الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اهتمام المرأة بزينتها وعنايتها بأمور منزلها يؤهلها للنجاح في حياتها الزوجية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولاً: هل عدم إتقان الفتاة لمشاغل المنزل والإهمال في أمور النظافة العامة دليلٌ على عدم الصلاح للزواج؟

ثانياً: هل الفتاة التي تضع المكياج وتتجمل من أجل أن تكون أجمل - كما هو الحال مع أغلب هذا النوع من الفتيات - يدل على عدم صلاحها للزواج؟

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن المرأة جبلت على حب التزين، ولا تُلام على حرصها على الزينة والجمال ولكنها تأثم وتُلام إذا عرضت جمالها وزينتها للكلاب الجائعة والأنفس المريضة، وإذا فعلت ذلك كانت جاحدةً لنعمة الله واهب الجمال مصور الإنسان على الحسن والكمال، والإسلام أباح للمرأة الاهتمام بزينتها بل جعل ذلك من وسائل تحقيق العفاف لها ولزوجها، ولذلك استنكر النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة مدَّت يدها من وراء الستر فلما علم أنها يد امرأة أمرها بأن تختضب، واستنكرت عائشة رضي الله عنها على زوجة عثمان بن مظعون عدم اهتمامها بالزينة فقالت لها: (أمشهد أم مغيب) يعني زوجك حاضر أم غائب؟! وهذا من فقهها وأدبها لأن نساء السلف ما كن يتزين إلا للزوج، فقالت زوجة عثمان بن مظعون رضي الله عنها: (مشهد كمغيب) يعني زوجها موجود ولكن لا شأن له بالنساء، فرفعت أم المؤمنين عائشة الأمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لزوجها: ألك رغبة عن سنتنا، فقال: يا رسول الله بل سنتك أريد، فقال صلى الله عليه وسلم: (فإني أصوم وأفطر وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)، فجاءت زوجة ابن مظعون في أكمل زينة فقالت لها عائشة رضي الله عنها: (مهيم) وهي كلمة استحسان، فقالت رضي الله عنها: (أصابنا ما أصاب الناس). وبهذه المناسبة نحب أن ننبه كل صالحة أن تهتم بأمر زينتها وأناقتها لزوجها بالدرجة الأولى، ولا مانع من أن تتجمل وتتزين أمام أخواتها الصالحات مع ضرورة المحافظة على الحدود الشرعية لعورة المرأة مع أخواتها وهي على الأرجح كحالها مع محارمها، وقد وصف الله نساء الجنة بأنهن مقصورات في الخيام، وهذه صفة كمال في نساء الدنيا أيضاً.

ويؤسفنا أن نقول: إن بعض النساء لا تتزين إلا إذا خرجت حيث يراها الرجال وتكون مع زوجها بلباس الخدمة والطبخ وكأنها بذلك تعاند شريعة الله والعياذ بالله، وهي بلا شك أول من يدفع ثمن ذلك حيث يتركها زوجها في الغالب فيأتي بأخرى إن كان من أهل الصلاح أو يقع في الفاحشة إن كان من السفهاء.

ولا شك أن اهتمام المرأة بتنظيم منزلها واجتهادها في تعلم الطبخ والديكور يؤهلها للنجاح ويجعلها امرأة قادرة على التجديد في حياتها والتأثير في قلب زوجها فإن نساء الصحابة وهن أكرم النساء تشرفن بخدمة الأزواج، مع ضرورة مراعاة الأعراف والعادات في ذلك، ومع ذلك فنحن نقول من الخطأ أن تترك المرأة أمر طعام زوجها ولباسه لغيرها، ولا مانع من أن تطلب من تساعدها ولكن الإخراج النهائي وإكرام الزوج بالطعام وحسن ترتيب الثياب مهارة ومهنة لا تهملها إلا غافلة جاهلة، ومع كل هذا فنحن لا نوافق على الحكم على الفتاة من ناحية الخدمة فقط، كما أننا لا نؤيد كل متسرع في الحكم على المتبرجات لكننا نؤكد حاجتهن الملحة للتوبة والأوبة وإدارك خطورة التبرج؛ لأن الحجاب شريعة الله القائل: ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ))[الأحزاب:59]. ولا مجال للمؤمنة إلا أن تقول سمعنا وأطعنا، ومن واجبنا أن نعلم الجاهلات وننبه الغافلات ونزيل الشبهات ونعين أخواتنا وبناتنا على الطاعات.

وهذه وصيتي للجميع بتقوى الله والمسارعة إلى تنفيذ شرعه والحذر من تجاوز حدوده: ((فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ))[النور:63]، ونسأل الله الهداية للجميع.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً