الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وسواس قهري حول تسارع نبضات القلب

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

أدخل طبيب فاشل فكرة رسخت في العقل الباطن وسيطرت على شعوري! هي أن نبض قلبك سريع، أي أنني دائماً أتصور أن قلبي سريع، ويجب علي أن أعيده إلى نبضه الصحيح.

حالياً أتعاطى أدوية الوسواس القهري، وسؤالي إلى المختص: هل التنويم المغناطيسي قادر على إزاحة تلك الفكرة تماماً من عقلي وشعوري؟ وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد التميمي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فكرة العقل الباطني وأن بعض الأمور قد ترسخ أو قد تدفن فيها هي قضية خلافية جدّاً؛ لأن العقل الباطني لا يمكن قياسه بواسطة العلوم التجريبية.

وقد شكك كثير من الناس في هذا المفهوم، ويعتبرونه جزءاً مما أتت به المدرسة التحليلية، والتي أصبحت الآن لا يؤخذ بكثير مما أتت به.

وعموماً هذا موضوع معقد جدّاً وشائك وطويل جدّاً، ولكن الذي أود أن أذكرك به هو أن الإنسان يجب أن يقيس الأمور حسب مشاعره الظاهرية، فحسب ما يظهر له من مشاعر ومن أعراض يقيس الأمور على هذا السياق، ويجب ألا نكثر من التفكير فيما يخص العقل الباطني؛ لأن طبيعته وطريقة عمله إن وجد أصلاً ليست واضحة وليست مفهومة ولا يمكن قياسها، وقد اعتبر البعض أنه أمر فلسفي وليس أكثر من ذلك.

الذي أراه هو أنك تعاني – كما تفضلت – من نوع من الوسوسة القهرية حول تسارع نبضات القلب لديك، وقد أتتك هذه الفكرة بعد أن ذكرها لك أحد الأطباء.

إذن: هذا السلوك أو هذا الاعتقاد أو هذا النوع من القلق مرتبط بسببٍ معين، وهو ما ذكره لك الطبيب، وبالطبع الإشكال أتى من أن الشخص الذي ذكر لك أن قلبك يتسارع ليس بشخص عادي، بمعنى أنه إنسان مختص، ولابد أن يقدر كلامه، ولابد أن يؤخذ بما قاله لك.

ولكن ربما يكون هنالك نوع من سوء الفهم، فالقلب يسرع في بعض الأحيان: حين نمارس الرياضة، في أوقات القلق، هذا يعرف بتسارع القلب الفسيولوجي، وهو أمر يعتبر أمراً صحيّاً، ويعني ذلك أن القلب يستجيب بصورة صحيحة، وهذا ليس بحالة مرضية مطلقاً.

عموماً أرجو أن تحاول إقناع نفسك أن تسارع القلب هو أمر فسيولوجي وأمر طبيعي، ويحدث حين يكون ذلك مطلوباً من أن الأعضاء تتطلب المزيد من الدم والأكسجين في بعض الأحيان، وهذا يجعل القلب ينبض بسرعة من أجل ضخ مزيد من الدم، وهذه في مصلحة الجسم، وليس أمراً مضراً مطلقاً.
والأمر الآخر: هو أن توقف هذه الفكرة ولا تعيرها اهتماماً مطلقاً.

أما بالنسبة للتنويم المغناطيسي: فهو أيضاً من الأمور الخلافية جدّاً، وقد شكك البعض أصلاً في وجوده، وقد اعتبر البعض أنه نوع من العلاج الاسترخائي.

وعموماً الإنسان ذو الشخصية القوية والمتوازنة واليقظة لا يمكن أن ينوم مغناطيسياً، وهذا يعني أن هذا النوع من العلاج - إذا اعتبرناه علاجاً – لا يفيد كل الناس.

عموماً التنويم المغناطيس يأتي في نطاق الاسترخاء العام وليس أكثر من ذلك، وهو يفيد البعض في علاج القلق والتوتر، وهو يعتمد على القوة الإيحائية للمعالج.

إذن: لا علاقة مطلقاً للتنويم المغناطيسي بما يدور في العقل الباطني إذا اقتنعنا بهذا المفهوم، فلا أعتقد أن التنويم المغناطيسي سوف يكون مجدياً في حالتك، بل الذي سيكون مجدياً وفعالاً هو أن تحقر الفكرة وألا تقبلها، وأن تعرف تماماً أن القلب يجب أن يسرع في بعض الأحيان، وهذه ظاهرة طبيعية جدّاً.

أما إذا كان تسارع القلب مستمراً وفوق المعدل المطلوب فهنا يقوم الإنسان بإجراء الفحوصات اللازمة: يتأكد من الغدة الدرقية، لأن إفرازها الزائد أيضاً قد يؤدي إلى تسارع مستمر في ضربات القلب، وهكذا، وهذه الأمور يمكن علاجها بسرعة وببساطة جدّاً.

أنا لا أعتقد أنك تعاني من تسارع حقيقي في القلب ولكنها فكرة، والفكرة حينما تكون ليست منطقية أو تكون وسواسية أو تكون مردها القلق، فعلى الإنسان أن يحلل هذه الفكرة ويحاول أن يربطها بالواقع، وهنا سوف يجد الإنسان أنها فكرة سخيفة ويجب ألا تشغله مطلقاً.

إذن: حقر الفكرة وهذا هو الذي أرى أنه سوف يفيدك، وبالطبع لا أرى هنالك داعياً لاستعمال الأدوية المضادة للوساوس في هذه المرحلة؛ لأن الأمر أمر بسيط ويمكن تجاوزه.

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً