الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحببت شابًا من قرابتي وأرغب في الزواج به، فأرشدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحببت شابًا قريبًا لي وأحببته منذ الطفولة، وبدأ يكبر معي الحب كلما كبرت، ولم أعترف له بهذا الحب لما كبرت وارتديت الحجاب، وبدأت لا أراه، لكن إلى الآن حبه في قلبي وأريد أن أتزوجه.

ولم يعلم أحد حبي له، دعوت الله أن أكون من نصيبه، وإني أرى أمه وأخواته، ولكن أخجل أن أخبرهم بذلك، وهو يكبرني بسنة أو سنة ونصف، فأرشدوني ما عليّ فعله؟!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مهرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فما ذكرته من حبك لقريبك هو أمر اعتيادي سببه القرب والمشاهدة والاطلاع على أحواله، فولد ما يسمى بالألفة، ولا يلام المرء على حب القلب، ولكن يلام على آثار هذا الحب من الأقوال والأفعال.

ونحن لا نريد أن يكون لهذا الحب علاقة أخرى، حتى لا نصاب بأشياء عظيمة داخل نفوسنا وداخل خواطرنا، ولا نود أن يصل الموضوع إلى التعلق؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- يقول: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادًا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبًّا لله}، نحن لا نريد أن يصل هذا التعلق أو هذا الحب إلى مستوى بعيد من التخيلات، وأن يؤذيك في عبادتك، وقد يؤذيك في طاعتك، وقد يؤذيك في أحوالك وفي أمورك.

فأتمنى أن تدركي هذا الأمر، وأن تحذري منه أشد الحذر، حتى لا نصل إلى مثل هذه المستويات، فخطورة الحب كما قال الشاعر:
رأيت الحب يذل العاشقين ولا يبلى *** ونار الهوى في محبة القلب لا تطفى
تهيجني الذكرى فأبكي صبابة *** وأي مُحب لا تهيجه الذكرى

وكلما استطعنا أن نحذر من مثل هذا الأمر، ونعرف آثاره فإنه سوف يكون من السعادة بإذن الله عز وجل، فأنصحك أن تنتبهي لهذا الباب، إن كان فيه خير فسوف يكون لك.

ودعاؤك لا شك أنه طيب، فأنت أيضًا دعوت الله أن يكون من نصيبك، فالمرأة تدعو الله أن يرزقها بالرجل الصالح، والرجل كذلك يدعو الله بامرأة صالحة، كما قال الله تعالى: {والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إمامًا}، والله جل وعلا يقول: {والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات}.

ولا حرج عليك إن كلمت إحدى قريباتك ممن تثقين فيهن بأن تعرض الموضوع على هذا القريب، ونعني بعرض الموضوع بطريقة غير مباشرة، بمعنى أن يقال له: لماذا لا تفكر بالزواج، فإن فكرت فإن الأخت الفلانية قريبتك تصلح لك.

حتى لو تم العرض مباشرة فلا حرج في ذلك أيضًا، فقد جاءت امرأة تعرض نفسها على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلم ينكر عليها ذلك، غير أن وضع المجتمع الآن لا يسمح للفتاة بفعل ذلك في الغالب إلا على نطاق ضيق جدًا.

نسأل الله عز وجل إن كان فيه خير أن ييسره لك، وإن كان غير ذلك أن يبعده عنك ويبعدك عنه، وحاولي أن ترتبطي بالله وتنشغلي بالذكر والصلاة والدعاء وحفظ القرآن، ومراجعة الذكر، فيشغلك -إن شاء الله- عن ذلك الأمر، واجعلي موضوع هذا الأمر بيد الله تعالى الذي يصرف خلقه كيفما شاء ويصرف ملكه كيفما شاء، ونسأل الله أن يكتب ما فيه خير وما فيه صلاح، وأن يوفقك سبحانه وتعالى.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً