الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل قسوة الآباء والمعلمين مع الأبناء دليل على الكراهية؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

سؤال يثير استغرابي: لماذا يحب الأب والأم أبناءهم؟ سواءً كانوا مسلمين أو غير مسلمين؟ ولماذا بعض الآباء والأمهات في المجتمعات المسلمة يضربون ويكرهون أبناءهم؟

أحسن الله إليكم، وهداني وهداكم وهدى المسلمين إلى الصراط المستقيم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مسلم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فإن حب الآباء والأمهات لأبنائهم وبناتهم أمر فطرهم الله عليه، بل إن الله فطر الحيوان على ذلك لدرجة أن بعض الحيوانات قد تموت دفاعاً عن صغارها، وبعض الحيوانات الأليفة الوديعة تتحول إلى حيوان شرس متوحش إذا مسست صغارها، وكل ذلك من تقدير الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، ومن رحمة الرحيم التي أنزل منها جزءاً واحداً به تتراحم الكائنات حتى إن الحيوان ليرفع حافره حتى لا يؤذي صغاره، وهل رأيت الطير كيف تفعل بصغارها عند نزول المطر أو حصول الحر أو البرد، وعليه حب الآباء والأمهات للأبناء والبنات فطري، ولذلك لم ترد الوصية بالأبناء للآباء وإنما وردت وصية الأبناء بآبائهم وأمهاتهم كثيراً.

ويؤسفنا أن نقول إن الغالبية العظمى من الأبناء والبنات مقصرون في حق آبائهم وأمهاتهم، رغم التحذير الشديد الوارد لمن يعق والديه، ورغم الثمار المرة التي يجنيها كل عاق لوالديه في الدنيا قبل الآخرة، والتي منها شربه من نفس الكأس المرة.

ولا شك أن الإسلام يرفض قسوة الآباء والأمهات على أبنائهم إذا وجدت، والإسلام دين يدعو الآباء للرحمة بأبنائهم وبكل صغير، ويأمر الأبناء بالاحترام والتقدير لكل كبير، وبلغ من اهتمام الرسول صلى الله عليه بهذه المسألة لدرجة قال معها: (ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا) وهذا تعبير يشعر بالخطورة الكبيرة على المقصرين.

وأرجو أن يقدر الأبناء مشاعر آبائهم ويدركوا المنطلقات والدوافع في نفوس الآباء، فإنه لا يوجد على وجه الأرض شخص يتمنى أن يكون غيره أفضل منه إلا الآباء والأمهات والمخلصين من المعلمين والمعلمات، فإن هؤلاء يتمنون أن يكون أبناؤهم أفضل منهم، وربما كانت الرغبة الزائدة والطمع في النجاح والتفوق سببًا للشدة مع الأبناء، وهذا لون من القسوة لا نستطيع أن نلوم الآباء والأمهات عليه، وإن كنا لا نوافقهم عليه، والحق أنهم أرادوا مصلحة أبنائهم لكنهم أخطؤوا الطريق فهم يعذرون على حسن المقصد ويلامون على القسوة في الأسلوب.

وأرجو أن يدرك الجميع أن الشر يوجد في كل الملل والنحل، لكن وجود الأشرار المقصرين القساة في أمة الإسلام مستغرب فيه ومخالفة لهدي من بعث رحمة للعالمين.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم ببر والديك والدعاء لهم، ونسأل الله لك التوفيق، ونحن سعداء جداً بتواصلك مع الموقع.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً