الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هي معايير وأسس في القبول والرفض عند الزواج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أسأل الله أن يجزيكم خير الجزاء ويبارك فيكم وفي عملكم، ويجعل جميع أعمالكم خالصة لوجهه ويتقبلها منكم... آمين.

نحن نعيش في زمن تغيرت فيه الموازيين, وأصبحت المقاييس مقلوبة رأساً على عقب، وإن تحدثت مع الذين ابتلوا في هذا الشيء بما يناقض ما هم عليه تسمع كلمات السخرية والاستهزاء وعدم المبالاة بما تقول، فمثلاً يقولون: نحن لنا الظاهر وليس لنا علاقة بالباطن, وربما يكون الذي لا يصلي ولا يصوم فيه خير أكثر من الذي يصلي ويصوم ويزكي ويعمل بما أمره الله عز وجل ورسول الله صلى الله عليه وسلم.

فأرجو توجيه وإرشاد لأولياء الأمور، وكذلك الفتيات والشباب بالمعايير الأساسية الثابتة - التي لا تتغير بتغير الأزمان - لقبول أو رفض الشاب.

وما هي الكماليات التي من الممكن أن نفضل بها شخصاً على آخر؟! وهل أصبحت الشهادة الجامعية أو امتلاك البيت أو البعد عن الأهل أو الغربة سبباً من الأسباب الرئيسية لرفض أو قبول الشاب؟

أسأل الله أن يردنا إلى دينه رداً جميلاً، وأن يستعملنا وإياكم لنصرة دينه ولا يستبدلنا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الفقيرة إلى الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإننا ندفع ثمن تخلّينا عن ثوابتنا وبعدنا عن شريعتنا، وما من شيء من أمر الشريعة تركته الأمة التي أحوجتها أزمات الحياة إليه إلا وحصل الندم على التفريط فيه:(( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ))[النور:63]، وقد فقد الذين لم يلتزموا بآداب الإسلام وأحكامه سعادتهم، فعاشوا في أزمات متلاحقة، وتحولت حياتهم الأسرية إلى أزمات متلاحقة، أما الذين قدموا الدين كما فعل الإمام أحمد وغيره، فقد عاشوا في سعادة لا حدود لها، حتى عاش الإمام أحمد مع زوجته ثلاثين عاماً وقال يوم وفاتها: والله ما اختلفنا في مسألة.

والعاقلة تعيش على ما يرضي الله حتى لو كانت وحدها؛ لأن الأمر كما قال ابن القيم وغيره: (سر على طريق الحق ولا توحشنّك قلة السالكين، واترك طريق الباطل ولا تغتر بكثرة الهالكين).

وإذا تغير الزمان وأهله فالعبرة بثوابتنا النابعة من ديننا نتمسك بها وندور معها حيث دارت.

وأرجو أن تعلمي أن الأموال والعقارات والشهادات لا تغني عن أصحابها إذا لم يكن معها دين وأخلاق وخوف من مالك الأكوان، وسوء الخلق يفسد الحياة، كما أن قلة الدين هي أكبر الأدواء.

أما قولنا للشباب ولأولياء الأمور فهو قول النبي صلى الله عليه وسلم لأمته: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه - دينه وأمانته - فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، وقوله عليه الصلاة والسلام للشباب: (فاظفر بذات الدين تربت يداك).

والجمال لا يغني عن أهله إذا لم يكن معه دين، والمال وبال على أهله إذا لم يجمع وفق ضوابط الدين، ويوزع في رضا رب العالمين، والحسب والنسب لا يفيد إذا لم يكن معه دين وأدب، وأحسن من قال:
كن ابن من شئت واكتسب أدباً *** يغنيك محموده عن النسب

ولا يخفى على الجميع أن أبا لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم لم ينفعه ماله ولا وجاهته ولا قربه من النبي صلى الله عليه وسلم، حين كفر بالله رب العالمين، وصدق من قال:

لقد رفع الإسلام سلمان فارس *** ووضع الشرك الشريف أبا لهب

وإذا لم يلتزم الناس بالمقاييس الشرعية، فإنهم موعودون بفتنة وفساد عريض، قلت: وأي فتنة أعظم وأكبر من انتشار الفواحش وامتلاء البيوت بالعوانس، وانتشار الأمراض الجنسية الفاتكة التي تحير الأطباء في أمرها وعلاجها.

وهذه وصيتي لك ولأخواتك وزميلاتك بتقوى الله وبالحرص على طاعته، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به، وأن يرزقنا من الحلال، وأن يعمر قلوبنا بمحبته العظيم الكريم المتعال.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً