشعر وأنا راكب السيارة بضيق في التنفس، وعندما أصل أشعر بالضيق، ويزداد ضيق التنفس وأرغب في العودة إلى المنزل.

وهذه الحالات أشعر بها بسبب الدوخة والحالة الصحية غير السليمة، وهذا كله يشعرني بالملل والاختناق؛ لأني لا أستطيع أن أسافر، ولا أن أذهب إلى أي مكان؛ حتى لا تحدث لي هذه الأشياء.

وهذه الحالة بدأت منذ 3 شهور، وأخاف أن أظل عليها باقي عمري كله! كما أني لا أستطيع أن أشتغل مثل أصحابي؛ فالخوف مسيطر علي، مع أني حاولت كثيراً أن أقنع نفسي بأنني معافى!

وأصبحت أغضب من أي شيء غضباً شديداً، ويحدث لي ضيق في التنفس، وأصبحت ضعيفاً أمام أي مشكلة، ومهما صغرت المشكلة فيمكن أن أتوتر بسببها كثيراً!

إنني لا أدري كيف أرجع كما كنت سابقاً، حيث كنت في حالة جيدة، وكنت أسافر إلى أي مكان، وأذهب مع أصحابي إلى كل مكان، داخل المنطقة وخارجها، أما حالياً فإني أخاف أن أذهب إلى أي مكان بعيد عن المنزل.
وأيضاً بدأت أشعر بأنني لست جديراً بالمسئولية في أي شيء، وأصبحت أيضاً لا أستطيع اتخاذ قرار والثبات عليه، أي: لا أستطيع أن أقنع نفسي بأي قرار سليم، ومثال ذلك أنني أركز التفكير في حالتي لدرجة أنني أوهم نفسي، وأضخم الحالة التي أنا فيها، وإذا أردت التقليل من ذلك فلا أستطيع، بل يتمكن مني الوهم والوساوس، ولا أستطيع أن أخرج نفسي من دائرة التفكير هذه.

لست أدري ماذا حدث لي؟ فقد انقلبت حياتي لحالة خوف من البعد عن المنطقة، حتى لا تحدث لي دوخة، أو ضيق في التنفس ولا أحد ينقذني! إنني أتمنى أن أرجع إلى شخصيتي القديمة.

مع العلم أني أجريت تحليل دم، وقال: يوجد نسبة أنيميا ضعيفة (11.98%) وأعطاني مقويات للدم (هيمو تون) وأجريت كشف نظر فوجدت نسبة استجماتزم وضعف بسيط.

وذهبت إلى طبيب نفسي وأعطاني زولام 50، فلست أدري مم أعاني؟ أمن مرض نفسي أم عضوي؟ بالله عليكم أعينوني على الخروج مما أنا فيه؛ لأن حياتي بدأت تتلاشى مني! وأريد أن أعرف سبب الحالة التي تنتابني، وهي الشبيهة بدوخة خفيفة في الرأس ورغبة في النوم وثقل في العين، ماذا يكون مصدرها؟ أفيدوني أفادكم الله!

أرجو الاهتمام بقراءة الرسالة جيداً، وتوجيهي إلى الحل في جميع المشكلات التي طرحتها، وماذا أفعل لكي أرجع إلى طبيعتي الأولى؟ وأنا آسف جداً على الإطالة في الرسالة، وشكراً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ حماد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا شك أننا سوف نطلع على رسالتك باهتمام شديد، وهذا هو الذي قمنا به، ونشكرك على ثقتك في استشارات الشبكة الإسلامية.

من الواضح أن الشق الأساسي في الأعراض التي تنتابك، هي في الغالب ذات طابع نفسي، فأنت تعاني من الخوف والرهاب والقلق والتوتر والوساوس، وهذه بالطبع أفقدتك الثقة في نفسك وفي مقدراتك، مما قلل من فعاليتك، وهذه المشاعر السلبية تدخل الإنسان بلا شك في نوع من الحلقة المفرغة، أي أن الأعراض تتوالد وتزداد حيث يشعر الإنسان بأن فعاليته النفسية قليلة.

هنالك شق آخر في الأعراض التي ذكرتها، وهي الدوخة في الرأس، كما أنه يحدث لك نوع من الشعور بالنوم الإجباري أو الاضطراري في وقت العصر، وتشعر بجهد وضعف عام، كما أنك تنزعج بالطبع للأصوات المرتفعة، ويحدث لك إغماء أو شعور بالدوخة مع توتر، كما أن هنالك ضيق وانقباض في الصدر.

هذه الأعراض يمكن أن تفسر أيضاً التفسير النفسي؛ لأن القلق والتوتر والمخاوف في كثير من الحالات تحمل هذه المكونات التي في ظاهرها عضوية، ولكن في حقيقتها ومضمونها هي نفسية.

ولكن لابد أيضاً أن تجرى لك بعض الفحوصات، حتى نتأكد بصورة قاطعة أنه لا توجد أي خلفية عضوية، والفحص المطلوب في حالتك هو ضرورة إجراء تخطيط للدماغ أي تخطيط للمخ؛ لأن الدوخة والشعور بالنعاس تحدث لبعض الناس الذين لديهم إفراز كهربائي زائد في بعض مناطق المخ؛ خاصة في الجزء الخلفي أو ما يعرف بالفص الصدغي للمخ، لا أريد أن تستعمل كلمة الصرع، ولكن النشاط الكهربائي إذا وجد في المخ وكان مرتفعاً، أو أدى إلى ظهور تشنجات، لا شك أن هذا هو مرض الصرع، والحمد لله حتى مرض الصرع أصبح الآن في متناول العلاج؛ لبعض الناس ربما يكون مستوى الإفراز الكهربائي لم يصل للدرجة الصرعية، ولكنه يؤدي إلى شعور بالدوخة وشعور بالنوم والتكاسل في بعض الأحيان.

أرجو ألا تنزعج مطلقاً لهذا، ولكن أردت أن أذكر لك هذا من قبيل الحرص والأمانة الطبية؛ خاصة أنك قد كررت أن نهتم برسالتك ونجاوب على كل جزئية فيها.

إذن المطلوب منك هو أن تقوم بإجراء تخطيط للمخ، ومن المستحسن أن يتم ذلك بواسطة الطبيب المختص، وأيضاً أنت محتاج لإجراء فحص للدم، بالرغم من أنك قلت أن الهيموجلوبين 11.9 وهو يعتبر ضعيفاً نسبياً، ولكن ليس بالصورة الخطيرة.

أنت أيضاً محتاج لأن تعرف مستوى الفيتامينات لديك؛ لأن بعض الناس يأتيهم نوع من الطشاش أو ضعف النظر في العصر أو عند المغرب؛ وهذا يحدث للأشخاص الذين يعانون من نقص الفيتامينات خاصة فيتامين A، وفي حالاته الشديدة ربما يتطور إلى نوع من العمى الليلي، هذه احتمالات بعيدة وضعيفة، ولكن رأينا من الواجب أن نذكرها لك.

ولكن الشيء الذي أرجحه تماماً، أن حالتك هي نفسية، والأعراض الأساسية لك -كما ذكرنا- هي المخاوف والوساوس والقلق والتوتر، وهي مرتبطة حقيقة من ناحية المسبب البيولوجي لها، وهي وجود بعض الاضطراب في المُوَصِّلات العصبية التي تعرف باسم سيرتونين، حيث أن عدم انتظام إفرازها ربما يؤدي لهذه الحالة.

العلاج –قطعاً- بجانب التأكد من الفحوصات التي ذكرتها لك، لابد أولاً أن تحاول جاهداً أن تبني الثقة في نفسك؛ لأن هذا أمر ضروري، ويجب أن تكون فعّالاً.

ومن الضروري بالنسبة لك يا أخ حماد أن تبحث عن عمل، بالرغم من قناعتي أن ربما فرص العمل تكون قليلة ولكن لكل مجتهد نصيب، ابحث عن أي عمل؛ لأن العمل يؤدي إلى تأهيل الإنسان وإشعاره بكينونته وقيمته الذاتية، وفوق ذلك سوف يجعلك تتواصل مع الناس وتتفاعل معهم، مما يزيل إن شاء الله هذا الخوف وهذا الرهاب الاجتماعي الذي تعاني منه.

هنالك بالطبع أدوية تساعد إن شاء الله في تخفيف هذه الحالة وإزالتها، بالنسبة لعقار الزولام الذي وصفه لك الطبيب، لا أرى أنه علاجاً جيداً في المدى البعيد، وذلك مع الاحترام للطبيب الذي نصح لك به، الزولام يفيد جدّاً في علاج الخوف، ولكن لفترة قصيرة، ولا ينصح باستعماله لمدة طويلة، حيث أنه ربما يؤدي إلى التعود، ولا يستطيع الإنسان أن يتخلص منه، فأرجو أن تقوم بتخفيف الجرعة إلى ربع مليجرام ليلاً لمدة عشرة أيام ثم تتوقف عنه.

والدواء البديل والذي سوف يفيدك في هذه المخاوف والانقباض في الصدر والرعشة والتوتر، هو العقار الذي يعرف باسم زيروكسات، أرجو أن تبدأ في تناوله بمعدل نصف حبة يومياً لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبة كاملة، واستمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى نصف حبة يومياً لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوماً بعد يوم لمدة أسبوعين أيضاً.

هنالك أيضاً دواء يساعد ويدعم الزيروكسات، وهو علاج مفيد جدّاً في علاج الدوخة، ويعطي أيضاً إن شاء الله الشعور بالحيوية، هذا العقار الذي يعرف باسم دوجماتيل، أرجو أن تتناوله بجرعة 50 مليجراماً صباحاً ومساء، وهو يأتي في صورة كبسولات، إذن تناول كبسولة صباحاً ومساء لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى كبسولة واحدة لمدة ثلاثة أشهر، بعدها يمكنك التوقف عنه.

أخي الفاضل حماد! لا شك أن هنالك آليات ضرورية جدّاً للتحسن وهي مواصلة الناس والرفقة الطيبة وممارسة الرياضة؛ كلها إن شاء الله أمور تفيدك بجانب الإرشادات السابقة والعلاج الذي وصفته لك، وأسأل الله لك الشفاء والعافية.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • أمريكا حكيم

    السلام وعليكم اعاني منا الدوخاواسمع قرقعة في بطني واخافو السفر بعيد واوعاني من القولون العصبي ادعولي شفاء يا خوتي جزاكوم الله خيرا وانشاء الله الجنة

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً