الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اشتراط أهل الزوجة على الزوج مفارقة أهله وربط رجوع زوجته إليه بذلك

السؤال

السلام عليكم.

أنا رجل متزوج وعندي طفلة، وزوجتي حامل، أهل زوجتي يشترطون علي مقاطعة أهلي حتى تعود زوجتي إلى بيتي، أو أن أستأجر شقة وأبتعد عن أهلي؛ لأنهم يجزمون بأن أهلي سبب المشاكل بيني وبين زوجتي، وعلى العكس بل المشاكل منهم، وزوجتي تريدني ولكنهم يمنعونها، وقد رفعوا علي دعوى تفريق، فأرشدوني ما الحل؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ياسر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فقد صدق من قال:
ألا بالصبر تبلغ ما تريد **** وبالتقوى يلين لك الحديد

ونحن ندعوك إلى التوجه إلى العزيز الحميد الذي يفعل ما يريد، واعلم أن قلوب العباد بين أصابعه يقلبها، ونسأله سبحانه أن يصرف قلوب الجميع إلى طاعته.

وأرجو أن تتفهم زوجتك الوضع، وأن تكون عوناً لك على تطبيق الشرع، وعليك بتلطيف الجو والتزام الهدوء، والقيام بواجباتك المالية، كما أرجو أن تجد من الفضلاء والعقلاء من يساندك ويقف في صفك.

ونحن في الحقيقة نريد منك أن تفعل ما يرضي الله أولاً وأخيراً، ولا تُبال إذا سخط الناس، واعلم أن رضاهم غاية لا تدرك، ولذلك اهتم العقلاء والفضلاء والعلماء بعمل ما يرضي الله وفازوا برضا الله ثم أرضى اللهُ عنهم الناس، قال تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا))[مريم:96].

وأرجو أن تتفاهم مع أهلك، وتنقل لهم أحسن ما سمعت، وتتواصل مع زوجتك وانقل لها أحسن ما سمعت حتى تنشر روح المودة والمحبة والإخاء.

ونحب أن نوضح لك الأمور أكثر حتى تتضح لك الصورة: فأنت الآن أمام جبهتين داخلية وهي زوجتك وخارجية وهي أهلها، ولكي تكسب هاتين الجبهتين لابد لك من أمرين:

الأول: وهي معرفة حدود الشرع والحقوق التي لك والتي عليك.
الثاني: وهي الفطنة والكياسة وحسن التعامل مع زوجتك حتى تكسبها في صفك، وتكون عوناً لك على إحقاق الحق، ودرء الباطل.

فالحقوق التي لك، هي أنك تملك عصمة الزوجية ولا يستطيع أحد أن يجبرك على حل عقد الزوجية أو فراق امرأتك، إلا بأمر معتبر شرعا وعلى يد القاضي، وهذا غير وارد في حقك هنا حسب وصفك..فلا تقلق من هذه الناحية حتى لو وصل الأمر إلى المحكمة طالما أنه لم يوجد مسوغ صحيح يخولهم إجبارك على فراق امرأتك، فلا تذعن لأي من مطلب التفريق أو المقاطعة، فمبدأ التفريق لن يكون إلا عن طريق المحكمة ولا سلطان لهم عليك كما أسلفنا، وأما مبدأ المقاطعة لأهلك، فلا يجوز لك مقاطعتهم طالما لم يكونوا مخطئين في حقك وزوجتك كما وصفت، ولكن ينبغي كسب صف الزوجة حتى تكون عوناً لك على مواجهة مقاطعة أهلها وانتقادهم، فإذا رأوا منك الجد في الأمر ورأوا أنه لا سلطان لهم عليك، فسيرضون بالواقع وربما عادت المياه إلى مجاريها كما يقال بعد ذلك.

ولعل مما يعينك على كسب زوجتك إليك هو تذكيرها بحق الزوج ووجوب طاعته وأن أهلها سواء والداها أم غيرهما لا ينبغي طاعتهم في معصية الله، وهذه المقاطعة بغير موجب هي من معصية الله؛ وأما طاعتهما فيما عدا ذلك فتبقى على حالها، كما يبقى البر لهما موصولا وإن حصلت المقاطعة من قبلهما، كما أن الإحسان والمعروف والهدية طريق إلى كسب القلوب بغير عناء.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله، وأرجو أن تكون باراً بأهلك ولا تقصر في حق زوجتك، واحفظ لها خصوصيتها وأسرارها، وطيب خاطر أهلك، واطلب منهم الدعاء والمساعدة، كما أرجو أن لا تتخذ أي قرار إلا بعد التدبر في عواقب الأمور.

ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يغفر ذنبنا وذنبك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات