الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أدوية الاضطراب الوجداني وطريقة استخدامها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نبعث إليكم لنشكركم على اهتمامكم باستشارتنا رقم: 255499، ونود أن نستشيركم استشارة جديدة، وأذكركم بأن أخي لديه اضطراب وجداني ثنائي القطب بأعراض ذهانية Bipolar i with psychotic features، وقد تم تغيير دواء Aripiprex 45 mg إلى Zyprexa 15 mg فأصبح العلاج كالتالي:-
صباحاً:
2 قرص Prianil 400 mg
1 قرص Lamictal 50 mg
1 قرص Zyprexa 5 mg
1 قرص Fish oil 1200 mg

مساءً:
2 قرص400 Mg prianil
1 قرص Lamictal 50 mg
2 قرص Zyprexa 5 mg
1 قرص Multivitamin/multimineral dietary supplement

تم ذلك التغيير منذ 10 أيام، والحمد لله تحسنت حالة أخي إلى حد ما؛ حيث بدأ في تحمل مضايقات الأقارب له (فقد ذهبنا للمصيف جميعاً مع أقاربنا) الذين بالرغم من معرفتهم لحالته يتصرفون بطريقتهم العادية، فلا يراعون مشاعره! فبدأ يكظم غيظه ويحاول أن يستهين بما كان يسبب له القلق والغضب من قبل، كما كان يلعب التنس مع ابن عمته وابن خالته كما كان يطبخ لنا سمكا على الغذاء.

ولكن نوبة الاكتئاب بدأت تعاوده منذ يومين؛ حيث ذهب يوماً بعدما عدنا من المصيف للعب كرة القدم مع أصحابه في الكلية، وفي اليوم التالي لهذا الحدث - وكان يوم الجمعة - استحم، وبالرغم من أنه كان يقول أنه خائف ألا يستطيع الذهاب لصلاة الجمعة - فهو لم يذهب لصلاة الجمعة الأيام الفائتة؛ لاكتئابه وخوفه من رؤية الناس - إلا أنه ذهب هذه الجمعة للصلاة.

ولكن بعدما عاد من الصلاة بوقت ليس بقليل، بدأ يقول أشياء مثل: أنا أخاف من رؤية الناس! لا أريد أن أعود إلى المصيف مرة أخرى! ولما سألته: لماذا تشعر بهذا القلق؟ أجابني بأن الدراسة قد اقتربت؛ حيث إنها بعد أسبوعين، وهي صعبة!

وفي يوم السبت التالي استمر يقول بأنه لا يريد رؤية الناس، ولا يريد العودة للمصيف، وسأل عن خاله: هل سيذهب إلى المصيف؟ (كما أنه لا يريد رؤية خاله الذي كلمه من قبل بطريقة بها سخرية، ولكنه سامحه، وبعدها كلمه كأن لم يحدث شيء).

أريد أن أضيف أنه قبل رجوعنا من المصيف حدثت مشاجرة بين أبي وأخيه -الذي يريد أن يبيع بيتنا- وكان أخي يراقب ما حدث وهو قلق، ولكن بعد قليل تدارك الأمر وانتبه إلى أنه سيقابل زملاءه غدا للعب كرة القدم معهم، وأخذ يردد بأنه يريد أن يموت، وأنه هل سيشفى مما أصابه، ويقلق من أشياء مثل أنه لم يكلم صديقه، ويخاف أن يكون صديقه قد رسب وهو لم يكلمه، ولكنه كان يكلمنا ويشاهد التلفاز، ثم يعود يردد كلام الاكتئاب مرة أخرى!

هل العلاج مناسب، أم أن جرعة الدواء في حاجة لزيادة؟ أم سيستمر على تلك الجرعة طول عمره أم ستقل؟ وكم من الوقت سيكون العلاج؟

أرجو إفادتنا لأن الدراسة قد اقتربت، والقلق يظهر على أخي، ولا نستطيع الذهاب والمتابعة مع أي طبيب؛ بسبب رفض أخي للأطباء، وقد قرأت كثيراً وحاولت متابعة حالة أخي وإعطاؤه أدوية، ولكني لا أعرف كيف يستمر العلاج، وهل هو بالفعل في تحسن؟ والنوبات البسيطة من القلق التي تصيبه بسبب الظروف المحيطة هل هي مؤقتة ولا علاقة لها بالدواء؟

آسفة على الإطالة، ولكن أخي بحاجة للمساعدة وأحس بأنه في طريق العلاج الصحيح، ولكن أريد أن أعرف كيف أكمل الطريق؟ (أرجو أن لا تجيبني بأن نذهب للطبيب؛ فقد ذهبنا للكثيرين ولكن أخي لا يتقبل أحداً).
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أخت علي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فجزاك الله خيراً على اهتمامك الكبير بأخيك، ونسأل الله تعالى له الشفاء.

أولاً: هذا الأخ يتناول كمية كافية جدّاً من الأدوية، بل على العكس أرى أن الجرعات التي يتناولها ربما يكون فيها نوع من الزيادة خاصة البرينيل، البرينيل وهو الليثيوم أو كربونات الليثيوم من الأدوية الممتازة جدّاً لأن تثبت المزاج، ولكن هذه الجرعة اليومية وهي 1600 مليجرام، في رأيي قد تكون كبيرة، وهذا الدواء حين يكون بجرعة كبيرة ربما يؤدي إلى نتائج عكسية وربما تقل فعاليته العلاجية، والذي أراه هو أن يتناول حبتين فقط ليلاً، ولابد أيضاً أن يقاس مستوى هذا الدواء في الدم، هذا هو الذي أود أن أنبه له.

أما بالنسبة للفيش أويل والفيتامينات التي يتناولها، فهي حقيقة ليست ذات أهمية إذا كان يتناول الطعام بصورة منتظمة.

إذن أيتها الأخت الفاضلة: لا أعتقد أنه في حاجة لأي أدوية زائدة، هذه الأدوية ممتازة وفعّالة وهي الأفضل في الساحة حسب ما تشير الدراسات، هذا الأخ يتطلب نوعا معينا من التعامل معه، الذي أراه أنه ليس من الضروري أن نناقشه أو نحاوره في كل ما يقوله، هنالك علم يعرف بعلم العلاج بالتجاهل، أنا لا أقول أن نتجاهله كإنسان، هذا بالطبع لا يجوز، ولكن يجب ألا نخوض في تفاصيل أو نرد على كل ما يقول، يمكن أن نغير الموضوع، يمكن أن نطلب منه القيام بنشاط معين، كل ما يقوله إذا بدأنا في نقاش منطقي معه هذا سوف يثبت لديه الفكرة الخاطئة، وهذا يزيد من قلقه.

إذن: أرجو مخلصاً أن يكون هنالك نوع من العلاج بالتجاهل لما يقوله، ويمكن أن تطرح مواضيع أخرى من طرفكم وهذا إن شاء الله سوف يشد انتباهه ويقلل من قلقه وتوتره.

لقد أجبت فيما يخص الجرعة وهي - كما ذكرت لك - ليست بحاجة إلى زيادة مطلقاً، وأنا أعتقد أنه لابد أن يستمر على الدواء وعلى هذه الجرعة لفترة طويلة، وكل الأطباء يجمعون على أن فترة ثلاث إلى خمس سنوات هي أقل فترة مطلوبة في هذه الحالات، وبعض المرضى قد يحتاجون لمدة أكثر إذا كانوا عرضة لأي نوع من الانتكاسات.

أرجو أن يُشجع هذا الأخ على الذهاب إلى الدراسة؛ لأن الدراسة هي نوع من التأهيل، أسوأ ما في المرض النفسي أو المرض العقلي هو أن يبدأ الإنسان يفتقد وظائفه، الوظائف الاجتماعية أو العملية أو الدراسية وخلافه، من أفضل أنواع التأهيل ومحاربة الأمراض النفسية والعقلية هو أن يكون الإنسان فعّالاً وأن نتيح له الفرصة وأن نساعده لأن يلعب دوره الاجتماعي والأسري ودوره في الحياة بصفة عامة وألا يعامل كمعاق، هذا أمر ضروري جدّاً جدّاً، وأود أن أحتم وأركز عليه.

لا شك أن الأدوية سوف تساعد في تحسينه ونوبات القلق التي تصيبه من وقت لآخر هي أمر طبيعي، ولابد أن نعرف أن المريض النفسي أو العقلي يمكن أن يقلق مثل أي إنسان آخر وله الحق في أن يعبر عن مشاعره، وله الحق أن يقلق، وله الحق أن يحزن، وله الحق أن يفرح، وله الحق أن يتعصب في بعض المرات... وهكذا.

إذن: لابد أن نقبل شيئاً من هذه التغيرات وهذا أمر طبيعي، فهذه مشاعر إنسانية، ويجب ألا نفسرها دائماً على أنها جزء من المرض.
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً