الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف من الفتن ولا أستطيع الزواج، فبماذا تنصحوني؟

السؤال

السلام عليكم..

أنا شاب ملتزم بحمد الله عز وجل، جامعي في السنة الثالثة لغة فرنسية.

مشكلتي أريد الزواج للتعفف ولكنني لا أجد الباءة؛ حيث أنني لا أعمل، ووالداي متوفيان.

الأمر الآخر: عند ذهابي للكلية أصطدم بتلك المناظر الخليعة ولا أستطيع أن أغض بصري أحياناً لشدة ما أرى من فتنة، فهل أترك الدراسة؟

أرجوكم أرشدوني وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نجم الدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يوسع رزقك، وأن يعينك على غض بصرك وتحصين فرجك، وأن يمنَّ عليك بالقرار والاستقرار والأمن والإيمان والسلامة والإسلام.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – فإن مرحلة الشباب - كما تعلم – مرحلة حرجة ومرحلة حساسة للغاية؛ ولذلك نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم بشَّر الشاب الذي تمر به مرحلة الشباب وهو عفيف فاضل مستقيم على منهج الله بشيء عظيم جدّاً يميزه عن غيره يوم القيامة؛ حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله) من هؤلاء السبعة: (شاب نشأ في طاعة الله أو في عبادة الله).

فهذه -بارك الله فيك- من المرغبات التي بيَّنها النبي عليه الصلاة والسلام التي ترغّب الشاب المسلم في أن يظلَّ على مرضاة الله تبارك وتعالى والتزام بهدي نبيه محمدٍ صلى الله عليه وسلم حتى يتيسر له بإذن الله تعالى أن يكون من أهل المقام العظيم، وأن يظل بظل الله يوم لا ظل إلا ظله.

أيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم: (عجب ربك من شاب ليست له صبوة)، والعجب هنا كناية عن الرضا -كما ذكر بعض أهل العلم- عن الرضا والقبول لهذا الشاب التي مرت عليه مرحلة الشباب وهو في أمس الحاجة إلى غض بصره وتحصين فرجه، إلا أنه نظراً لعدم استطاعته صبر وصابر حتى مرت المرحلة على خير.

وأنا أقول لك -أخي الكريم الفاضل بارك الله فيك– هل تترك الدراسة –كما ذكرت -؟ أقول: إن ترك الدراسة ليس حلاًّ وإنما هو مشكلة أعظم من المشكلة التي أنت فيها؛ لأن معنى ذلك أنك لا تستطيع أن تتزوج وبالتالي لن تستطيع أن تغض بصرك.

مشكلتك الآن في حاجتك إلى الزواج وعدم قدرتك عليه، والدراسة هي السبيل الأمثل لتحقيق رغباتك وتحقيق ما تهدف إليه وما تطمح له؛ لأنك إن انتهيت من دراستك فسوف تتعيَّن في عمل مناسب -بإذن الله تعالى- وسوف يدر عليك هذا العمل دخلاً، هذا الدخل تستطيع منه -إن شاء الله تعالى- أن تتزوج، وبالتالي تستطيع أن تغض بصرك وأن تحصن فرجك؛ ولذلك فإنّ ترك الدراسة بالنسبة لك جريمة كبرى في حقك، لأنك لن تستطيع أن تحل المشكلة؛ لأنك قد لا تجد عملاً مستوراً الآن، ولكن كونك بإذن الله تعالى تحمل مؤهلاً كبيراً وفي لغة أيضاً لها وجودها خاصة في بلاد الشام لديكم، وفرص العمل بالنسبة لها متاحة أكثر من غيرها، فأنا أرى أن تواصل الدراسة في الجامعة وأن تجتهد في غض بصرك ما استطعت إلى ذلك سبيلاً؛ لأن الله -تبارك وتعالى قال: ((لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا))[البقرة:286]، وقال: ((فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ))[التغابن:16].

وعليك -بارك الله فيك- بالإكثار من الصيام، واجتهد في غض بصرك، واحرص على مصاحبة الصالحين، وأكثر من الاستغفار والدعاء أن يعجل الله تبارك وتعالى بقضاء حاجتك وأن تنتهي من الدراسة على خير، ولكن لا تترك الدراسة، وما عليك إلا أن تجتهد في غض بصرك والابتعاد عن مواطن الفتنة قدر استطاعتك، وسؤال الله تعالى أن ييسر لك أمرك، وأن يوسع رزقك، وأن يعينك على إنهاء المرحلة الدراسية على خير، وأن ييسر لك عملاً صالحاً يدر عليك دخلاً طيباً من خلاله تستطيع -إن شاء الله تعالى- أن تتزوج، وبالتالي تغض بصرك وتحصن فرجك، وتؤسس أسرة مسلمة تعينك على طاعة الله.

أسأل الله أن يثبتنا وإياك على طاعته ورضاه، وأن يوفقنا وإياك لكل خير، وأن يوسع رزقك، وأن ييسر أمرك، وأن يفرج كربتك، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً