الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخوف من الناس وردة أفعالهم

السؤال

مشكلتي هي الخوف من الناس، الخوف من أي ردة فعل لشخص أو فكرة غير جيدة تؤخذ عني، وهذا يكون في أي شيء، في نظرة الغير، في مظهري، في طريقة تفكيري، في أخلاقي؛ لذلك لا أستطيع مواجهة الآخرين دائماً، وبالتالي لا أستطيع أن أفعل ما أريد حتى إن كان صحيحاً كي أرضي الغير، حتى وإن كان خطأ.

مع ذلك أعلم أني مخطئ في ذلك التفكير، فتجدني أرغب في أكثر الأحيان وأنا أسير أن أنظر للأسفل، ولكني لا أنظر، أعاند وأجعل رأسي مرفوعاً.

أيضاً بدأت أشعر بعدم الراحة نفسياً حين أنزل للشارع، ومع ذلك أتحمل الضغط وأنزل فقط لشعوري بالملل.

لا أستطيع ممارسة حياتي التي أريدها، لا أفعل أي شيء سوى الجلوس لساعات عديدة أمام الكمبيوتر، مع أن لدي الإمكانيات لشغل وقتي بما يجب أن أفعل؛ إلا أن خوفي يمنعني من الاستمتاع بحياتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هانى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

كل عام وأنتم بخير، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وجعلنا وإياكم من عتقائه من النار ومن المقبولين.

فإنك تعاني من حالة القلق النفسي، وتعرف بـ (الخوف – أو الرهاب – الاجتماعي)، فكل تصوراتك وأفكارك ومفاهيمك السلبية حول نفسك هي ناتجة من هذا القلق ومن هذا الخوف.

أود أن أؤكد لك أن هذه الأعراض التي تعاني منها هي أعراض ناتجة عن القلق – وهذا يجب أن نتفق عليه – وثانياً هذه الأعراض مبالغ فيها، بمعنى أنك تجسمها وتضخمها، وقد ذكرت أنك مقتنع أن هذه الأفكار ليست صحيحة؛ ولذا يجب أن تحقرها - ما دمت أنت على قناعة بذلك – ويجب أن تبني أفكاراً جديدة تقوم على أنك لا تقل عن الآخرين في شيء، ولا ينقصك أي شيء عن الآخرين.

إذن حقر الأفكار ولا تتبعها، وفي ذات الوقت يجب أن تقوم بأفعال إيجابية وذلك بأن تضع لنفسك برنامجاً يومياً تلتقي من خلاله مرتين مع أصدقائك، وخلال هذه اللقاءات يجب أن يكون لديك مواضيع تود أن تطرحها وتطرقها وتناقشها مع أصدقائك، فمثلاً اقرأ موضوعاً بسيطاً وأطرقه مع أصدقائك - أو معلومات عامة أو نقاشات عامة أو أحداث عامة – ومن خلال هذه الحوارات وهذه النقاشات تستطيع أن تكسر الحاجز النفسي الذي بُني بينك وبين الآخرين.

وعليك أن ترفع من مهاراتك الاجتماعية، فكما ذكرت يجب أن تنظر للآخرين في وجوههم، ومن أفضل الطرق المطمئنة هي أن تبدأ بالسلام، فإنك حين تبدأ بالسلام وتعطي التحية كاملة – تحية الإسلام بنصها – فبالطبع سوف يستجيب لك الآخرون ويردون عليك السلام، فإن هذه قد وجد أنها بداية طيبة جدّاً لأن يدخل الإنسان في أي حوار مع الآخرين.

وعليك أيضاً أن تقوم ببعض التواصل أو الاتصالات الاجتماعية الجماعية كممارسة الرياضة - مثل كرة القدم – مع مجموعة من الأصدقاء، فإن هذه تعطي الكثير من الثقة بالنفس، وتقلل جدّاً من الرهاب الاجتماعي، بل تقضي عليه، أيضاً المشاركة في حلقات التلاوة فقد وجد أنها من أفضل الطرق لعلاج الخوف والرهاب الاجتماعي، حيث إن هذه الحلقات حقيقة تحفها الملائكة وتغشاها الرحمة، وهي فرصة لأن يلتقي الإنسان بالخيرين وأن يجني خيري الدنيا والآخرة، فأرجو أن تكون حريصاً، وأن تنظم لأحد هذه الحلقات وذلك احتساباً للأجر، وفي نفس الوقت لتعالج مشكلتك الاجتماعية.

يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، فهنالك أدوية جيدة وممتازة جدّاً لعلاج مثل حالتك، فهنالك دواء بسيط يعرف تجارياً باسم (زولفت Zoloft) ويسمى تجارياً في مصر أيضاً باسم (لسترال Lustral) ويعرف علمياً باسم (سيرترالين Sertraline)، فأرجو أن تتحصل على هذا الدواء وتتناوله بجرعة بسيطة وهي حبة واحدة في اليوم، وقوة الحبة هي خمسون مليجراماً، تناوله يومياً لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفّض الجرعة إلى يوم بعد يوم - أي تناول حبة يوماً وأوقفه يوماً – واستمر على ذلك لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله.

وهنالك أدوية بديلة مثل العقار الذي يعرف تجارياً باسم (زيروكسات Seroxat) ويعرف تجارياً أيضاً باسم (باكسيل Paxil) ويعرف علمياً باسم (باروكستين Paroxetine)، وآخر يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)، وثالث يعرف تجارياً باسم (فافرين Faverin) ويعرف علمياً باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine)، لكن الزولفت – أو لسترال – سوف يكون كافياً تماماً.

وهنالك أمور أخرى يجب أن تتذكرها، فيجب أن تتذكر أنك في بدايات الشباب وأنه - إن شاء الله تعالى – أمامك أيام طيبة ويجب أن تتخذ القدوة الحسنة ويجب أن تكون صحبتك من الأشخاص الأخيار، الأشخاص الفعالين الإيجابيين من ذوي الأفكار السديدة والإيجابية، فحاول أن تتمثل بهم وحاول أن تستفيد من مهاراتهم.

لا شك أني أنصحك تماماً بأن تقلل من الجلوس أمام الكمبيوتر؛ لأن الدراسات تشير أن الجلوس على الكمبيوتر لفترات طويلة يؤدي إلى ضعف مريع في تطور الشخصية، ويؤدي إلى الانطوائية، ويؤدي إلى الاعتمادية، ويؤدي إلى قلة الفعالية الاجتماعية، فيجب أن تتخذ هذا في اعتبارك، ويجب أن تعيد الطريقة التي تدير بها وقتك، فضع لنفسك برنامجاً يومياً، فلا شك أن المدرسة أو الجامعة لها وقتها ثم بعد ذلك الدراسة والتحصيل في المنزل، ثم يجب أن تأخذ أيضاً قسطاً كافياً من الراحة فإن هذا من حقك، والعبادة أيضاً يجب أن تعطيها وقتها، والترفيه المنضبط يعتبر أمراً مطلوباً جدّاً، والتواصل الاجتماعي واللقاءات مع الأهل والأقارب والأصدقاء يجب أن يكون لها وقتها، وأن توضع في الحسبان.

إذا نظرت حقيقة للأمور بمعيار مختلف فسوف تجد أن الواجبات أكثر من الأوقات، ويجب ألا تضيع وقتك فيما ليس بنافع.

أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد، وكل عام وأنتم بخير، وتقبل الله طاعتكم.

ويمكنك الاطلاع على هذه الاستشارات حول العلاج السلوكي لقلة الثقة: (265851 - 259418 - 269678 - 254892) والعلاج السلوكي للمخاوف: (262026 - 262698 - 263579 - 265121).

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً