الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العلاقة بين زيادة الضغط وخفقان القلب وارتباط ذلك بالحالة النفسية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنا مهندس عمري 26 عاماً، وطولي 186 كج ووزني 91 سم، وقد عانيت لفترة من اللوز في صغري، وقد قمت باستئصالها منذ ثمان سنوات، ومنذ سنتين عانيت لفترة من زيادة في الضغط وكانت هذه الزيادة بسبب ضغوط الامتحانات كما قال لي الدكتور، علماً بأني كنت مواظباً على الرياضة دوماً.

ومنذ ستة أشهر مررت بفترة ضغوط نفسية بسبب العمل، حيث كنت أتوتر من أقل شيء وأعرق بغزارة، وكنت بدأت في التدخين ولكن بدرجة خفيفة، وبعدها بفترة قصيرة بدأت أحس بتقلص خفيف في الحنجرة والمريء، وكنت أحس كأن شيئاً يتحرك ثم ألم في المعدة عندما أشرب القهوة، وبعدها بعدة أيام -ولأول مرة- حصل لي خفقان في القلب، فكنت أحس كأن القلب توقف لفترة صغيرة جداً، ثم أشعر بنبضتين قويتين كنت أحس بهما في رقبتي، وكانت تأتي مرة أو مرتين في اليوم فلم أعرها اهتماماً في البداية، إلى أن حصلت معي مشاكل زوجية كبيرة أدت إلى الانفصال وبعدها بدأت صحتي في التدهور، فكنت أحس بضيق نفس عند النوم.

وقد ذهبت إلى الطبيب وعملت رسم قلب فلم يكن هناك شيء، وكانت نبضاتي حوالي 67، ولكن اكتشفت أن الضغط عندي مرتفع، فبدأت أتابع الضغط وكان دائماً مرتفعاً - حوالي 140 على 95، وأحياناً 100، وبعدها بفترة قصيرة بدأ الخفقان يزيد بدرجة أكبر، ممكن أحياناً كل ثلاث دقائق يحصل هذا الخفقان وبقوة، لدرجة أني لم أكن أستطيع النوم، حيث كنت أحس بتنميل في الأطراف وخدران، وكذلك كنت أحس بحركة لاإرادية في جسمي عند النوم (خضة)، وكذلك آلام في الصدر كنخزات خفيفة على يسار القفص الصدري وألم يعصرني على محيط القفص الصدري من أسفل، وقد عملت بعدها عدة فحوصات للدم والكولسترول ورسم قلب بالمجهود، ولكن الخفقان لم يحصل أثناء اختبار المجهود وكان الطبيب يطمئنني دائماً ويقول ما عندك شيء، ولكن أعطاني علاجاً للضغط (كابوتين) استمررت عليه وكنت أحس بتحسن.

ومنذ فترة بدأت أحس أني عندما أغضب أو يكون هناك شيء مقلق أحس بتقلصات خفيفة في الحنجرة وبعدها أحس بأن قوة ضربات قلبي عالية وزائدة وبعدها يبدأ الخفقان بالرجوع مرة أخرى لمدة يوم وبعدها يختفي، وهذا يتكرر دوماً، وكذلك أحس بنبضات في أطرافي في اليدين ورعشة خفيفة في أصابعي، فما تشخيص حالتي؟ وهل هناك علاقة بين زيادة الضغط وخفقان القلب كما يقول الطبيب؟ وهل هذا الخفقان بسبب مشكلة في القلب؟!

علماً بأني عندما أنتهي من تماريني وهي الجري والمشي السريع أحس بالخفقان، وما علاقة تقلصات الحنجرة بالخفقان وقوة ضربات القلب؟ وما هي الفحوصات اللازمة لكي أقطع الشك باليقين وأشخص حالتي؟! لأن هذه الأعراض أثرت على حياتي وعملي.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فجزاك الله خيراً على رسالتك هذه، لأنك قمت بالتدقيق والنظر بتمعن في التسلسل لأعراضك، وقد سردتها والحمد لله بصورة منظمة جداً، ولا أريد أن أنظر للأمور من الجانب النفسي فقط، ولكن حقيقةً أقول لك أن أعراضك هي نفسية في المقام الأول، فهذا الذي حدث لك هو قلق نفسي تتخلله نوباتٍ من الهرع، والهرع ما هو إلا قلق شديد لمدةٍ قصيرة يعاود الإنسان من مرة إلى أخرى، وتكون فيه الأعراض الجسدية شديدة، خاصة التقلصات العضلية وكذلك ارتفاع ضربات القلب.

وما قام به الطبيب هو بالطبع الأمر الصحيح وأنا أثق في مقدرته بالطبع، وأعتقد بالنسبة لهذه الضربات بالرغم من أنها نفسية المنشأ في نظري إلا أنه ربما يكون من الأفضل أن تقوم بتخطيط القلب لمدة 24 ساعة، فهناك جهاز يعرف باسم هولتر (Holter)، هذا الجهاز يقوم بتسجيل نبضات القلب لمدة 24 ساعة، ثم بعد ذلك يقوم الطبيب بقراءته وتحليله، ربما يكون الطبيب قد قام بهذا الإجراء، ولكن وددت أن أذكره لك لأنك سألت عن أي نوعٍ من الفحوصات يجب أن تقوم بها.

أرى أن هذا هو الشيء الوحيد الذي تتطلبه حالتك إن كنت لم تقم به، كما أنه من الأفضل أن تقوم بإجراء فحص للغدة الدرقية؛ لأن زيادة إفراز هرمون الغدة الدرقية كثيراً ما يؤدي إلى تسارع وخفقان في ضربات القلب، ولكن أحسب أن الطبيب قد قام بذلك؛ لأن هذا يعتبر من الفحوصات البسيطة والأساسية جداً.

وارتفاع ضغط الدم يعتقد بعض الناس أن هناك ما يعرف بضغط الدم العصبي، أي أن الإنسان يرتفع لديه ضغط الدم مع الانفعالات، ولكنه لا يصل لهذه الدرجة ولا يكون بهذه الاستمرارية، فأنت لديك ارتفاع في ضغط الدم واضح أنه متواصل، وما قام به الطبيب أيضاً وهو علاجك بالكابوتين يعتبر في نظري أمراً طبيعيّاً، ربما تقول أنك لا زلت صغيرا في السن وهذا ليس عمر الضغط، ولكن هذه الأمراض أصبحت الآن موجودة وهي سهلة، وأنا أؤمن تماماً أن الإنسان عليه أن يتخذ التحوط الأكبر، بمعنى أن تعالج هذه الحالات المعالجة الطبية الصحيحة، ولا نتركها للتفسير النفسي.

وأما الأعراض الجسدية التي تنتابك وهي الرعشة في اليدين وكذلك التقلصات في الحلق وزيادة ضربات القلب، لا شك أنها كلها أعراض جسدية ناتجة من زيادة نشاط الجهاز السمبتاوي، فالجهاز السمبتاوي هو جهاز عصبي لا إرادي حين يزيد استشعاره نسبة لإفراز مادة الأدرانلين يؤدي إلى هذه الأعراض.

إذن الأمر مفسر تماماً من الناحية الفيزلوجية، وهذه الزيادة في النشاط كما ذكرت لك تحدث غالباً من القلق والتوتر، وكذلك من زيادة هرمون الغدة الدرقية.

وأما العلاقة بين ضغط الدم وخفقان القلب فإن الضغط في الأصل هو عدد ضربات القلب التي تضرب في مقاومة الأوعية الدموية، فإذا ارتفعت ضربات القلب فهذا يؤدي عند بعض الناس - إذا كانت لديهم مقاومة عالية أيضاً في الأودعية الدموية - إلى ارتفاع الضغط فإذن العلاقة معروفة.

والخفقان إذا كان لأمر فسيولوجي لا أعتقد أنه يسبب مشكلة في القلب، ولكن إذا كان لمرض عضوي ثانوي كمرض الغدة الدرقية، فهذا ربما يؤدي إلى بعض المشاكل في القلب، والشعور بالخفقان بعد التمارين والجري هو أمر طبيعي؛ لأن الحركة الفسيولوجية تكون في أقصى درجاتها، وهذا بالطبع يتمثل في الشعور بهذا الخفقان.

وأنا أرى أنك حساس جداً في مراقبة وظائفك الفسيولوجية، وهذا الإحساس الشديد هو الذي يجعلك تستشعر هذه الضربات.

وأما العلاقة بين تقلصات الحنجرة والخفقان وقوة ضربات القلب، فالعلاقة هي علاقة غير مباشرة، بمعنى أن التوتر والقلق هو الذي يسببها جميعاً، يسبب التقلصات في الحنجرة، وحتى ألم الصدر في رأيي هو ناتج من هذه التقلصات، وكما ذكرنا فإن القلق يؤدي إلى هذا النشاط الفسيولوجي الذي يزيد الخفقان وقوة ضربات القلب، وبالنسبة للفحوصات فقد ذكرتها لك وهي عمل رسم للقلب لمدة 24 ساعة إذا لم تقم بهذا مسبقاً، وكذلك فحص الغدة الدرقية .

وأود أن أضيف حقيقةً أنك سوف تستفيد من بعض الأدوية النفسية البسيطة، خاصةً أنني أعتقد أن الفحوصات إن شاء الله سوف تكون سليمة، فهناك دواء يعرف باسم فلونكسول، وهو دواء ممتاز جداً لعلاج القلق النفسي، فيمكنك أن تتناوله بجرعة حبة واحدة نصف مليجرام صباح ومساء لمدة أسبوعين، ثم خفضه إلى حبةٍ واحدة في اليوم لمدة أسبوعين أيضاً ثم توقف عنه، وإذا ظل معك هذا القلق والتوتر والأعراض الجسدية يمكن أن تضيف عقارا آخر يعرف باسم سبراليكس، وجرعته هي حبة واحدة 10 مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى نصف حبة أي 5 مليجرام يومياً لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناولها، فهذا في رأيي سوف يساعدك كثيراً في زوال هذه الأعراض.

ولا بد أيضاً أن تقلل من الشاي والقهوة وكل المثيرات التي تحتوي على مادة الكافيين، ويعتقد أن هناك بعض الناس لديهم حساسية شديدة في القلب يؤثر عليهم الكافيين للدرجة التي يسبب لهم الخفقان، حتى وإن كان هناك قلق بسيط، فأرجو أن تتخذ هذا التحوط لأن ذلك أفضل.

أسأل الله لك الشفاء والعافية،وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر شيماء

    انا ايضا اعانى نفس الاعراض وعمرى27 عام وبعد عمل جميع الفحصات ظهر عندى ارتخاء فى الصمام المترالى بالقلب

  • اليمن عباد

    السلام عليكم ورحمة الله
    كلام الدكتور نفس الحاله التي مررت بها قبل سنتين
    كلما اراقب ضغط الدم يرتفع عندي الضغط وعندما انشغل وانسى هذا المرض
    يكون الضغط طبيعي
    حتى عندما اذهب لقياس الضغط مباشرة يرتفع عندي الضغط بسبب القلق
    لكن كان علاجي اني اقتنعت بما قدره الله

  • السعودية آمنه مكاوي

    كل هذه الاعراض اعاني منها بس ولله الحمد عندما اقراء القرآن لم أشعر إلا بالطمأنينة يعني أقصد عليكم بقراءة القرآن لأنه شفاء القلوب...
    وألا بذكر الله تطمئن القلوب

  • أمريكا سناء

    انا ايضا عانيت من نفس الاعراض وذهبت الى الطبيب النفسي ووصف لي دواء اسمه سيلنترا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً