الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استفسارات حول دواء (ميانسيرين)

السؤال

السلام عليكم.

ما رأي الدكتور محمد عبد العليم في العقار أتيميل (ميانسيرين) فيما يخص استعمالاته والآثار الجانبية والجرعة.

وما الفرق بينه وبين العقار لروكسيل (أميتريبتيلين).

وما مدى قرب هذين العقارين من ريمانون؟ فقد فهمت من عدة استشارات سابقة أن ريمانون هو الأفضل بالنسبة للأشخاص اللذين يريدون التوقف عن المزج بين عدة عقاقير نفسية، والاستقرار على عقار واحد، فهل (ميانسرين) المذكور أعلاه مناسب كبديل للريمانون؛ لأن ريمانون مرتفع التكلفة؟ وهل سبب الاختلاف الكبير في الثمن هو فرق كبير من ناحية الآثار الجانبية؟

هل لهذه العقاقير التي ذكرتها بعض التأثير على الوساوس والرهاب أم أن استعمالها يقتصر على علاج الاكتئاب والقلق والأرق حسب ما أعتقد؟

وهل يصح الجمع بين العقاقير المذكورة أعلاه وبين البينزوديازبينات أو مثبطات استرجاع السيرتونبن أو مضادات الذهان أو مثبتات المزاج؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ شاكر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

عقار (ميانسيرين) من الأدوية المعروفة وإن لم تكن شائعة الاستعمال في كثير من الدول، وهو من الأدوية المضادة للاكتئاب ذات الفعالية العالية جدّاً، ولكن لوحظ عن هذا الدواء أن فعاليته تقتصر في بعض الأحيان على أشخاص معينين؛ أي بمعنى أنه إذا نجح فهو ينجح بصورة متميزة جدّاً وواضحة، وإذا فشل فأيضاً فشله يكون واضحاً، وهذا لا يتأتى إلا بتجربة الدواء.

الفرق بين ميانسيرين والإميتريبتيلين، فهذا الأخير هو من الأدوية المضادة للاكتئاب وهو من الأدوية ثلاثية الحلقة، والميانسيرين لا يعتبر من الأدوية الثلاثية الحلقة، وهو يعمل أساساً على النورأدرنلين وعلى السيرتونين في نفس الوقت، ويتميز الميانسيرين بأنه محسن للنوم وبالطبع هذه أكبر ميزة تميز الريمانون، ولذا فإن الكثير من الأطباء ربما يجرب الميانسيرين كبديل أساسي للريمانون، وأنا أتفق معك تماماً أنه أقل سعراً وأقل تكلفة من الريمانون، وجرعة الميانسيرين قد يحتاج الإنسان أن يرفعها حتى 60 مليجراماً في اليوم، فهنالك من يبدأ بـ 10 أو 20 مليجراماً ولكن قد تصل الجرعة إلى 60 مليجرام في اليوم؛ في حين جرعة الريمانون يجب ألا تتعدى 45 مليجرام في اليوم.

والفرق بين الريمانون والميانسيرين ليس في الآثار الجانبية، فالريمانون يعتبر من الأدوية الطيبة وقليلة الآثار الجانبية وإن كان يؤدي إلى زيادة في الوزن، وأما الميانسيرين فهو لا يؤدي إلى زيادة في الوزن ولكن ربما يحتاج الإنسان إلى أن يتناوله مرتين أو ثلاث في اليوم، وهذا هو الفرق الأساسي بين الدوائين.
وهنالك فرق آخر بين الدوائين من ناحية التكلفة وهي أن الميانسيرين قد دخل الأسواق قبل عشرين عاماً تقريباً، ويعرف أن الدواء بعد عشرة سنوات يفقد الاحتكار الصناعي أو الاحتكار الاختراعي بالنسبة لشركات الدواء ويمكن أن تصنعه شركات أخرى، وهذا بالطبع يؤدي إلى نزول كبير في سعر الدواء، أما الريمانون فهو الآن في الأسواق منذ حوالي سبع أو ثمان سنوات.

الريمانون يتميز أنه قليل التفاعل مع الأدوية الأخرى، وبصفةٍ عامة نحن لا نقول أن الريمانون هو الأفضل بالنسبة للأشخاص الذين يريدون أن يتوقفوا عن المزج بين عدة عقاقير، ولكن بصفة عامة لا نشجع المزج أصلاً بين عقاقير متعددة، وهذه العقاقير قد يأكل بعضها البعض، وهذه فنيات يجب أن يلتفت إليها الأطباء والمرضى.

بالنسبة للعقاقير الثلاثة (الميانسيرين، والإميتريبتيلين، والريمانون) لا تساعد كثيراً في علاج الوساوس أو الرهاب، ولكنها بالطبع من أفضل الأدوية لعلاج الاكتئاب وكذلك القلق والأرق، وأنت محق فيما ذكرته.. ولكن الوسواس والرهاب قد يتحسن إذا زال الاكتئاب، فعلاج الاكتئاب في حد ذاته يؤدي بصورةٍ غير مباشرة إلى تحسن أعراض الوساوس والرهاب إذا كانت موجودة مع الاكتئاب في نفس الوقت.

لا نقول أن هنالك مانع قاطع يمنع الجمع بين هذه الأدوية، ولكن ليس من الحكمة أن يأخذ الإنسان البنادول والأسبرين في نفس الوقت.. والبينزوديازبينات يمكن تناولها مع هذه الأدوية دون أي مشاكل، ولكن بصفةٍ عامة لستُ من أنصار استعمال البينزودازبين إلا تحت الضرورة وتحت إشراف طبي..

لا يشجع باستعمال هذه الأدوية مع مثبطات استرجاع مادة السيرتونين؛ لأن هذه الأدوية منشطة لهذه المادة والأدوية الأخرى منشطة أيضاً لهذه المادة، وربما يحصل نشاط زائد يؤدي إلى ما يعرف بمتلازمة السيرتونين وهي حالة قد تشكل خطورة على حياة الإنسان وقد لا تشخص إلا بواسطة الطبيب المقتدر والذي يعرف أعراض متلازمة السيرتونين.

لا مانع من استعمال هذه الأدوية مع مضادات الذُّهان أو مثبطات المزاج، ولكن لابد أن تُحسب الجرعة بصورة صحيحة؛ لأن هذه الأدوية قد تدعم بعضها البعض للدرجة التي قد تزيد الآثار الجانبية.

وعموماً المبدأ العام والذي أحاول أنتهجه هو أن يتناول الإنسان الدواء الصحيح بجرعة صحيحة ولمدة صحيحة ولا داعي مطلقاً للإكثار من تناول الأدوية المتشابهة في نفس الوقت؛ فهي لا تؤدي إلى زيادة في الفعالية بل إنما تؤدي إلى زيادة في الآثار الجانبية.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً