الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العناد الشديد في فترة المراهقة

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.
أخى يبلغ من العمر 17 عاماً، وهو أصغرنا سناً، والمشكلة الحقيقة بدأت تظهر منذ حوالي عامين، وبدأت تصرفاته تتسم بالعناد وتنفيذ رأيه فقط حتى على والده ووالدته، وبدأ هذا الأمر يتفاقم عندما طلب مدرس له بأن يرى والده، ولأن أختي تعمل في مجال التدريس ذهبت للمدرس نظراً لانشغال أبي في هذه الفترة، ومنذ ذلك التاريخ وهو لا يكلمها ولا يعاملها منذ أكثر من عام، لدرجة أن ابنتها الصغيرة -ذات العامين- التي كان يحبها ويلعب معها لا يكلمها.

وبدأت تصرفاته تستفز الآخرين في المنزل، وظهرت من تصرفاته في هذه الأيام أنه في ظل البرودة الشديدة يلبس ملابس صيفية ولا يريد لبس الملابس الجديدة المشتراة له، وحاول أبي إقناعه لكنه رفض رفضاً شديداً، حتى أن والدي قام بضربه ليلبس الملابس الشتوية حتى لا يمرض، ومع هذا صمم ألا يلبسها.

ومن الممارسات الأخرى أنه يمتنع عن الأكل معنا، ولا يأكل غير أشياء قليلة وبشراهة، مع العلم بأنه نحيف ويعاني من نسبة أنيميا ويرفض العلاج.

وخلاصة القول أنك لو طلبت منه أن يفعل أي شيء فإنه يرفضه مع علمه بأنه صواب، وهذا سبب ألماً كبيراً لأمي ولمنزلنا كله، ونعيش في جو نفسي ليس بالجيد بسبب هذا الأمر.

أرجو الإفادة أفادكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Momo حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه لا يخفى عليك أن شدة العناد جزءٌ من طبيعة هذه المرحلة العمرية التي يتمرد فيها الطفل على ذُلِّ الطفولة وكثرة أوامرها، ويبرز للناس شخصيته وقوته، ولذلك لم يكن مناسباً أن تذهب امرأة لتتكلم في أمره وتخاطب المدرس الذي لا نعرف ماذا قال له بعد ذلك، وربما لم يسلم هذا الشاب من تعليقات زملائه الذين لن يكونوا أكثر منه رشداً ووعياً.

ولا شك أن تصرفه مع أطفال أخته ورفضه لما حصل لا يخلو من الخطأ، وكم تمنيت أن تظهر أسباب ردة الفعل القوية التي أحدثها ذلك الموقف غير رفضه للوصاية، وربما أحرجه إطلاع شقيقته على أحواله وظهورها أمام أساتذته وزملائه.

وأما بالنسبة لاستفزازه للآخرين فربما كان فيكم من يسخر منه أو يعلق عليه، وربما كان مقهوراً في طفولته الأولى، ونحن نتمنى أن تحترموا شخصيته وتحاوروه في هدوء، وتحاولوا اكتشاف الطريقة التي يفكر بها، والرفقة التي يدور في فلكها، وأشركوه في أمور المنزل، وأظهروا له الاهتمام، مع ضرورة اتخاذ منهج موحد في التعامل معه، وتجنبوا إصدار التعليمات والتعليقات، واتركوا له فرص التعبير، واحترموا اختياراته.

وأما رفضه للطعام ولبسه ملابس الصيف في الشتاء ومخالفة رغبتكم فيدل على رغبته في لفت الأنظار بمخالفة الكبار والصغار، والظهور على السطح وجعل نفسه مادة للحديث والاهتمام.

وربما وجد متعة في الرفض والعناد، وربما دل ذلك على حاجته للاهتمام وخاصة إذا علمنا أنه الأصغر، خاصة من جانب الوالدة، فإن لم ينفع فيه ذلك فلا بأس من التغافل عن تصرفاته ومعاملته بنقيض قصده، وعند ذلك سوف يلبس الثياب الجديدة، ويسارع إلى الطعام، مع ضرورة فهم نفسيته، وحبذا لو اقترب منه أقربكم إليه وقال له في هدوءٍ أن هذه الثياب تجعل الناس يتكلمون عليك، ويختل منظرك وأنت تلبس القديم، وماذا سيقول الناس، ونحو ذلك من الرسائل المهمة بالنسبة للشاب الذي يهمه ما يقال عنه ويهتم بمظهره.

وليس من المصلحة شعوره بالنجاح في إيجاد جو التوتر في المنزل، ولا تعطوا الموضوع أكبر من حجمه.
وعليكم بالدعاء له، وخاصة من قبل والديه، ونسأل الله أن يصلح أحواله، وأن يرده إلى صوابه، ولا داعي للانزعاج فسوف تعود الأمور إلى وضعها الطبيعي.

ونسأل الله أن يحفظ الجميع.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السودان ام عمر

    جزيت خير فعلا التقافل عن تصرفات المراهق تجعله يرجع صوابه يجب علينا أن لأ نعير ه اهتمام زايد

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً