الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أبتعد عن آفات اللسان قبل الخوض في الحديث؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كثيرا ما أغتاب الناس دون أن أدري! وأكثر السب واللعن على أشخاص قلبوا حياتي رأسا على عقب، لا أرتاح حتى أدعو الله في كل صلاة أن ينتقم منهم في الدنيا والآخرة.

كيف أبتعد عن آفات اللسان قبل الخوض في الحديث؟ وهل الحديث مع أبوي عن إخوتي يعتبر غيبة؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أنيسة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الله سبحانه يقول: ((لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا))[النساء:148] ولكن العفو والصفح أعلى وأرفع وهو خلق الأنبياء والصالحين والفضلاء، والمؤمنة كالشجرة يرميها الناس بالحجارة فتعطيهم أطيب الثمار، وأولى الناس بالعفو والصفح هم الإخوة والأرحام، وإذا كان الإنسان مظلوماً وتجاوز الحدود في الشتم والسب والإساءة فد يتحول إلى ظالم لأنه أخذ حقه وزيادة.

كما أنه لا يجوز أن تشتكي إلا لمن تنتظر نصرته أو ترغب في نصحه أو تريد تحذيره، أما التوسع في الكلام عن الآخرين فليس من سيما الصالحين، وكان السلف إذا غضبوا من إنسان تركوا ذكره لا بالخير ولا بالشر، وذلك دليل على كمال دينهم ووفرة عقولهم، والكلام عن إخوانك أمام والديك قد يوغر صدروهم ويجلب غضبهم وربما يتسبب في الملل منك.

ومما يعين الإنسان على حفظ اللسان تذكره لخطورة هذه الجارحة الصغيرة في حجمها الكبيرة في جرمها وخطرها حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل عندما قال له: (يا نبي الله! أو محاسبون نحن بما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم -أو قال: على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم).

ولا يخفى على أمثالك أن رسولنا صلى الله عليه وسلم سئل عن أكثر ما يدخل النار فقال: (الفم والفرج) ودخل الفاروق على الصديق رضي الله عنه فوجده يجبذ لسانه، فقال له: مه يا خليفة رسول الله؟! فقال الصديق: هذا الذي أوردني الموارد، وهذا دليل على ورعهم فما كانوا مثلنا، ونسأل الله أن يلطف بنا ولكنهم مع ذلك كانوا يخافون لأنهم يعلمون أن خطايا اللسان من أخطر الذنوب؛ لأنها ذنوب مركبة فيها حق للعباد وحق لرب العباد ويحتاج من يتوب منها بعد التوبة إلى استحلال وطلب للعفو والسماح وتلك ورطة الورطات.

والذي لا يحفظ لسانه يأتي يوم القيامة مفلساً والعياذ بالله؛ لأن الناس يأخذون من حسناته، فإن فنيت قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار.

ولا يخفى عليك أن السب واللعن من كبائر الذنوب، وأن (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)، وأن اللعن يرجع إلى صاحبه إذا لم يكن صاحبه أهل له، وأن اللعانون لا يكونون شفعاء، ولعن البهائم لا يجوز فكيف بالإنسان؟ وأفضل من الدعاء عليهم الدعاء لهم، وكم نحن سعداء بهذا السؤال الذي يدل على أن لك نفساً لوامة فكوني أمة الله المظلومة ولا تكوني الظالمة، فإن الظلم ظلمات وبالعفو يرتفع الإنسان درجات.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية سعد

    بارك الله فيكم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً