الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعراض الاكتئاب الانشراحي وعلاجه

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعاني من أعراضٍ كثيرةٍ أرجو أن تدلكم على مرضٍ معين لكي أستفيد؛ وهذه الأعراض كما يلي:
1- أحس بأني ما زلت صغيراً مما أثر علي في اتخاذ القرار، وكذلك عند التعامل مع الناس فأنا أرى أنهم أكبر مني سنّاً حتى ولو كنت أعلم بأنهم أصغر مني، مع العلم بأن عمري 28، ولدي ولد، كما أني الابن الأصغر في عائلة مكونة من 16 شخصاً.
2- تنتابني نوبات من الاكتئاب مع الرغبة في الوحدة، ولذلك أصبحت أنام أكبر وقت ممكن في النهار لكي يتسنى لي الجلوس وحدي طوال الليل إما على الكمبيوتر أو التلفاز.
3- أحياناً أشعر بالفرح والنشوة بدون سبب، وكذلك الإحباط بدون سبب.
4- مواهبي وهواياتي وإبداعاتي ليس لها عدد ولم أستقر على شيءٍ منها، لأني أَمَلُّ بسرعةٍ من أي شيءٍ وكل شيء.
5- إذا جلست بجانب شخصٍ سعيدٍ أحس بالسعادة، وإذا جلست بجانب شخصٍ يحس بالصداع أحس بالصداع بمجرد الجلوس بجانبه، ووالله إني لا أبالغ، فلقد حدث لي هذا الشيء مراتٍ عديدة جداً جداً، ولذلك لا أتحمل أن تكون زوجتي غير سعيدة أو متضايقة، مما يؤدي بي إلى التضايق وربما الزعل أحياناً كثيرة.

أفيدوني في حالتي لأن حالات الاكتئاب أصبحت متقاربة أكثر من الأول بكثير؟!
وشكراً جزيلاً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو تركي حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فما ذكرته من أعراضٍ تحمل في طياتها الكثير من الأهمية بالنسبة للتشخيص، حيث أن ما ورد في النقطة الثالثة وهو الشعور بالفرح والنشوة من دون سببٍ وكذلك الإحباط يجعلني أفكر تماماً في أنك تعاني من حالات ما يعرف بالاكتئاب الانشراحي، أو الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية ولكنه من درجةٍ خفيفة، كما أن الأعراض التي ذكرتها في النقطة الثانية وكذلك الرابعة والخامسة ربما تدعم ذلك كثيراً.

وأنا لا أقول أنك مصاب باضطراب الهوس الذي يرتفع فيه المزاج بشدة ثم بعد ذلك ينخفض، بل أنت مصابٌ في نظري بدرجة بسيطة من هذا الاضطراب الوجداني الذي يحدث فيه نوعٌ من تقلب المزاج، وهذه الحالة كانت مهملة من الناحية التشخيصية في الأعوام السابقة، ولكن منذ هذا العام والسنة الماضية ركَّز عليها الأطباء كثيراً، واتضح أن هنالك الكثير من الحالات التي لم يتم تشخيصها بالصورة الصحيحة مما جعل الكثير من الذين يعانون من هذه الحالات يتم علاجهم بصورةٍ ليست صحيحة من ناحية الأدوية مما يؤدي إلى مزيدٍ من التعقيد في علاجهم، وكانت هذه الحالات في الماضي تُوضع ضمن الاكتئاب وتُعطى الأدوية المضادة للاكتئاب في أغلب الحالات، مع أن الصحيح هو أن يعالج الذين يعانون من هذه الحالات بواسطة الأدوية المثبتة أو المنظمة للمزاج.

وعموماً؛ فإني أود أن أشير إلى علاج النقطة الأولى التي ذكرتها وأنك تحس بأنك ما زلت صغيراً، فهذا نوعٌ من الشعور بالدونية أو إضعاف الثقة في النفس أو عدم تقدير النفس بصورة صحيحة، وهذا الشعور السلبي قد ينتاب الإنسان ولكن معالجته تكون بالتفكير المضاد؛ أي أن تكون عالي الهمة، فانظر لنفسك دائماً بأنك رجل عالي الهمة، فهذا أمر ضروري جداً وقد دعا إليه الإسلام كثيراً، فأرجو أن تراجع نفسك في هذا السياق.

ثانياً : لابد أن تُجري حواراً مع نفسك، فقل لنفسك: هذه فكرة سخيفة، لماذا أنا أنظر لنفسي بهذه الصورة؟ لا، الحمد لله أنا لا أقل عن الآخرين إن لم أكن أفضل من الكثيرين. أنا لدي أسرة وأتواصل مع الناس. أنا أقوم بواجباتي الإسلامية وأحافظ على عباداتي ولا ينقصني شيء، كما أن فضل الله ونعمه علي كثيرة. فانظر إلى نفسك بصورة إيجابية وأجر هذا الحوار، وثبِّت هذه الأفكار الإيجابية، وحقِّر الأفكار السلبية.
وعليك أيضاً أن تحاول أن تتخذ القدوة الحسنة، فاقتدي دائماً بالصالحين والمتميزين والمتفوقين، فهذا يعطيك - إن شاء الله - شعورٌ بالقوة دون أن تحقِّر من نفسك، وهذا أمر يعطيك الدافعية، وحاول أن تعمل مع الجماعة في كل ما هو متاح في النطاق الاجتماعي، وتعاون مع الآخرين، وسوف تجد نفسك تقوم بدور إيجابي، وحاول دائماً أن تجعل نفسك تقود ولا تُقاد.

وكذلك ننصحك بأن تشارك في حلقات التلاوة، فهذه الحلقات فيها الكثير من الخير، ويشعر الإنسان فيها بالراحة النفسية، ويشعر أنه يجلس مع إخوةٍ كرام، وهذا لن يجعلك تحس بالدونية أبداً، ومارس الرياضة الجماعية مثل كرة القدم فمن خلالها سوف تنطلق وسوف تمتزج مع الآخرين وتتفاعل إيجابياً.

ولا شك أن الجلوس على الكمبيوتر والتلفاز لساعات طويلة أمرٌ ليس مرغوب فيه، بل يعتبر مضراً من الناحية النفسية لأنه يؤدي إلى الانزواء ويؤدي إلى الانطوائية ويؤدي إلى الانكباب على الذات ويؤدي إلى الدخول في أحلام اليقظة الغير مفيدة، ونحن لا نقول بأن هذه الوسائل ممنوعة بل هي طيبة وإيجابية بشرط أن يستغلها الإنسان ويستفيد منها بصورةٍ معقولة.

وأرجع لما تعاني منه في نظري وهو أنك تعاني من اضطرابٍ وجداني ثنائي القطبية من درجة بسيطة، وهنا أود أن أصف لك أحد الأدوية التي أراها مفيدة،
وهذا العقار يعرف باسم دباكين كرونو، وهو في الأصل دواء يستعمل لعلاج الصرع ولكنه وُجد أنه مفيد جداً لتثبيت المزاج وتحسينه دون أن يدخل الإنسان في انشراح أو فرح زائد ودون الدخول في اكتئاب.

والدواء الآخر يعرف باسم تجراتول، وهو أيضاً من الأدوية المضادة للصرع ولكنه وجد أنه مفيد جداً في هذه الحالات، وأنت لا تحتاج لاستعمال الدوائين ولكنك بالطبع تحتاج لاستعمال واحد منهما، وأنا أرى أن الدباكين كرونو بجرعة صغيرة هو الأفضل، وهذه الجرعة هي 500 مليجرام في اليوم.
إذن؛ ابدأ في تناول هذا الدواء بجرعة 500 مليجرام في اليوم؛ أي حبة واحدة ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك يمكن أن تتوقف عنه، وإذا لم تعاودك هذه الانتكاسات فهذا أمر طيب، وإذا حدث أنه رجع لك تقلب المزاج فهذا يعني أنك يجب أن ترجع لاستعمال الدواء، وفي هذه الحالة تتناوله على الأقل لمدة سنة ونصف إلى سنتين، وهذه ليست طويلة كما يعتقد البعض.

وهذا الدواء ليس إدمانياً ولا تعودياً وليست له أي آثار جانبية سلبية شديدة، ولكن سوف يكون من الأفضل أن تقوم بإجراء فحص عام للدم للتأكد من قوته، وياحبذا لو قمت أيضاً بفحص إنزيمات الكبد والتأكد من أن الكبد سليم لأن هذا الدواء ربما يؤدي إلى ارتفاعٍ بسيط في إنزيمات الكبد لدى بعض الناس، وحتى إن حدث هذا فلا يعتبر أمراً مزعجاً ولكنه يعتبر نوعاً من التنبيه بأن نعيد فحص الكبد أو وظائف الكبد كل ثلاثة أشهر. هذا لمجرد التنبيه.
وختاماً؛ أرجو أن تفكر إيجابياً فأنت لديك الكثير من الذي يمكن أن تقوم به، كما يجب أن تعيش حياة سعيدة، وأسأل الله لك السعادة وكذلك لزوجتك.
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً