الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية إقناع من يرفض الزواج

السؤال

أسأل الله العظيم أن يجزل لكم الثواب على ما تبذلونه من جهد لخدمة الإسلام والمسلمين، وأن يجعله في ميزان حسناتكم.
أنا شاب أبلغ من العمر (23) عاماً، وأعمل موظفاً، وأسعى لاستكمال دراستي، وأبحث عن المرأة الصالحة التي تعينني على ديني ودنياي، لكن المشكلة تتمثل في كون أخي الأكبر والبالغ من العمر (34) عاماً مضرب عن الزواج، ولا يقبل أن يتحدث معه أحدٌ في ذلك، لدرجة أن والدي غاضبان منه لرفضه ذلك دون وجود سبب مقنع.
فأخي رجل طيب القلب، محافظ على الصلوات، على خلق رفيع، ورجاحة عقل بشهادة كل من يعرفه، حريص على مشاعر الناس وأعراضهم، ولا يصاحب إلا الصالحين، بل لقد علمت أنه يكفل أسراً وأيتاماً كثر بفضل ما أعطاه الله من نعمه، ويؤسفني أن أرى عمره يضيع ونحن لا ندري لماذا يصر على رفض الفكرة من أساسها؟ رغم وجود كل المقومات، فهو استكمل دراسته ويعمل، ولديه دخل ممتاز يفوق حتى أقرانه المتزوجين، ولكن لا يجرؤ أحد على فتح هذا الموضوع حتى يثور ويغادر المجلس، وعندما يضطر للإجابة فهي دائماً: (الله لم يقدر لي ذلك! فربما أعيش بقية حياتي أعزباً)، لقد أصبح والداي يشكان في إصابته بحسد أو سحر، أو ربما بالعجز، رغم عدم موافقتي لهما.
ترى كيف يمكن إقناعه بذلك؟ أو على الأقل معرفة سبب الامتناع؟
أفيدونا وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ راشد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:-
فنسأل الله أن يسهل أمرك وأمر أخيك، وأن يلهمكم السداد والرشاد، وأن ينفع بكم بلاده والعباد.
فإننا نطالبكم باحترام مشاعره، والرفق به، وعدم الإكثار من مناقشته، ولا شك أن هناك سبباً، كما أن الدافع للزواج يختلف من شخص إلى آخر، والزواج تعتريه كل الأحكام، فهو واجب على من خشي على نفسه الفتنة، ومندوب إليه في حق آخرين، ومكروه في حق العاجزين، وقد يحرم لمن لا يستطيع أن يعف زوجته لوجود مرض أو خلل، مع ضرورة أن يسلك سبيل العفة فإن الله تبارك وتعالى قال: ((وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ))[النور:33].
أما إذا ترك الإنسان الزواج مع حاجته إليه فتلك مخالفة لهدي رسولنا صلى الله عليه وسلم الذي قال: (وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني) وفيه تشبه بأعداء الله الذين ابتدعوا في دينه، وبدلوا شرعه، وقال الله فيهم ((وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا ...))[الحديد:27].
وإذا كانت علاقة هذا الشقيق بالصالحين، وهو كما ذكرتم ممن يخاف من رب العالمين، وهو مع ذلك راجح العقل، طاهر الثياب، محبوب عند الأحباب، فما أحوج هذا الخير إلى تاج الزواج.
ونحن نتمنى أن تجدوا من يوصل له مشاعرك هذه، ويفضل أن يكون من أصدقائه المقربين، فإنه قد يظهر لأصدقائه ما لا يستطيع أن يذكره لكم، ولا أظن أن هناك مصلحة في غضب الوالدين منه، ونحن نتمنى أن يكثروا له من الدعاء؛ فإن دعاء الوالدين أقرب للإجابة، والصواب أن نبحث في الأسباب العادية لعزوفه عن الزواج، قبل أن نذهب للتفسيرات الأخرى، فربما يكون السبب هو فشل بعض العلاقات الزوجية لأصحابه، وربما يكون السبب سوء الظن بالنساء، وقد يكون السبب موقفاً تعرض له في حياته، وشاهده بنفسه، وقد يكون السبب هو إصرار الأسرة على تزويجه بفتاة معينة، وهذا باب واسع، وإذا عرف السبب بطل العجب، وسهل علينا إصلاح العطب والخلل، وربما كانت له أسبابه الخاصة به.
ونسال الله أن يسهل أمره وأن يلهمكم السداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً