الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما علاج الحالات المصحوبة بالقلق؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

وجزاكم الله خيراً على جهدكم في خدمة المسلمين، وجعله الله في ميزان حسناتكم يوم القيامة، وفرج كربكم كما جعلكم الله سبباً لكشف كرب المسلمين، اللهم آمين.

وبعد: فأنا أعاني منذ فترة طويلة منذ كنت أدرس بالصف الثاني بالكلية من أعراض الاكتئاب، الحزن الدائم، الكسل وعدم الرغبة في فعل أي شيء، والاضطراب الوجداني، وتضارب الأفكار، أجد رأسي يعج بالأفكار الكثيرة جداً، مما يسبب لي التعب الشديد وكذلك من الخوف الشديد والقلق والتوتر والعصبية المفرطة، وقرأت عن (الأنافرانيل) وكنت آخذه قبل ذلك بناء على وصف طبيب، ولكن لم أستمر عليه ولا أدري ما السبب؛ لأن ذلك كان منذ فترة طويلة، حيث أني امتنعت عن تناول الأدوية، وأنا الآن أرغب في تناول هذا العقار مجدداً، حيث أني ما زلت أعاني مما كنت أعاني منه، فأفدني أفادك الله هل هو فعال في علاج مرض الاكتئاب؟ وبعد كم من الوقت يظهر تأثيره؟ وما الجرعة المناسبة للبدء؟ ثم ما هو التدرج للوصول للجرعة النهائية؟ وكم من الوقت أستمر عليها؟ وهل أكتفي به وحده، أم آخذ عقاراً آخر معه؟ ولو لم أتحسن معه فماذا أفعل؟

أرجو من سيادتكم أن تركز -لو سمحت- على هذا الدواء بالذات، فرخص ثمنه يتناسب معي، حيث أن تناول الأدوية يستمر لفترة طويلة وجزاكم الله خير الجزاء، الرجاء أعزك الله أن ترد على رسالتي هذه في أقرب فرصة، فرج الله همك وصرف عنك السوء اللهم آمين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إيهاب حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فلا شك أن مرض الاكتئاب من الأمراض النفسية المنتشرة جدّاً، وكثيراً لا تشخص هذه الحالات بالصورة الصحيحة، حيث يعتقد أن 40 إلى 50% من حالات الاكتئاب النفسي غير مشخصة، ويتنقل الذين يعانون من هذه الأمراض من طبيب وآخر وأقل من ينصحهم للذهاب للطبيب النفسي، حيث أن الاكتئاب النفسي يمكن أن يظهر في شكل أعراض جسدية وذلك بجانب الاضطراب الوجداني واضمحلال المزاج وعسره.

الأعراض التي ذكرتها لا شك أنها تحمل الكثير من سمات الاكتئاب النفسي، ونوع الاكتئاب الذي تعاني منه مصحوباً بأعراض القلق النفسي، وهذا شيء غير مستغرب؛ فكثير من حالات الاكتئاب تكون مرتبطة بالقلق، وكثير من حالات القلق تكون مرتبطة بالاكتئاب كذلك.

الشيء الذي أود أن أطمئنك حياله -أيها الأخ الفاضل- هو أنه في خلال العشرين سنة الأخيرة حدث الكثير من التقدم في معرفة الكثير من تفاصيل هذا المرض وكيفيته والمسارات البيولوجية التي تتسبب فيه، كما أنه هنالك تقدم كبير حصل في مجال العلاج، خاصة العلاج النفسي السلوكي وكذلك العلاج الدوائي.

أخي الفاضل! لا شك أن الأدوية كثيرة الآن وكلها -الحمد لله- فعَّالة، و(الأنفرانيل) يعتبر من الأدوية القديمة ولكنه من الأدوية الجيدة جدّاً في علاج الاكتئاب النفسي، خاصة إذا كان مرتبطاً بأي أعراض أو وساوس أو قلق أو مخاوف، وأتفق معك أن (الأنفرانيل) رخيص الثمن لدرجة كبيرة، ولكن حتى الأدوية الحديثة الآن بدأ سعرها في التنازل، وذلك بعد أن اكتفت الشركات المنتجة أو أنها قد فقدت براءة امتياز الاختراع، حيث أن الأدوية بدأت تنتج بصورة تجارية.

بالنسبة لجرعة (الأنفرانيل) تبدأ بـ 25 مليجرام وترفعها تدريجياً حتى تصل إلى 100 مليجرام في اليوم، فهذه هي الجرعة الفعّالة لعلاج الاكتئاب النفسي، علماً بأن الإنسان يمكن أن يتخطى هذه الجرعة حتى يصل إلى 200 أو 250 مليجرام في اليوم، والطريقة للبداية هي 25 مليجرام يومياً -كما ذكرت- ترفع بمعدل 25 مليجرام كل أسبوع حتى تصل إلى الجرعة المقررة.

ويمكنك أن تتناول الجرعة صباحاً ومساء، ويفضل أن تكون جرعة الصباح صغيرة وجرعة المساء كبيرة، بمعنى يمكن أن تأخذ 25 مليجرام صباحاً و75 مليجرام ليلاً، حيث أن هذا الدواء ربما يسبب نوعاً من الاسترخاء أو الشعور بالنوم، ولذا يفضل أن تكون الجرعة المكثفة ليلاً.

التدرج في الجرعة من فوائده أنه يقلل من الآثار الجانبية التي يسببها (الأنفرانيل)، وهذه الآثار الجانبية كالشعور بالجفاف في الفم، والثقل في العينين، والإمساك، والعرق، ولكن البدايات التدريجية تقلل من هذه الأعراض الجانبية، كما أن الاستمرار على الدواء يقلل أيضاً من هذه الآثار بالتدريج، ويتطلب (الأنفرانيل) حوالي ستة أسابيع حتى يشعر الإنسان بفعاليته حقيقة، وهذه الفترة هي الفترة التي يتم فيها البناء الكيميائي.

بالنسبة للعلاج: يجب أن يستمر فيه الإنسان أربعة إلى خمسة أشهر بعد أن تختفي الأعراض بصورة تامة، وعلى الإنسان أن يستمر في هذه الأشهر حتى يطمئن تماماً أن المرض قد زال، وهذه الفترة الوقائية تعتبر فترة مهمة جدّاً.

أنا أرى أن (الأنفرانيل) لوحده يكفي لأعراضك ولا داعي لاستعمال أدوية أخرى معه، أما إذا أردت أن تنتقل إلى مجموعة أخرى من الأدوية فيعتبر (البروزاك) من الأدوية الجميلة والأدوية البديلة، وكما ذكرت لك الآن توجد منتج تجاري (للبروزاك) وهو أقل تكلفة، ويتميز (البروزاك) بأنه قليل الآثار الجانبية، كما أن جرعته مختصرة جدّاً ويتناولها الإنسان مرة واحدة في اليوم.

جرعة البداية في مثل حالتك هي كبسولة واحدة - 20 مليجرام - في اليوم، وبعد أسبوعين يمكن أن ترفع إلى كبسولتين، استمر على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك خفضها إلى كبسولة واحدة، ويمكن أن تستمر على الجرعة الوقائية لمدة ستة أشهر.

أخي الفاضل! بجانب العلاج الدوائي لابد أن تعتمد أيضاً على الآليات الأخرى، وهي أن تكون فعّالاً في حياتك، مواظباً على وظيفتك، وتتواصل اجتماعياً، وأن تكون متفائلاً، وأن تفكر تفكيراً إيجابياً، هذه -يا أخي حقيقة- آليات مفيدة جدّاً لعلاج الاكتئاب النفسي وذلك بجانب العلاج الدوائي.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً