الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التأخر في المقدرات المعرفية وأثرها في تكوين الشخصية الانعزالية

السؤال

أختي منذ الصغر تعاني من الخجل والخوف وصعوبة في استيعاب الدراسة بسرعة، وصلت إلى مرحلة الابتدائية وتركت الدراسة بسبب البطء في الاستيعاب، والخوف من المدرسة.

ثم بالتدريج تسوء حالتها، أصبحت تنعزل عنا بالتدريج، ولا تتكلم كثيراً، وبعدها بمدة قصيرة أصبحت تسرح بالتفكير دائماً، وتفكر دائماً بالمواضيع القديمة التي كانت حينها منتبهة لنا، وتطور الأمر الآن بأنها لا تنتبه أبداً، وفقدت التركيز على كلامنا معها، ودائماً تفكر بالمواضيع القديمة، وبعض الأحيان تبتسم أو تضحك بدون سبب على مواضيع قديمة جداً هي تفكر بها، والآن هي لا تقبل أن تجلس معنا، وتنزعج إذا قطعنا تفكيرها، ودائماً تحب الجلوس وحدها، وتفكر ولا تقبل العمل مثل السابق.

عمرها 22 سنة، فما هو الحل حتى يرجع لها التركيز وتنتبه إلى ما يجري حولها وترجع تشاركنا الكلام والتحدث معنا؟

الآن هي دائماً رأسها إلى الأسفل، وتفكر وتبتسم ولا تقبل أن تقول لماذا تضحك أو بماذا تفكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Yahya حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فجزاك الله خيراً ونشكرك كثيراً على اهتمامك بأختك التي نسأل الله تعالى أن يشفيها ويعافيها من كل مكروه، وهي ربما يكون لديها نوع من التأخر في المقدرات المعرفية، بمعنى أنه ربما يكون هنالك تخلف بسيط في مستوى الذكاء والاستيعاب لديها، وهذا هو الذي جعلها تكون بطيئة في التعلم وليس لها القدرة على الاستيعاب، وهذه الحالات حقيقة تتطلب التكرار وتطوير المهارات بالصبر، وبالطبع التطور الجديد أنها تنعزل وتتبسم وتضحك وحدها، هذا يعتبر أمراً ضرورياً بالنسبة لنا من الناحية التشخيصية؛ حيث أن بعض الأشخاص الذين لديهم محدودية في الذكاء ربما يحدث لهم نوع من مرض الفصام الذي دائماً يأتي في هذه الحالة بما يعرف السلبية، وهي الانزواء وعدم التفاعل والتبسم والضحك دون سبب، وهذا التبسم والضحك في بعض الأحيان يكون هو استجابة لنوع من الهلاوس السمعية، هذه الفرضية في رأيي هي الأقرب من ناحية التشخيص في حالة هذه الأخت شفاها الله وعافاها.

لا شك أن الأسرة تتفهم أن وضعها وضع خاص ربما يكون من الأمثل أن تُقدم إلى الطبيب النفسي حتى يصف لها العلاج اللازم، ولكن إذا صعب ذلك سأصف لكم بعض الأدوية التي تعتبر من الأدوية الجيدة والفعالة في علاج مثل هذه الحالة أو على الأقل سوف تساعدها لدرجة كبيرة وتمنع التدهور في كل الأحوال -بإذن الله تعالى-، والدواء الذي أنصح به هو رزبريدون Risperidone، وهو من الأدوية الطيبة والجيدة والحديثة وقليلة الآثار الجانبية، جرعة البداية هي واحد مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين ثم ترفع إلى 2 مليجرام وتستمر عليها لمدة شهر، ثم بعد ذلك يفضل أن ترفع الجرعة إلى 4 مليجرام، يمكن أن تتناول 2 مليجرام صباحاً و2 مليجرام مساءً، أو يمكن أن تأخذ الجرعة كجرعة واحدة (4 مليجرام) ليلاً، حين ترفع الجرعة إلى 4 مليجرام هنا أنصح أن تتناول معه دواء آخر يعرف باسم آرتين Artane بجرعة حبة واحدة (5مليجرام).

والسبب في إضافته هو حتى لا تحدث آثار جانبية من الرزبريدون بالرغم من سلامته وقلة آثاره الجانبية، إلا أنه في بعض الحالات ربما يؤدي إلى نوع من الانشداد العضلي البسيط أو الرجفة، وهنا نعطي الآرتين حتى لا يحدث ذلك، هذا هو الدواء (الرزبريدون) المفضل، وتوجد أدوية أخرى مثل الأونالزبين ولكنه دواء مكلف وربما لا يوجد في العراق.

ويوجد أيضاً عقار آخر يعرف باسم وهو واحد من الأدوية القديمة يعرف باسم استلازين Stelazine وهو أيضاً علاج جيد ولكن ربما يؤدي إلى آثار سلبية بسيطة مثل الرجفة الشديدة، وفي بعض الحالات ربما يؤدي إلى حركة في الفم إذا استعمله المريض لمدة طويلة، لكنه على العموم لا زال من الأدوية المستعملة ومن الأدوية الجيدة بصفة عامة، وجرعته هي 5 مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين، ولابد أن يعطى معه الآرتين منذ البداية بجرعة 5 مليجرام، ثم بعد ذلك ترفع جرعة الاستلازين إلى 5 مليجرام صباحاً ومساءً ومعه جرعة الآرتين بجرعة 5 مليجرام صباحاً ومساءً.

وهذه الجرعة هي جرعة معقولة جدّاً، ولكن في بعض الحالات ترفع جرعة الاستلازين إلى 15 مليجرام ولا مانع في ذلك في حالة أختك، ولكن أفضل أن يكون ذلك بعد ثلاثة أشهر من بداية العلاج بأن تتناول 5 مليجرام صباحاً و10 مليجرام ليلاً وتترك جرعة الآرتين كما هي (5 مليجرام) صباحاً ومساءً، هذه الحالات تحتاج إلى علاج لمدة طويلة في حدود سنة أو سنتين أو ثلاثة ومن المستحسن أن تظل بالطبع تحت المراقبة والملاحظة الطبية.

أيها الأخ الفاضل: لا شك حين تستقر حالة أختك - إن شاء الله - هنا تبدأ في نوع من العلاج التأهيلي، وأهم بنود العلاج التأهيلي هي أن تهتموا بالأمور الشخصية من نظافتها البدنية ونظافة ملابسها وترتيب أمورها، ويجب أن تتعلم وتتدرب على ذلك، كما أن الأعمال المنزلية مثل الغسيل ونظافة البيت وخلافه فيها نوع من التأهيل الجيد لهذه الحالات، ولا مانع أن تقرؤوها بعض سور القرآن مثل قصار السور، وأن تُقرأ لها بعض المواضيع الصغيرة والبسيطة، ولا مانع أن تدرب مرة أخرى على الكتابة، ولا مانع من أن تشاهد البرامج المفيدة، فهذا كله - إن شاء الله - نوع من التأهيل، وبمعنى آخر هو أن يتم الاهتمام بها ولا تهمل ولا نستسلم ونقول بأنها لن تستفيد، لا بالطبع أنها ستستفيد، ولكن هذا الأمر يتطلب الصبر ولا نستعجل النتائج، والعلاج التأهيلي مع العلاج الدوائي بفضل الله تعالى سوف يفيدها كثيراً.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية ابوثامر

    اسال الله الكريم رب العرش العظيم ان يمن عليها بالشفاءالعاجل وع جميع المسلمين

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً