الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخجل الزائد والتعرق بسبب الرهاب الاجتماعي

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب جامعي، تدرجت في وظيفتي حتى أصبحت مديرا لأهم المديريات في مؤسستي، وقد حصلت حديثاً على درجة الماجستير بتميز ولله الحمد، ولكن مشكلتي تكمن في الخجل الشديد والقلق من الناس وخاصة عند المواجهة الأولى، وفي بداية الاجتماعات حيث يبدأ العرق يتصبب من وجهي بطريقة ملحوظة، وقد واجهت ذلك أثناء الدراسة أيضاً حيث يتطلب مني العرض لكثير من المواضيع أمام الطلاب.

فكنت أفكر كثيراً في التحضير ومع ذلك أقدم أفضل من الغير بكثير وأنال الاستحسان والثناء، حتى أن الأعراض تظهر معي عند التحدث عبر الهاتف أي بدون مواجهة، وأحاول دائماً مرافقة أحد الأشخاص أو حتى زوجتي عند شراء الملابس وغيرها.

أنا متزوج ولدي أطفال ونعيش في جو مليء بالإيمان والسعادة، وكذلك أجد نفسي محبوبا وصديقا للجميع، حتى عندما أكون في المسجد ويغيب الإمام يطلب مني شخصياً الصلاة في الجمع، ومع ترددي وإصرار الموجودين أصلي في الناس بكل ثقة واطمئنان ولكن أثناء الصلاة يتصبب العرق مني بكثافة.

كثيرا ما أقوم ببعض الأفعال التي يعتبرها الناس جرأة مثل مساعدة الآخرين والتدخل عند الوقوع في مشاكل، فأنا إنسان اجتماعي جداً، ولكن بصراحة هذه المشكلة ضيعت علي كثيراً من الفرص، حيث أتجنب الدخول ومحادثة المسئولين والذين يحبون سماعي والأخذ برأيي.

وعند الاطلاع على مثل هذه الحالة وجدت أن الاستشارة رقم 240396 تطابق حالتي تماما، فبدأت آخذ حبة زيروكسات Cr 12.5 (حسب ما هو متوفر في الأردن) كل مساء منذ عشرة أيام وبدون استشارة أي طبيب، والحمد لله بدأت أشعر بتحسن وبدون أعراض، فكيف أستمر على العلاج حتى أتخلص من هذه الحالة نهائيا؟

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فمن الواضح أنك رجل إنجازات، وأن الله تعالى قد حباك بكثير من النعم، فأنت في مركز مرموق وتعيش في جو مليء بالسعادة مع أسرتك الكريمة وتؤمَّ الناس في الصلاة حين يغيب الإمام، وهذه كلها نعم إيجابية عظيمة جدّاً.

هذا بالطبع لا ينفي أنك تعاني من قلق نفسي بسيط، وهذا القلق قد ظهر في بعض الأحيان في شكل خوف اجتماعي بسيط جدّاً، كما أنه ربما يكون لديك ما يعرف بـ (رهاب الساحة) أو (خوف الساحة)، ودليل ذلك أنك تكون أكثر اطمئناناً حينما يرافقك شخص آخر، وعموماً حتى هذه الحالة هي نوع القلق وليس أكثر من ذلك.

أما بالنسبة لموضوع التعرق فإن هنالك بعض الناس لديهم قابلية أكثر من غيرهم للتعرق، وذلك نسبة لزيادة نشاط الغدد العرقية في وقت القلق، أي حينما تنتابهم نوبات من القلق هنالك بعض الناس يتفاعلون تفاعلاً شديداً وذلك نسبة للنشاط الذي يحدث في الجهاز الثمبثاوي والذي يتحكم في الغدد العرقية.

وهنالك بعض الناس يصابون بنوبات حادة من القلق ولكن لا يظهر عليهم إفراز زائد في العرق وربما يظهر قلقهم بأعراض جسدية أخرى كالرعشة أو التلعثم أو الشعور بفقدان التوازن أو الدوخة.

وعموماً في رأيي أن هذا التعرق الذي تعاني منه لا يتناسب مع درجة القلق الذي ينتابك، أي أن درجة القلق لديك – الحمد لله – بسيطة، ولكن التعرق شديد، وهذا يعني أنه في الأصل أن لديك قابلية للتعرق أكثر نسبة لنشاط الغدد العرقية، وهذا لا نعتبره مرضاً أبداً.

وعموماً أيضاً الذي أود أن أنصحك به هو أن تتذكر هذه النجاحات العظيمة في حياتك وأن تتذكر أيضاً أن القلق ربما يكون دافعاً لك من أجل النجاح، وأنت الحمد لله كنت متميزاً أيام الحياة الطلابية وقد تميزت أيضاً في عملك، ونحن نعتبر القلق طاقة نفسية جيدة وممتازة وتحسن الدافعية، وفي رأيي أن القلق قد أفادك، ولكنه في نفس الوقت ربما قد أضر بك قليلاً لأنه سبب لك نوعاً من الشعور بعدم الارتياح في بعض المواقف الاجتماعية.

أريدك أيضاً – وأرجو منك - أن تصر دائماً على المواجهة وأن تتذكر الإيجابيات الكثيرة في حياتك، وبالطبع لا أنصحك أن تذهب في رفقة الآخرين دائماً، وقد ذكرت أنك تضطر أن تصطحب زوجتك عند شراء الملابس وغيرها، فإن هذا أمر بالطبع أمر جيد ولكنه يجب ألا يكون دائماً، وحاول أن تذهب وأن تخرج في أعمالك لوحدك.

هنالك أيضاً حقيقة أود أن أؤكدها لك وهي أن هذه المشاعر التي تحدث لك من قلق وتعرق وصعوبة في التحدث على الهاتف في بداية الأمر، هذه المشاعر هي تفاعلات فسيولوجية، ولكن اتضح أن هنالك الكثير من المبالغة في الطريقة التي يستشعر بها الإنسان هذه الأعراض، بمعنى أنها تكون مجسمة ومضخمة أكثر مما يجب، فأرجو أن تدرك هذه الحقيقة لأن ذلك سوف يساعدك كثيراً.

أيضاً سيكون من الجيد أن تمارس أي نوع من الرياضة الجماعية، وأحسبك أيضاً حريصاً على حضور حلقات التلاوة، لأنها تزيل كل الحواجز النفسية خاصة الخوف والرهاب الاجتماعي، كما أنه سيكون من الجيد إذا مارست تمارين الاسترخاء، وتوجد عدة كتيبات وأشرطة توضح كيفية القيام بهذه التمارين، فأرجو الحصول على أحد هذه الكتيبات أو الأشرطة للقيام بهذه التمارين على الوجه الصحيح.

أما بالنسبة للعلاج الدوائي فإن (الزيروكسات Seroxat cr) يعتبر من الأدوية الجيدة جدّاً، وفي نظري أن حالتك بسيطة ولا تتطلب جرعات عالية من هذا الدواء.. استمر على هذه الجرعة التي تتناولها الآن (12,5) تناولها ليلاً، واستمر حتى نهاية شهر رمضان المبارك، وبعد ذلك قم برفع الجرعة إلى خمسة وعشرين مليجرام يومياً، واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك خفضها إلى (12,5) واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك خفضها إلى (12,5) يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن العلاج.

هذا هو التدرج الأفضل لتناول الزيروكسات وهو من الأدوية السليمة جدّاً والفعالة جدّاً ولن يسبب لك - إن شاء الله تعالى – أي آثار جانبية، فقط هنالك بعض الرجال قد يشتكون من تأخر في القذف، فإذا حدث لك ذلك فأرجو ألا تنزعج علماً بأنه لا يؤثر مطلقاً على الهرمونات، وبعض الناس قد تحدث لهم أيضاً زيادة بسيطة في الوزن، وهذه الزيادة تكون غالباً مؤقتة، وإذا شعرت بأي زيادة فعليك التحكم في الغذاء وذلك بالتقليل من الأطعمة التي تؤدي إلى زيادة الوزن، وسيكون أيضاً من المفيد أن تمارس الرياضة كما ذكرت لك مسبقاً.

جزاك الله خيراً وبارك الله فيك، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً