الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رفض الارتباط برجل بسبب رؤيا رأتها المرأة فأزعجتها

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.
أنا فتاة مطلقة، عرض علي زميلي في العمل الزواج حيث أنه شاب أعزب عمره 30 سنة، لكن قمت برفضه على الفور بطريقة مؤدبة، حيث أن لديه طبائع لا تعجبني، وبعد أن أخبرت أهلي لاموني بشدة، واتهموني بأني أضيع الفرص من يدي، كرر الشاب وبإلحاح طلب الزواج مني، وأنه مستعد لكل ما أريد، ونتيجة إلحاحه وضغط أهلي قررت التفكير بالموضوع.

استخرت الله عز وجل فرأيت (أني أطعم دباً) وفي ليلة أخرى (رأيت أن سني في الفك السفلي مكسورة وتحتاج إلى تقويم) وفي ليلة أخرى (أكياس نايلون معقودة مع بعضها باللون الأسود والأبيض) على الفور رفضت الشاب مرة أخرى، لكنه عاد وألح، فقالت والدتي أنها هي التي ستستخير فرأت (كأن هناك حرباً وخرجنا من بيوتنا ولكن عدنا إلى البيت وكأن شيئاً لم يكن)، وأنها تشعر بالراحة، رفضت ذلك الشاب ثم ألح في طلبي مرة أخرى وبدأ يظهر لي أجمل صفاته، فقال لي أهلي بأنهم سيطلبون من إحدى قريباتنا أن تستخير لي فقالت أنها رأت (أرضاً تبذر فيها وتزرع وفيها ماء).
بناء على استخارة قريبتنا، وبعد السؤال عن الشاب، الأغلب من الناس امتدحه، وبرأي أهلي أن الاستخارة بتيسير الأمور، وليس فقط بما يراه النائم في المنام، تم العقد على هذا الشاب، والآن أنا أعاني من مشاكل كثيرة في هذه الخطبة، حيث أننا في خلاف دائم، كما أن ما وعدني فيه عند الخطبة، وما وصف به نفسه كان مجرد كلام، لم يطبق منه شيئاً... إلخ.

فأرجوكم قولوا لي ماذا أفعل؟ فأنا خالفت الاستخارة فهل أستمر في هذا الزواج أم أنهيه؟ مع العلم أن أختي استخارت لي بنية الانفصال عنه فرأت (قرداً أبيض بارز العينين، فهربت أنا من هذا القرد، ثم رأت ذئباً وأني هربت منه أيضاً، فعاد القرد ولاقاني، ثم صحت من نومها).

أرجوكم أنا حائرة جداً، ولا أدري ماذا أعمل؟! بدأ اليأس يتسلل إلى قلبي، وبدأت أكره نفسي لما فعلته، وأوقعت نفسي به.

اعذروني على الإطالة وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور الهدى حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله أن يقدر كل الخير حيث كان ثم يرضيك به.
فإن الاستخارة هي طلب الدلالة على الخير ممن بيده الخير، ولأهميتها فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمها لأصحابه كما يعلمهم القرآن والسنة، يؤديها الإنسان عن نفسه، وليس من شرطها أن يرى رؤيا، وليس من الضروري أن توجد بعدها مشاكل وصعوبات، ولكنها تورث الإنسان طمانينة وانشراحاً، وتدفع عنه الندامة؛ لأنه أدى ما أمر به، ولن يندم من يستخير ويستشير ويتوكل على ربه القدير.

وإذا كان الناس مدحوا هذا الرجل، والأهل راضون به، ولم تكن العيوب ونقاط الخلاف حول قضايا شرعية فنحن ننصحك بمواصلة المشوار، ولا أظن أنك ستجدين رجلاً بلا عيوب؛ لأنك أيضاً كأي إنسان فيك نقص وعيوب، والسعيد من انغمرت سيئاته في بحور حسناته، وكفى المرء نبلاً أن تعد معايبه.

ولست أدري ما هي نوعية الخلافات؟ ولكن من الطبيعي أن يحدث تباين وجهات النظر، ومن الطبيعي أن يزداد التوتر كلما اقترب موعد الزواج، وسوف تخف حدة الخلافات بعد الزواج، لكنها لا تنتهي حتى يتعرف كل منكما على طبيعة الآخر؛ لأن الصورة بعد الزواج تصبح كاملة ظاهراً وباطناً بإيجابياتها وسلبياتها، ولذلك فإن الحب الحقيقي هو ما يحدث بعد الزواج، ويزداد مع الأيام قوة ومتانة، أما المشاعر الحاصلة في فترة الخطوبة فإنها لا تخلو من المجاملات.

ولا داعي للانزعاج والأمر بيدك، فشاوري من حضرك من محارمك والصالحات، وتفكري في عواقب رفضك لذلك الرجل، ثم ما هي البدائل المتاحة؟ وهل هناك إمكانية لإصلاح الرجل؟ وما هي نوعية العيوب؟ وكيف هي صلاة الرجل ودينه وأخلاقه؟

ونحن نوصيك بتقوى الله وطاعته، والإكثار من ذكره وشكره، وأرجو أن تكثري من اللجوء إلى من يجيب المضطر إذا دعاه.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً