الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما تفسير حالة النقص عند الأطفال؟

السؤال

السلام عليكم

ابنتي تبلغ من العمر أربع سنوات وهي أصغر أولادي، كما أنها مُدَلله جداً، ولكن في الفترة الأخيرة صارت تعيش حالة غريبة وهي أنها تُحدث نفسها كثيراً، وتحدث أشخاصاً، وتلعب مع أشياء تقول إنها تراها.

الأسوأ من هذا أنها لا تحدث أحداً أبداً من أهلها أو إخوتها ولا ترغب بأي تواصل مع العالم الخارجي، ولا تبدي أي رد فعل مهما فعل المقابل معها حتى وإن صرخ في وجهها.

المرة الوحيدة التي تكلمت ليس أكثر من كلمتين أو ثلاث كانت قبل يومين عندما حاولت خالتها التحدث إليها، ولكنها عادت إلى حالتها الانطوائية بعد ذلك مباشرة، علماً أنني عرضتها على أكثر من طبيب ولم يعرفوا ما هي المشكلة، فما هو تفسير مثل هذه الحالة؟

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورهان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هذه الحالة يمكن أن تفسر بأنها نوع من النقوص أو ما يعرف بالرجريشن Regression، وبالطبع يقصد بها أن الطفل قد انتقل إلى مرحلة أكثر طفولية، والنقوص في بعض الأحيان يعتبر نوع من الدفاع النفسي، وبالنسبة للكبار قد يتصرف الإنسان أو يرجع إلى مرحلة تدل أنه رجع إلى مرحلة الطفولة في طريقة كلامه وتصرفاته وهكذا، وبالنسبة للأطفال قد ينتقل الطفل إلى مرحلة تدل إلى أنه قد رجع أو نقص لمرحلة سابقة في حياته النفسية والخاصة به.

لا شك أن هذا هو أحد التفسيرات النفسية السائدة والتي نراها ربما تناسب ما وصفته، ولكن بالتأكيد لا نستطيع أن نقطع جازمين في ذلك؛ لأن هذه التفسيرات النفسية تقوم على افتراضات وملاحظات وليست على بيانات علمية، ولكن في نظري هذا التفسير هو التفسير الأقرب والأكثر واقعية في حالة هذه الابنة.

والنقوص يحصل إذا تعرض الطفل إلى نوع من المخاوف أو إذا كان الطفل يود انتباه أكثر خاصة الطفل المدلل، ففي كثير من المرات يطالب الطفل بالمزيد خاصة إذا كانت هنالك متغيرات في حياة الأسرة قللت أو صرفت أفراد الأسرة إلى مشاغل أخرى جعلت الطفل لا يكون محط الانتباه، وهذا يجعله بصورة شعورية أو لاشعورية يرجع إلى مرحلة بدائية في التطور في حياة الإنسان، وبهذه الوسيلة يمكن أن يفرض ذاته مرة أخرى.

هنالك حالة عضوية تعرف بمتلازمة رتس Rettes، هذه الحالة يفتقد فيها الطفل خاصة البنات المقدرة على التخاطب والحديث بعد أن اكتسب هذه المقدرة، وهنالك تغيرات عضوية تحدث لهؤلاء الأطفال خاصة في حركة اليدين، وهذه الحالات نادرة جدّاً وأتمنى وأسأل الله ألا تكون هذه الحالة منطبقة على حالة هذه الطفلة، ذكرت ذلك فقط من أجل المعرفة وأرجو ألا يكون ذلك مزعجاً لكم؛ حيث لا أميل مطلقاً أنها تعاني من حالة Rettes، ولكن أرى أنها أصيبت بنوع من النقوص النفسي، والذي أود أن أوصي به هو أن يتم تجاهل الطفلة بقدر المستطاع، حتى حين تتحدث إلى نفسها وتتحدث إلى أشخاص وهي تعيش في عالمها الخاص، وهذا في كثير من الأحيان ليس مستبعداً؛ لأن الطفل يحاول أن يستكشف عالمه وما حوله، ولذا قد يحدث له نوع من حديث النفس كجزء بالطبع من حالة النقوص العامة، فأرى أن يتم تجاهل الطفلة قدر المستطاع، وألا تنهى عن هذا التصرف ولكن يلفت انتباهها لأفعال أخرى كأن يطلب منها أن تحضر شيئاً مثلاً، فهذا سوف يخرجها من دائرة التحدث مع الذات.

والشيء المهم جدّاً أيضاً أن تتاح لها الفرصة أن تكون مع الأطفال الآخرين لأطول مدة ممكنة، فالأطفال في عمرها أو حتى أكبر منها سناً قليلاً سيكون هذا هو الأفضل بالنسبة لها.. فهذا -إن شاء الله- سوف يرجعها إلى وضعها الطبيعي، أتمنى أن يكون هذا الأمر متوفر في كندا، أي أمر وجود أطفال آخرين في سنها ويتكلمون لغتها. وهذه الحالة تتطلب المراقبة والمتابعة ولكني متفائل جدّاً أن الأمر سوف ينتهي على خير وسوف ترجع الطفلة إلى سيرتها الأولى وإلى مقدراتها.

أسأل الله لها الشفاء والعافية.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً