الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية صبغ العبد لأعماله بصبغة الإخلاص لله عز وجل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

إذا كنت بطلبي للعلم أنوي بعد التفقه في الدين، الحصول على وظيفة جيدة براتب جيد يضمن لي العيش الكريم، فهل سيصبح هذا الطلب بذلك غير خالص لوجه الله؟ وأريد معرفة كيف تكون كل أعمالي خالصة لوجه الله تعالى؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإن الإخلاص هو تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين، فمتى أفردت ربك بالطاعة، ونسيت رؤية الخلق بدوام نظرك إلى الخالق، فقد تحقق لك الإخلاص.

وطلب العلم عبادة من العبادات، وقربة من القرب، فإنْ خلصت فيه النية قُبِل وزُكا، ونمت بركته، وإن قُصد به غير وجه الله تعالى حبط وضاع، وخسرت صفقته، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (من طلب العلم ليماري به السفهاء أو ليباهي به العلماء أو ليصرف وجوه الناس إليه فهو في النار).

وإذا كنت بطلبك للعلم تنوين به بعد التفقه في الدين، الحصول على وظيفة فهذا لا يتعارض في الحقيقة مع مبدأ الإخلاص؛ لأن الإخلاص من شرطه الأساسي في قبول العمل هو أن يكون العمل لإرضاء الله وإخلاصاً لوجه سبحانه، قال تعالى: ((فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ))[الزمر:2-3]، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)، فإذا كنت تتقربين إلى الله سبحانه وتعالى بهذه الوظيفة أولاً، ثم يأتي بعد ذلك طلب الرزق ثانياً، فهذا لا مانع منه، وليس بودنا أن يدخل الشيطان علينا ويؤذينا في هذا الجانب إيذاءً كبيراً جدّاً، نسأل الله السلامة والعافية.

وأما كيف تكون كل أعمالك خالصة لوجه الله تعالى، فأهل العلم ينصون على أن الإنسان عندما يربي نفسه على النية الصالحة واستحضارها في كل لحظة من لحظات حياته سوف يكون سعيداً. يقول الله عز وجل: ((إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا))[النساء:35]، وأخبر الإمام الثوري أن النية كانت باباً من أبواب العلم، فقال: كانوا يتعلمون النية كما يتعلمون العمل، فلذلك عندما تربين نفسك على مثل هذا وتستشعرين أن العمل ما دام بالصدق والإخلاص فإن الله سبحانه وتعالى يقبله، وإن الله جل وعلا يُجازي الإنسان على أعماله الطيبة ويعينه سبحانه وتعالى. ثم أيضاً تربين نفسك على استحضار النية ولو مُدحتِ ولو أثني عليك، ولو قيل ما قيل لك، فأنت تستعينين بالله سبحانه وتعالى وإن الله جل وعلا لن يضيع أمرك ولن يضيع عملك.

ولذلك فإن الإنسان عندما يعرف كيف تكون أعماله خالصة لوجه الله تعالى أنه يستوي عنده المدح والذم، فلا يضرك ذم الذام، ولا تصابين بالغرور بمدح المادح، فإنهم كلهم عندك سواء، بل تحرصين على الاستمرار في هذا الباب، لعل الله سبحانه وتعالى أن ينفع بهذا الأمر، ولذلك الله سبحانه وتعالى لما قال: ((وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ))[البينة:5] قال: (وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ))[البينة:5]، فإن الاستعانة بالله سبحانه وتعالى هي من أعز المطالب في هذه المواطن التي لو حافظ الإنسان عليها لأعانه الله سبحانه وتعالى إعانة.

وختاما أحذرك بارك الله فيك أن يدخل عليك الشيطان فيؤذيك في باب الإخلاص، حتى يبدأ الإنسان يترك العمل، ويترك الأمر، وهذا معارض لما أمر الله عز وجل به، فالإنسان منا بين حسنة يداوم عليها وبين معصية يتركها ويستغفر الله منها، وعقد علماء الفقه أبواباً بعنوان (الأمور بمقاصدها) فما دام قصدك طيباً فنسأل الله جل وعلا لك التوفيق والسداد، ونشكرك عموماً، ونسأل الله لك التوفيق وأن يكون ما قلناه صواباً ولوجهه سبحانه وتعالى خالصاً، وصل الله وسلم على نبينا محمد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً