الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية معالجة الإدمان على الشات والمحادثة عبر الإنترنت؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أختي الصغيرة عمرها (18) سنة، عندها شيء اسمه: إدمان على الإنترنت والشات، لدرجة أنها لو تترك دراستها وتترك كل شيء في حياتها لأجله، وتكون في عالمٍ آخر، وبعيدة بعداً كاملاً عن الأسرة وعن كل الذين حولها، ولا تقبل أي أحد يتكلم معها، حاولنا كثيراً نصحها، سواء إخوة أو أصدقاء، وكلمناها بهدوء وتفاهـم ولطف ورفق، لكن لا يوجد أمل فما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رزان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فقد قال تعالى:( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى)[المائدة:2]، وقال صلى الله عليه وسلم:( الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)، رواه مسلم.

فأنت بحمد الله داخلة في كل هذا، فسعيك هذا سعي داخل في التعاون على البر والتقوى، وداخل في النصيحة، مع ما تحصلينه -إن شاء الله- من الثبات على دينك، فإن الأمر بالخير يورث الثبات عليه، ونسأل الله أن يجزيك خير الجزاء على هذا الحرص وعلى هذا الثبات.

وأما عن كيفية علاج هذا البلاء الذي وقعت فيه أختك، فإن ذلك يحتاج منك إلى معرفة الأسباب التي تجعلها تغيب عن الدنيا عندما تقوم بعملها المذكور! فلا يخفى عليك مدى الخطر الذي يحصل من التعامل مع شبكة المعلومات (الإنترنت)، فهنالك خطر رؤية المشاهد المحرمة بل الفاضحة، وهنالك أيضاً خطر العلاقات المنحرفة التي يكون مبدأها باسم الصداقة والتي تنتهي بالحرام -والعياذ بالله-، إلا أن يتدارك الله ذلك برحمته، فهذا الفعل الذي تقوم به أختك يدل على أنها متأثرة تأثراً بالغاً بالمعاملة مع الإنترنت، فيحتمل احتمالاً كبيراً وقوعها في بعض المحظورات، وهذا ليس من سوء الظن، وإنما هو من رعايتها وتفقدها والأخذ بيدها إلى الصواب قبل أن تتمادى في خطأها، ولذلك قال تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ )[التحريم:6] الآية.

لذا فالمطلوب هو السعي في إرشادها إلى المسلك الصواب في التعامل مع هذا الأمر، لا سيما وأن عمرها الآن هو عمر حرج، والخطأ فيه وارد جدّاً، فلذلك لا بد من أخذ الأمر بأسلوبين: الحكمة والحزم، فطالما أنكم استفرغتم وسعكم في نصحها وإرشادها بالرفق واللين فلم تستجب، فلا بد إذاً من الحزم معها.

فالواجب على والديك أن يمنعاها من هذه الأفعال وألا يسمحا لها بالتعامل مع شبكة المعلومات إلا تحت إشرافهما وفي أوقات محددة، فلا إفراط ولا تفريط، وهذا الأمر حكمه أنه من الواجبات الشرعية، فإن الواجب على ولي الأمر أن يحوط رعيته بالحفظ والصيانة، وألا ينتظر وقوع الفأس في الرأس، بل الواجب هو الحفظ والرعاية كما قال صلى الله عليه وسلم:( كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته )، فمتى ما تعذر إقناعها بالأسلوب الهين الرفيق فلا بد من الحزم معها وأخذها بالأسلوب الجاد الحازم، وذلك بمنعها من هذه الأفعال، مع دوام تذكيرها ونصحها، وبيان أن الحامل لكم على ذلك هو مصلحتها ورعايتها، ويدخل في هذا المعنى إرشادها إلى المواقع الإسلامية النافعة، مع الإشراف عليها عند معاملتها وجلوسها لذلك.

والمقصود أنه لا بد من تعاون جميع الأسرة في علاج هذا الأمر، ولا بد أيضاً من موقف واضح من والديك حتى لا يظل الأمر سائباً لا ضبط فيه ولا حزم، فالعدل هو وضع اللين في موضعه، ووضع الحزم في موضعه، وبذلك تخرج أختك من الخطر المحقق إلى الحفظ والصيانة والرعاية، ومما يفيدكم في هذا المعنى أن توجدوا لها البديل من الرفقة الصالحة من الأخوات الصالحات، بحيث تجد منافذ أخرى تسعدها وتشغلها عن هذا الموضوع.

ونسأل الله عز وجل لكم السلامة في الدين والدنيا، وأن يهديها ويشرح صدرها.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً