الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التغلب على حالات الاكتئاب والإرهاق

السؤال

يحدث عندي وعند أمي في بعض الأحيان حالة من الإرهاق والاكتئاب، بحيث لا أحب أن أعمل أي عمل، وهي تغضب كثيراً وأنا مثلها، وعمرها 50 عاماً، إضافة على ذلك فإنها مصابة بألم في المفاصل خصوصاً الظهر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حالة الإرهاق والاكتئاب التي تصيبك وتصيب والدتك في نفس الوقت لابد لنا من أن نفصل حقيقة ما بين ما يحدث لك وما يحدث لوالدتك، وأرى من الواجب والمفترض أن تكون أنت أكثر تحمُّلاً وألا تظهر لوالدتك ما يبدو عليك من عسر في المزاج أو عدم الارتياح، فأنت في مثل هذا الأمر تستطيع أن تقاوم العثرات البسيطة في المزاج التي ربما تنتاب الإنسان، فالذي أحتم عليه وأودك أن تأخذه بجدية كاملة هو أن تكون إيجابيّاً، وأن تكون فعّالاً وأن تظهر ذلك لوالدتك حتى وإن كان هذا يعني أنك تجبر نفسك وتضغط عليها أكثر مما يجب، وقد أشارت كثيرة أن الدافعية لدى الإنسان تزداد إذا رفع من همته، فأنت عليك أن ترفع من همتك وعليك ألا تظهر أبداً لوالدتك أنك مكتئب أو أنك لا تحب العمل.

ما الذي يجعلك ألا تحب العمل؟ فأنت في مقتبل العمر وفي عمر الشباب، عمر الفعالية والطاقات، وأنتم في فلسطين المباركة أعتقد أن هنالك توجد لديكم الحوافز الكثيرة التي تكون مشجعة لكم من أجل العمل ومن أجل إثبات الذات، أقول ذلك لأني أعرف أن السلبيات والضغوط الكثيرة في الحياة تولد لدى الإنسان طاقات إيجابية في كثير من الأحيان، أنت عليك واجبات كثيرة وأرى أنك أهلاً لها.

حين تأتيك فكرة ألا تعمل أو أن لا يكون لديك مزاجٍ أدخل عليها فكرة مضادة، وقل: لابد أن أعمل، ولابد ألا أتبع هوى نفسي في التكاسل... قل لنفسك ذلك ولا تحاور نفسك أكثر من اللزوم ولا تساومها، حدد عملاً معينّا تقوم بإنجازه في نفس اللحظة، أي يجب أن تكون لديك واجبات في ذهنك، تقول: سوف أقوم بعمل هذه الواجبات حين أكون لا رغبة لي في العمل، هذا الفعل المضاد يولد إيجابيات كثيرة.

أيضاً لا شك أن تنظيم الوقت مهم جدّاً، فالحياة الطلابية تتطلب تنظيم الوقت، وأنت من المفترض أن تكون الآن على أعتاب التخرج، فلابد لك من أن تشد الهمة بصورة أفضل.

أنا لا أرى أنك في حاجة لأي علاجات دوائية.

أما بالنسبة لوالدتك فبالطبع هذا العمر هو عمر الاكتئاب لدى النساء، تحدث الكثير من المتغيرات الهرمونية والمتغيرات البيولوجية التي ربما تؤدي إلى أن تصاب المرأة بنوع من الاكتئاب في هذه السن، وهنالك علاقة وثيقة جدّاً بين آلام المفاصل وآلام الظهر، فهنالك دراسة أشارت أن 65% من النساء اللاتي يعانين من آلام الظهر هم في الأصل لديهم حالات من حالة الاكتئاب النفسي التي قد لا تظهر على السطح.

إذن تشجيع والدتك سيكون حافزاً فعّالاً لها، وفي رأيي والدتك محتاجة إلى الأدوية المضادة للاكتئاب، سوف تساعدها هذه الأدوية كثيراً، فأرجو أن توضح لها هذه الحالة وتوضح لها ما ورد في هذه الاستشارة وأن الأدوية المضادة للاكتئاب سوف تساعدها كثيراً.

إذا كانت لدى الوالدة مشكلة مع النوم سيكون أحد الأدوية القديمة جيد جدّاً بالنسبة لها، وهذا الدواء يعرف باسم تراي إمبراميل Trimipramine ويعرف تجاريّاً سيرتمونتل Syrmontil، هذا الدواء الممتازة جدّاً لعلاج الاكتئاب المصحوب بالآلام واضطراب النوم في هذه السن، وجرعته هي 25 مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين، ثم ترفع إلى 50 مليجرام وتستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم تخفض إلى 25 مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناوله.

هذا الدواء ربما يؤدي إلى شعور بالجفاف في الفم في الأيام الأولى للعلاج، ولكن لا توجد أي آثار جانبية أخرى مضرة.

أما إذا كان النوم لديها جيدا فسيكون الدواء الأفضل هو البروزاك، وهو دواء ممتاز لعلاج الاكتئاب خاصة لدى النساء ولكنه لا يساعد كثيراً على النوم، كما أنه يبعث طاقات ومزيدا من الحيوية الجسدية والنفسية، وجرعته كبسولة واحدة (20 مليجرام) ليلاً أو نهاراً، ومن الأفضل أن تتناوله بعد الأكل لمدة شهر، ثم بعد ذلك ترفع الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، يمكن أن تتناولها كجرعة واحدة بعد الأكل وتستمر عليها لمدة خمسة أشهر، ثم بعد ذلك تخفض إلى كبسولة واحدة يوميّاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقف عنه.

لابد لها أيضاً أن تحاول ممارسة الرياضة كالمشي فسوف يفيدها كثيراً، وبالطبع الصلاة والدعاء وتلاوة القرآن سوف تبعث الكثير من الطمأنينة والرحمة.

أرجو أن تكون مسانداً لوالدتك، وأرجو أن تعطيها الشعور دائماً بأنك الابن البار الذي يرجى منه الكثير.
أسأل الله لكم التوفيق والسداد والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً